ماذا لو كان الحُسين حيّاً؟!

عاشوراء

عندما مات النّبي صلى الله عليه وسلم، وقف أبو بكر خطيباً: “أيّها النّاس، من كان يعبدُ محمّداً فإنّ محمّداً قد مات، ومن كان يعبدُ الله فإنّ الله حيّ لا يموت.”كلّ دعوةٍ قامتْ في هذه الأرض انقسمتْ بالضرورة إلى قسمين: أشخاص وأفكار !

ولطالما كانت الأفكار أهمّ من الأشخاص، حتى محمد العظيم ليس أهم من الفكرة التي جاء بها، والله لم يخلق فكرة الإسلام لأجل شخص محمد، وإنما خلق شخص محمد لأجل فكرة الإسلام، ومحمد العظيم قبل موته ربّى أصحابه على الارتباط بالفكرة لا بالشّخص، لهذا عندما مات لم تمت الفكرة التي جاء بها، وإنما دخلت مرحلة أخرى من مراحل التّطبيق على أيدي الذين تربوا جيداً على أن الفكرة أهم من صاحبها، وعندما عزل عمرُ خالداً عن قيادة الجيش، قال خالد: “أنا لا أُقاتل من أجل عمر وإنما من أجل رب عمر !”وهذا هو أعمق فهم للإسلام، أن يكون محور إيماننا الفكرة لا الشخص مهما كان عظيماً !

يقول علي شريعتي: “الحُسين حيّ يُرزق، لا يحتاج لمن يبكيه، وإنما يحتاج لمن يمشي على دربه !”

إن كان الحُسين بمفهومنا مجرّد شخص، فإنّ الشخص مع أخيه سيّدا شباب أهل الجنة، جدّه رسول الله، وأمه من سيدات نساء العالمين، وأبوه فارس مغوار وعالم نحرير، والحسين الشخص قضى في واحدة من أبشع الجرائم في تاريخنا، وقُضي الأمر !

وإن كان الحُسين بمفهومنا فكرة، فالفكرة لا تموتُ، وإنما تُحتذى !

فما الفكرة التي استشهد في سبيلها الحسين، ليخبرنا عنها بنفسه:

“إنّي لم أخرج أشِراً ولا بَطِراً، وإنّما خرجتُ للإصلاح في أمة جدّي رسول الله !”

كان يقف في وجه الظلم، لهذا كل شخص يقف في وجه طاغية إنما يمشي في ركب الحُسين ولو صلّى واضعاً يديه على صدره، وكل شخص يدافع عن طاغية يمشي في ركب قاتلي الحسين ولو صلى مسبلاً يديه على جنبه !

ماذا لو كان الحسين حيّاً اليوم ؟!

مع من كان سيقف في القضايا التي تدور

مع البرميل المتفجّر أم مع الطفل المُبعثر ؟!

مع حملة بوتين المقدّسة التي باركتها الكنيسة أم مع أصوات المآذن في حمص وحماة وحلب

عاشوراء مدرسة لاستخلاص العِبر، لا لتأجيج الأحقاد.

لعن الله من أمر بقتل الحسين، ومن نفّذ، ومن رضي !

ولكن لا يوجد أقبح من التوظيف السياسي للدم إلا التوظيف الطائفي !

التوظيف السياسي لدم عثمان هو الذي حقق شرخاً صغيراً في الأمة، دفعنا ثمنه آلاف القتلى من الطرفين، طرف معاوية وطرف عليّ، وليس فينا من لا يقول أن عليّا صاحب الأمر، وليس لمعاوية أن يخرج عليه !

ولكن التوظيف الطائفيّ لدم الحسين هو الذي أحدث شرخاً كبيراً، وأوقد ناراً مستعرة نكتوي بها جميعاً !

لم يسعَ أحد من بني هاشم في ثأر الحسين وقتها وهم أولياء الدم، أما وقد مات قتلته فليس لأحد أن يسعى في ثأر عند غيرهم.

كلنّا أصحاب ثأر في الحسين

نثأر له عندما نمشي في دربه

وعندما نموت كما مات، ثابتاً راسخاً في وجه الطغاة، دفع دمه ليخلعهم لا ليُثبّتهم!

المصدر: الوطن القطرية

السابق
بالصورة: نجاد يبكي على مرافقه الذي قتل قبل أربعة أيام في حلب
التالي
سماع دوي انفجار داخل الطرف الشمالي لمزارع شبعا المحتلة