خامنئي والحرس الثوري يهدّدان برفض «اتفاق فيينا» النووي

علي خامنئي
فيما اتخذ اتفاق فيينا الذي أبرمته إيران والدول الست الكبرى حول ملفها النووي، طابعاً دولياً الأسبوع الماضي، بعد مصادقة مجلس الأمن بالإجماع عليه، ما يمهد لتطبيقه خلال الأشهر المقبلة ويوفّر لإيران الخروج من العزلة الدوليّة... فإن ما برز في الأيام الماضية هو ظهور ردود فعل سلبية من الداخل الايراني تنتقد الاتفاق المذكور، خاصة من المؤسسة العسكرية الكبرى في البلاد وهي "الحرس الثوري"، وكذلك من بعض الشخصيات الوازنة والمقررة داخل الجمهورية الاسلامية.

 

كان لافتا تصريح مرشد الثورة السيد علي خامنئي بعد يومين من توقيع اتفاق فيينا الذي قال فيه أن بلاده سوف تبقى تجابه “الغطرسة الأميركية”، وهو ما ردّ عليه وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس فاعتبر أن تصريحات خامنئي هذه “مقلقة للغاية ومزعجة، وهذا أحد أسباب لقائي المزمع مع القادة الخليجيين، وهو أحد أهم الأسباب التي تجعلنا مهتمين أكثر بأمن وسلامة الخليج. ونحن جادون جدا في جهودنا لمكافحة الإرهاب والوكلاء الذين يلعبون أدوارا مخرِّبة في المنطقة”.

جعفري: بعض بنود الاتفاق النووي تجاوزت الخطوط الحمراء

كما يتطلّع المراقبون باستغراب الى تصريح الرئيس الإيراني أمس، حسن روحاني الذي دافع فيه عن نفسه في مجابهة حملة المحافظين الايرانيين ضدّ الاتفاق قائلا “أننا نسعى إلى إنهاء الاكراه والعقوبات ضد إيران”، مشيرا الى أنه قال مرارا للفريق الإيراني المفاوض عندما كان في فيينا وجنيف أن يترك طاولة المفاوضات! مؤكدا أنه “يجب إتباع تعليمات مرشد الثورة الايرانية السيد علي خامنئي والحذر من أن يوجد الإتفاق النووي إنقساماً في إيران”.

اقرأ أيضاً: خفايا حياة خامنئي (1): الوجه الآخر للزعيم الزاهد

أما الاسباب التي حدّت بالرئيس روحاني ان يقف هذا الموقف الدفاعي المحرج، والذي كاد فيه أن يتبرّأ من بنود الاتفاق بعد مظاهرات الفرح الشعبية واعلان الانتصار السياسي الرسمي لطهران على واشنطن وحلفائها. فإن أبرز هذه الاسباب هو تصريح الجنرال محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري الذي هاجم اتفاق فيينا بشكل عنيف وصريح قائلا: “بعض بنود الاتفاق النووي تجاوزت الخطوط الحمراء”، وهو ما عدّ بأنه تهديد باعلان الحرس الثوري الإيراني عن تمرده على هذا الاتفاق، لأنه “يقيد القدرات التسليحية لإيران” على حدّ تعبيره.

خامنئي: سوف تبقى ايران تجابه “الغطرسة الأميركية”

كما كتب حسين شريعتمداري رئيس تحرير صحيفة “كيهان” المرتبطة بشدة بالمرشد الايراني علي خامنئي: “حتى بمجرد النظر إلى الاتفاق يمكنك أن ترى أن بعض الخطوط الحمراء الأساسية للجمهورية الإسلامية لم يتم الحفاظ عليها”. لكنه اضاف “قالت إيران على الدوام إن قرارات مجلس الأمن الدولي غير قانونية لكن بقبول القرار الجديد فنحن نقرها جميعا”.

والجدير ذكره أنه بعد تصويت مجلس الأمن على القرار الرقم 2231 الذي يمهّد لإلغاء العقوبات الدولية المفروضة على إيران، قالت المندوبة الأميركية سامانثا باور، إن رفع العقوبات “سيبدأ فقط عندما يتم التحقق من أن إيران نفذت الخطوات الأولى الضرورية لتجعل برنامجها النووي في سكة الاتفاق”، منبّهة إلى أنه في حال عدم التقيد بالاتفاق “تمكن إعادة العمل بكل نظام العقوبات”. وأضافت أن الولايات المتحدة “ستواصل الاستثمار في أمن حلفائها بالمنطقة، وسنُبقي عقوباتنا المرتبطة بدعم إيران الإرهاب وبرنامجها الصاروخي”.

اقرأ أيضاً: خفايا حياة خامنئي (2): فريق حمايته وأسفاره وتجاراته

هذا وأعلنت الخارجية الإيرانية أن طهران “ملزمة تطبيق التزاماتها” في إطار الاتفاق، مستدركة أن “لقدراتها العسكرية، خصوصاً الصواريخ الباليستية، هدفاً وحيداً دفاعياً، وبما أن هذه التجهيزات لم تُعَدّ لنقل أسلحة نووية، فهي خارج اختصاص قرار مجلس الأمن”.

علي خامنئي

ونتيجة لما تقدّم، يبدو ان الحالة السياسية في ايران مرشّحة لمزيد من التصدّع والخلاف حول اتفاق فيينا النووي، واذا كانت كل التحليلات تصب في خانة ان الكلمة الاخيرة في طهران هي للمرشد وحليفه مؤسسة “الحرس الثوري”، فان الغموض يلف ما مصير هذا الاتفاق في ظل حديث عن امكانية رفضه من قبل البرلمان الايرني وعدم المصادقة عليه، ليعود بذلك الملف النووي الايراني الى نقطة الصفر.

السابق
حرائق مدينة آثمة حين يحل البارود مكان الورود
التالي
جويل حاتم بالبكيني…