يسقط الشعب.. لتحيا الشبيحة

يبدو أنّ النظام الطائفي اللبناني، القائم على المحاصصة الغنمائية، لم يعد قادراً على تقديم حلول للمشاكل التي يمر بها البلد، وأن القائمين عليه ما زالوا قاصرين بالسياسية، بحاجة إلى أستاذ أو مدرب يوجههم.

إذا كان النموذج اللبناني هو الملهم الذي يجري تعميمه في المنطقة العربية، وهو نموذج قائم على النزاع المستمر بين مكوناته الاجتماعية، أي حروب أهلية مستمرة بسبب قصور مكوناته عن تقديم تسوية ما. والدليل ما نشهده في العراق وسورية واليمن، معطوفاً على محاولة كل مكون للاستقواء بالخارج الذي يفرض الشروط المناسبة لنفوذه.

لكن الزعماء اللبنانيون اكتسبوا خبرة أيام كانوا يخدمون “المحرومين” غازي كنعان ورستم غزالة، اللذين عملا مندوبين ساميين لدولة الممانعة (السورية) وبوكالة من الشيطان الأكبر (الولايات المتحدة الأميركية) والخبرة تتعلق بأسلوب التعامل مع رعاياهم وقتوم الخبرة على فكرة: “إذا كنت لا تريد أو غير قادر على تلبية مطالب الآخر إضربه بقوة، إقمعه بقوة، إمنعه من التعبير ومن حقوقه الدستورية”.

ما تبقى من مؤسسات دستورية في لبنان غير قادرة على إدارة البلاد وغير قادرة على الاستمرار، الوزراء يتشدقون بالدستور وبحق التعبير والتظاهر ولا يجدون سوى القمع وسيلة لإقناع الجمهور.

القوى السياسية السلطوية تعلن بلسان كاذب أنها مع ما يطرحه الشعب، لكنها تلجأ للعنف ضد الشعب.

الحملات تطالب بحل مشكلة النفايات وزعماء الطوائف مشغولون بتقاسم حصصهم وإذا أرادوا حلّ مشكلة النفايات مع رئيس جمهورية مغيّب، ومجلس نيابي معطل، وحكومة مشلولة، كل وزير يتصرف وكأن الوزارة إمارة ورثها عن أبيه.

إقرأ أيضًا: هل يزهر ربيع لبنان من بين أكوام النفايات؟
آلاف من المواطنين يحتلون الشوارع ويهتفون ضد زعماء الطوائف، لكن يبدو أن المواطنين لا يعرفون مع من يتكلمون. لا يوجد أمام أصحاب المحاصصة سوى القمع لأنهم لا يملكون إجابات ولا مهارات لمعالجة مشاكل الوطن والمواطن، المهارة الوحيدة التي يجيدونها هي مهارة نهب المال العام.

المحاصصة وصلت إلى الأجهزة الأمنية صار لكل زعيم حصته في كل جهاز من الأجهزة. بتظاهرة أمس كان نقيب في قوى الأمن يصدر أمراً لعناصره فينفذون أوامر أخرى، وصلتهم من زعمائهم ومسؤولين الفعليين.

إذا استمر العجز من قبل زعماء الطوائف، فانهم سيتحولون إلى مساجين عند مماليكهم. وإذا ثاروا فسيكون لكل زعيم حصة من الأجهزة الأمنية تلحق به إلى إقطاعية، وعندها تنتقل إلى الفوضى، لكنها فوضى خلاقة تلك التي يلعنوها ويشتموها ليل ونهار ويجرون البلاد والعباد إليها.

الشباب في الشوارع، وزعماء الطوائف تتحاور وتصل بعد عشر أعوام من الحوار إلى نتيجة واحدة وهي: الحوار مفيد وضروري.

كان السلطان العثماني محمد الفاتح يدك أسوار القسطنطينية وكان الكهنة  البيزنطيون مشغولون بجنس الملائكة، ونحن نموت تحت النفايات وزعماء الطوائف مشغولون: هل يجرون انتخاب رئيس للجمهورية أولاً أم انتخاب المجلس النيابي أولاً.

المواطنون حملوا صليبهم ومشوا ليكون مشنقة لهم كي يبقى لدينا ملك غير متوج وشبيحته إلى جانب “المشنوقين”.

السابق
بالفيديو.. محطّات هروب الأسير
التالي
عون بعد اجتماع التكتل: بما أن هناك قانون انتخابات تتوافق عليه الأكثرية أعتقد أن الحل أصبح معقولا