فتوتنا خيرٌ من فتوتكم

في زمنٍ مضى وانقضى، كان يطير صوابنا ونتميّز غضباً ونخرج متظاهرين لأيّ خبرٍ يذكّرنا بوجود القواعد العسكرية الأجنبية في أقطارٍ عربية مختلفة. وقد أثمر الغضب – ومعه عوامل أخرى، على الأرجح – إقفالاً متتابعاً لمعظم هذه القواعد.

في صحف اليوم خبرٌ يؤكّد توجّه بريطانيا (“العظمى” مجدّدا؟) إلى إنشاء قاعدة عسكرية لها في البحرين… وهو ما يشير إلى أنّ جلالتها تمهل ولا تهمل. فإنّ آخر قواعدها في البلاد العربية أغلقها غضبُنا (وعوامل أخرى!) سنة 1971!

في إعلام اليوم أيضاً خبرٌ يبدو أشبه بالشائعة مفاده أن فرنسا تدرس إقامة قاعدة عسكرية لها في… لبنان. ويوحي الخبر ببلوغ البحث مرحلة النظر في تفاصيل من قبيل المفاضلة بين ساحل المتن وساحل البترون موقعاً للقاعدة… أو للشائعة… وكان قد تمّ جلاء القوّات الفرنسية عن هذه البلاد – على ما يفيد نهر الكلب! – في ختام العام 1946.

قاعدة عسكرية في السعودية

وأمس صفّق الناس حولنا بما يشبه الإجماع لتوسيع روسيا قاعدةً لها على الساحل السوري، صفّق بعضهم لاعتباره الإقدام الروسي دعماً للنفوذ الإيراني في الهلال الخصيب! وصفّق خصوم هؤلاء لاعتبارهم هذا الإقدام تقليصاً للنفوذ المشار إليه ودفعاً لدور إيران ومشايعيها إلى الظل.

هذا وتلعب في السموات الممتدة بين عدن والموصل وبين بغداد وطرابلس الغرب أسراب طيران حربي، بتنا ننظر إليها على أنها أسراب حمام ولا نأبه إن كانت بطيّارٍ أو بلا طيّار ولا نميّز بين أنواعها ولا بين الجنسيّات.

يحصل هذا كلّه ويقاتل بعض أهل البلاد مع هؤلاء وبعضهم مع أولئك… يتقاتلون ولا يخرج للتظاهر أحد!

لا أميل إلى استنهاض الهمم فهي ناهضة كيفما كان ولا إلى إيقاظ العصبيات فهي مستيقظة للغاية.

ولكن ليُسمحْ لي بالقول أن فتوّتنا، على علاّتها الكثيرة، كانت خيراً من شيخوختنا… ومن فتوّتكم!

السابق
ميريام كلينك تسرق جو رعد!
التالي
8 قتلى بسبب الكبتاغون اليوم… أين الإعلام الشامت بالأمير السعودي؟