في مديح «الرجعية العربية»: أحنّ على فلسطين من «الممانعة»

الملك فيصل والسادات
تبرعت السعودية بمبلغ 35 مليون دولار في محاولة لسدّ عجز الأنروا (وهو مبلغ زهيد حقاً)، لكن لماذا لم نسمع بدولة من دول الممانعة تتبرّع ولو بدولار واحد في سبيل منع تشرّد حوالي نصف مليون طالب فلسطيني.

سنوات ونحن نشتم “الرجعية العربية”، وهذه “الرجعية” هي التي استقبلت مئات آلاف الفلسطينيين، بينما الدول “الثورية” كانت تضاعف من عدد سجنائهم. لنعترف أخيراً أن هذه “الرجعية”، (وربما لا نوافق على أنّها رجعية) السعودية تحديداً، هي التي قدّمت تمويلاً سخياً لحركة فتح العام 1966، الذي كان عام الانعطافة التاريخية الحاسمة في الصراع داخلها (راجع يزيد صايغ: الكفاح المسلح …). ومن أراضي “الرجعية” انطلقت الثورة الفلسطينية المعاصرة ابتداء بحركة فتح وانتهاء بحركة حماس (راجع حوار غسان شربل مع خالد مشعل). ورغم ذلك لم تؤسس هذه “الرجعية” أيّ فصيل فلسطيني لتقاتل به فصيلاً آخر، أو لتمدّ من خلاله نفوذها، كما فعلت الدول “الثورية”.

إقرأ أيضاً: مشروع بصمة.. خارطة فلسطينية من دون أي تقسيم

أمريكا انقطاع النفط

ومن عجائب الدهر أن “الرجعية” اتخذت أكبر خطوة ثورية في تاريخ الصراع حين قطعت إمدادات النفط عام 1973، وهو ما لم تفعله أيّ دولة “ثورية” في تاريخها. “الرجعية” اتخذت قراراً ثورياً آخر حين أقرت في منتصف السبعينيات مبلغاً مالياً سنوياً للضفة الغربية مقداره 350 مليون دولار، بإدارة فلسطينية وأردنية مشتركة، وكان ذلك رداً على سياسة الأبواب المفتوحة التي أقرّتها “إسرائيل” بهدف تطبيع حياة أهالي الضفة مع الاحتلال. واستمرّ الالتزام بهذا المبلغ حتى حرب الكويت العام 1990.

قد ينتقد كثيرون أوضاع الحريات وحقوق الإنسان في الدول “الرجعية”، وهذا محقّ، لكن إذا ما قورن بوضع الحريات في الدول “الثورية”، فإنّ “الرجعية” تبدو أكثر رحمة بكثير. فخذ مثلاً أبناء جهيمان العتيبي الذي ثار العام 79، وكفلتهم الدولة بعد مقتله. أما أبناء أسامة بن لادن فعاشوا كراماً في السعودية، وكذلك إخوته.

إقرأ أيضاً: نصرالله : طريق فلسطين تمر عبر سوريا…
ليس دفاعاً عن هذه الدول التي سميناها يوماً “رجعية”، ونحن نعلم أنها لا تستطيع التطوّر، ولا حتّى الاستمرار، إن لم تحدث تغييرات عميقة في نظامها، بل هو تقبيح لأنظمة “ثورية”، لم تمنحنا يوماً إلا مزيداً من القبور، لا المقابر.

السابق
قصة إيران والثوب والخيّاط
التالي
الجيش : تمارين تدريبية في مناطق عدة