بيروت مستهدفة

أخطر ما كشفته أزمة الزبالة، ليس روائح صفقات الطبقة السياسية التي حوّلت البلد وحياة الناس وصحّتهم إلى شبكة لمصالحها وفسادها. فهذا أمر معروف ومتواطأ عليه وطنيّاً.
ولا الأخطر هو تفكّك مفهوم الدولة– الوطن عند المواطنين. فهذا أمر ليس طارئاً وقد غذّته المذهبيّة وجعلته مقبولاً.
وليس الأخطر هو النزعة المناطقية ومجاهرة المناطق برفض أن تُحل الأزمة في أراضيها. فهذا الأمر مُعاد ومقرون بالإحساسَ بأنَّ “الدولةَ” لا تُقدِّم حلولاً، إنّما توزّع الأزمات والمشكلات بشكل ارتجالي على المناطق.
وليس الأخطر هو تصرّف فئات واسعة من المواطنين كأن الدولة غير موجودة، وأضعف من أن تُنفِّذَ القانونَ وتُعاقِبَ المخالفين، وأقل من أن تُحترم. فهذا مشهد مكرر فقدت مسرحيّته أي جاذبية، وإن كانت ما زالت خطيرة.
وليس الأخطر حفلة المزايدات البلدية والمذهبيّة لأسباب انتخابيّة وسياسية ومحليّة. فهذا العرس متواصل.
ولا الأخطر هو قدرة الزعماء على تحريك هذه المنطقة وتلك الوسيلة الإعلامية وذاك البوق وتلك المجموعة، بالريموت كونترول. فهذه حقيقة نعيشها ولا حاجة إلى جهد لإثباتها.
الأخطر هو التعامل مع بيروت كمنطقة وليس كعاصمة للبنان واللبنانيين… وزبالتها وطنيّة.
ومصدر الخطورة هو التوجّس من الزبالة، وتنامي النزعة التقسيميّة في ظل أزمة النظام اللبناني وما تشهده المنطقة من إعادة رسم للخرائط والدول والإنسان.
كأنّ بيروت بكل ما تعنيه أولى ضحايا ذلك، أو أول المستهدفين من سياسة الزبالة.

(تغريدة)

السابق
ما هي مضار استخدام المكيّف في الصيف؟
التالي
إصابة 4 عناصر من قوى الأمن أثناء تفريق المتظاهرين في الجية صباحا