موسكو تترقب حدثًا في سورية وتفاجئ تهران

روسيا في سوريا
روسيا تفاجئ الأصدقاء والخصوم برسائلها. مناورات عسكرية وإنزال إعلامي غير مسبوق. روسيا أحست بالخطر فأسرعت لتثبيت دورها. وحجز حصتها في الحل السياسي. استعدادًا لمرحلة ما بعد الأسد. ذلك هو السرّ.

هل صحيح أن روسيا تعمل لحماية الأسد؟ سؤآل طالما أثار عاصفة من الآراء والتحليلات التي لم تنتهِ. ومعلوم أن روسيا ساندت النظام في سورية منذ بداية الثورة في آذار 2011. وعملت على عسكرة الحل. ثم تسييسه حينما أحست بعدم جدوى الدعم. ولكن الضجة الإعلامية التي تحرص على إشاعتها الآن عن دعمها المطلق لسورية الأسد هي رسالة واضحة إلى واشنطن وأوروبا وغيرها مفادها:

إقرأ أيضاً: حزب الله ينتظر مباركة الشيطان الأكبر

أوﻻً: أن موسكو موجودة بقوة في أي حل يمكن وضعه لمرحلة ما بعد الأسد. خصوصًا في ظل تضعضع القوى المعارضة والتي لن تجتمع على برنامج سياسي وأمني. والصورة ضبابية وغير واضحة المعالم لمرحلة ما بعد الأسد، فحصة روسيا ﻻ تحددها المعارضة وإنما قوة موسكو على الأرض.
ثانيًا: رسالة إلى أوروبا، لتكون روسيا شريكًا في أي مشاريع مستقبلية من نفط وغاز لتمريرها إلى القارة الباردة. لن تمر بدون بصمة روسية واضحة، والأرض دائمًا تقرر في الحروب وليس “السماء”. وهذا ما تلقفه وزير الخارجية الألماني الذي أكد على ضرورة إشراك روسيا في أي حل مستقبلي في سورية.
ثالثًا: رسالة روسية واضحة إلى تهران. إن التفاهم النووي مع الشيطان الأكبر يعطيها دورًا مميزًا في الحل السوري. ولكن لن تسمح روسيا أن يكون هذا الحل على حسابها. فالمصلحة الروسية أوﻻً. ويلاحظ المراقبون أن حال التدخل ودوري كل من روسيا وإيران وكأنهما في حال صراع بين شد وارتخاء لتحقيق المغانم.

مناورات-بحرية-روسية
أما المؤشرات الداعمة لهذا التوجه الروسي. فتأتي في مقدمها المناورات العسكرية الروسية في المتوسط بين الساحل السوري وسواحل قبرص التي أخذت عِلمًا روسيًا بإجرائها. وتعزيز الوجود العسكري الروسي للتأكيد على الإمساك بالأرض، والعمل الروسي الجاري على قدم وساق لحوار الأفرقاء السوريين في موسكو. وإعلانها أكثر من مرة أنها ﻻ تتمسك بالأسد كشرط حين وضع الحلول والعمل على عقد جينيف 3، الذي كان شبه مرفوض روسيًا.

إقرأ أيضاً: موقف روسيا وإيران على المحك تجـاه نظام يتداعى في سوريا
روسيا تترقب حدثًا ما، خصوصًا بعد هذا الصمود الكبير الذي أثبتته الزبداني في وجه الميليشيات اللبنانية والعراقية والإيرانية والجيش الأسدي. وهو ما بدأ يطرح علامات استفهام حول هشاشة هذه القوى، وبنيتها العسكرية. فهل يعقل أن يصمد 1000 مسلح من أهالي الزبداني في وجه أكثر من 15000 من هؤﻻء المهاجمين بما يمتلكون من دعم لوجستي بري وجوي. وصواريخ أرض-أرض وقنابل فراغية محرمة وطيران؟
يترافق هذا الحراك العسكري – الإعلامي الروسي مع سقوط إدلب بكاملها بيد المعارضات. وتقدم الثوار في الغوطة الشرقية بريف دمشق، وطرد رموز النظام وشبيحته من السويداء وجبل العرب بعد اغتيال الشيخ وحيد البلعوس. وﻻ ننسى سيطرة المعارضات على مسافات من طريق دمشق-حمص. وثبات خطوط التماس التي باتت تقليدية، بدءا من دوما في ضواحي دمشق. مع كلام جدي عن هجوم وشيك على الحسكة.

إن هذه التطورات كلها وضعت موسكو أمام واقع جديد. ولعلها تعرف وتقدر طبيعة الأوضاع العسكرية أكثر من دمشق. وكأنها تترقّب حدثًا غير عادي بات محسومًا. لذلك تدخلت إعلاميًا بعد وجودها ودعمها العسكري المعروفين بالأرقام، لحجز حصتها ومكانها في مرحلة ما بعد الأسد. لأن موسكو لم تجد أنّه من اللائق أن تقرر بعض الفصائل العسكرية وجبهة النصرة دور وحصة روسيا في مرحلة ما بعد الأسد.

إقرأ أيضاً:  هذا هو التكفيري الحقيقي

السابق
22 قتيلا في غرق قارب المهاجرين قبالة السواحل التركية
التالي
إرجاء محاكمة الاسير ووكلاء الدفاع يستمهلون لتقديم الدفوع