ما هو سبب تفوق الدراما المصرية على حساب السينما؟

يعكف المصريون على متابعة القنوات الفضائية أكثر من أي وقت مضى منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك، إذ باتت البرامج الإخبارية والحوارية تتناثر بين القنوات بشكل غير مسبوق.

لكن إلى جانب القنوات الإخبارية وتلك التي تهتم بالشأن العام ظهرت قنوات مخصصة لعرض مسلسلات الدراما دون توقف، ومعها تعلق المصريون بشاشة التلفزيون وتراجعت أعداد زائري دور السينما، في هذا البلد الذي كان يلقب في السابق بهوليوود الشرق.

واستفادت الدراما التلفزيونية في السنوات الأخيرة من تردي حال السينما لتحقق قفزات جماهيرية واضحة تعززت باتجاه أغلب نجوم الصف الأول

مسلسل'حارة اليهود' حظي وحده بمتابعة فاقت جميع الأفلام التي تم عرضها في السينما هذا العام
مسلسل’حارة اليهود’ حظي وحده بمتابعة فاقت جميع الأفلام التي تم عرضها في السينما هذا العام

السينمائي لبطولة مسلسلات تعرض غالبا خلال شهر رمضان.

وتجاوز الانحدار السينمائي الحاد والصعود المقابل للدراما في مصر الممثلين المعروفين، واجتاح قطاعا أكبر من صناع السينما في مصر، كالمخرجين والفنيين الذين باتوا يفضلون العمل في الدراما التلفزيونية استغلالا لضخامة استثماراتها، مقابل التراجع الكبير في الإنتاج السينمائي وسيطرة نمط معين من المنتجين عليه.

وفي المقابل ظلت دور السينما التي لا تمتد مدة عرض الفيلم فيها أكثر من أسبوعين أو شهر على أقصى الحدود، تعاني من الركود.

وأدى انتقال عناصر سينمائية للعمل التلفزيوني إلى تحسين تقنيات الصورة نتيجة استخدام معدات العمل السينمائي في إنتاج المسلسلات.

 

وعرضت القنوات الفضائية المصرية في هذا العام ما يقرب من 50 عملا دراميا إلى الآن. ويقول منتقدون للظاهرة إن الإنتاج الكبير للتلفزيون لم يجعل تفوقه نوعيا بل عدديا فقط، ومن بين هذا العدد الهائل من المسلسلات يمكن فقط اعتبار 4 أو 5 منها أعمالا جيدة.

فيلم الجزيرة
أصبحت الأفلام العالية الجودة قليلة

وكمصر، وسعت تركيا أيضا من أعمالها الدرامية مؤخرا. وخضعت العديد من المسلسلات التلفزيونية التركية إلى الدبلجة باللغة العربية بلهجة شامية. ولم تتوقف سوريا عن إنتاج المسلسلات التلفزيونية رغم الحرب الدائرة هناك منذ ما يقرب من خمسة أعوام، إذ احتضنت عدة عواصم عربية، منها القاهرة، الممثلين السوريين الذين اعتادوا على العمل في الدراما أكثر من السينما.

لكن إلى جانب كل المعوقات أمام نموها، وقعت صناعة السينما في مصر مؤخرا ضحية القرصنة، إذ كانت الأفلام تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي حتى أثناء عرضها في دور السينما.

ورغم رداءة جودة الفيلم، راجت الأفلام المقرصنة وأنشئت لها خصيصا مواقع إلكترونية وباتت تحظى بنسب مشاهدة عالية.

ومنذ احتجاجات 25 يناير 2011 التي شهدت نزول الملايين إلى شوارع القاهرة ومدن مصرية أخرى مطالبة بإسقاط نظام مبارك، اجتهد كتاب سيناريو ومنتجون في تجسيد هذه اللحظة التاريخية في أعمال درامية، كان آخرها مسلسل “أستاذ ورئيس قسم” الذي قام ببطولته عادل إمام وعرض في شهر رمضان هذا العام.

ووسط الاختناق الاقتصادي لشركات الإنتاج السينمائي تجاوزت ميزانية العديد من المسلسلات التلفزيونية هذا العام 50 مليون جنيه مصري (7 ملايين دولار)، وهي ميزانية تفوق ضعف ما يحتاجه إنتاج فيلم سينمائي جيد.

لكن المكاسب الكبيرة من الإنتاج التلفزيوني دفعت شركات الإنتاج السينمائي للدخول بدورها في شراكة مع قنوات فضائية لإنتاج دراما تلفزيونية، فضلا عن دخول سوق الدراما الكثير من العناصر السينمائية التي منحت بريقا لصورة العمل اعتمادا على تقنيات أكثر تطورا.

(اعداد جنوبية)

السابق
المرامل تهدّد لبنان بالتصحّر… والقانون على الرّف
التالي
فرنجية في بكفيا ويلتقي الجميل