الـ «إنتربول» يحيل إلى القضاء اللبناني ملفاً كبيراً ستكون نتائجه مدمّرة

بعد فضيحة التلاعب بنتائج المباريات الشهيرة في كرة القدم اللبنانية، لم يجد «الاتحاد اللبناني» سوى لجنة تحقيق أجنبية لوضع حدّ للآفة، فعهد إلى الأردني فادي زريقات إجراء ما يلزم وتوصل إلى إدانة 24 لاعباً وإدارياً من دون كشف أي تفاصيل، إلى عدم ذكر أي معلومات تتعلق بالألعاب الأخرى التي يخترقها التلاعب بالنتائج لمصلحة «مافيا المراهنات».
يومها، وحده «اتحاد كرة القدم» تجرّأ بالتصدي للموضوع، وكانت هناك قناعة شبه تامة بأن العدد المتورط أكبر من ذلك بكثير، لكن الأدلة كانت ضعيفة وغير متوفرة، ورغم الجهود الكبيرة التي قام فيها «الاتحاد» بالتصدي للموضوع، كان القضاء اللبناني غائباً كلياً، علماً بأنه لا يحتاج إلى تلقي دعوى للتدخل، لأن مجرد صدور الأحكام عن «الاتحاد» كان كافياً لاعتباره إخباراً يستدعي التحقيق فيه وتكليف دائرة التحري ومكتب مكافحة القمار إجراء اللازم، لأن مجرد ذكر اسم «مخفر حبيش» أمام المتورطين كان كافياً لكشف كل المعلومات.
اليوم، يبدو أن ملف التلاعب سيعود إلى الواجهة مجدداً ويبدو أن مَن لم تطلهم مقصلة الإيقاف سيكونون عرضة للعقاب ومعهم أولئك الذين لم يرتدعوا ومازالوا يلعبون بمشاعر الجمهور الوطني على أكثر من مجال، كما أن المعلومات تقول بأن كرة القدم لم تعد وحدها في الميدان بل إن ثلاث العاب كبرى أخرى بينها كرة السلة والكرة الطائرة ستكون في خضم «الزلزال» الذي كثر الحديث عنه في الأيام الأخيرة. فماذا هناك؟
الـ «انتربول» والقضاء اللبناني
قبل ثلاثة أشهر وخلال مناسبة آسيوية رسمية رفيعة، نقل ناشط لبناني معروف عن رئيس هيئة أمنية رياضية عالمية أن ثمة ملفاً بات جاهزاً لدى الـ «إنتربول» يتحدث على التلاعب والمراهنات والرشى في الرياضة اللبنانية، وتحديداً في كرة القدم وأننا مقبولون على أزمة حقيقية يجب التحضير لها والتعامل معها بحزم.
وقبل أسبوع، توضحت هذه الصورة وانقشعت الرؤية بحيث قام الـ «انتربول» الدولي بتحويل الملف إلى القضاء اللبناني الذي بات عند المدعي العام التمييزي سمير حمود الذي أحاله إلى القاضي شربل أبي سمرا.
وتقول المعلومات إن الملف ضخم جداً ويضمّ أسماء لاعبين وإداريين وحكام ومدربين ومسؤولين كبار تورطوا فيه، لكن المفاجأة كانت تناول ألعاب لم يسبق أن أشير إليها من قبل.
المراهنات هي الأساس
بات واضحاً أن آفة المراهنات تفشت بشكل واسع في الشارع اللبناني وانتشرت لدى الذين يحبون الرياضة والذين لا يحبونها، وأضحى بعض المسنين يراهنون على مباريات في الدوري النمساوي أو التايلاندي خلال استخدام بعض المكاتب المشروعة وغير المشروعة وباستعمال حسابات سرية عبر دول خارجية. وتعتبر شركات المراهنات مشروعة في ما يخص المنافسات الرياضية وأحداث يومية أخرى في العالم، ولكن
يختلف الأمر عن التلاعب المحظور بنتائج المباريات. إذ تطارده الاتحادات المحلية والعالمية وصولاً إلى منظمة الشرطة الجنائية الدولية الـ «إنتربول».
وتفيد معلومات الـ «إنتربول» بأن 500 مليار دولار تضَخّ سنويّاً في عمليات المراهنات على الأنشطة الرياضية في العالم. وأن مباريات كرة القدم تأتي في المقدمة وقد أسهمت في الأمر سهولة الرهانات عبر المواقع المنتشرة في الـ»إنترنت».
وفي لبنان، حتى المراهنات هي غير مشروعة، ويعمد عشاقها إلى التنقل بين مواقع الشركات العالمية الكبرى.
شراء المباريات، شبحٌ اسود يخيّم على مجتمع المستديرة اللبنانية منذ سنوات طويلة، وأبطال هذه الآفة معروفون بمعظمهم. هم لاعبون وحكام ورؤساء أندية وإداريون. تحوم الشبهات اليوم حولهم من دون أدلة ظاهرة.
الفساد يعشّش في الرياضة اللبنانية وأخذ منحى مختلفاً مع بزوغ نجم شركات المراهنات، حفنة صغيرة من الدولارات هي رواتبٌ شهرية للاعبين يعيشون في فقر مدقع، رضخوا لمغريات عصابات التلاعب وأصبحوا يتحكمون بنتائج المباريات في مقابل منفعة أكبر.
بات لبنان أرضاً خصبة للاحتيال وتحصيل أرباحٍ طائلة، وأصبح متعارفاً عليه أن كل مباراة رسمية أصبحت هدفاً لوكلاء المراهنات ووسطائهم المنتشرين داخل المستطيل الأخضر وخارجه.
كيف تتم المراهنات
في عالم المراهنات، لا يتوقف الأمر على نتيجة المباراة فقط، بل يتعداها إلى الرهان أحياناً على عدد الركلات الركنية المحتسبة في الشوط الأول مثلاً، عدد البطاقات الصفراء في الشوط الثاني، وصولاً إلى اسم مسجّل أول هدف في المباراة، وكذلك في كرة السلة وعدد الثلاثيات المسجلة وفارق النقاط، وايضاً في الكرة الطائرة حول عدد الأشواط والضربات الساحقة.
لبعض العصابات وسطاء في الداخل يراوح حضورهم في اللعبة بين لاعبين وفنيين وإداريين يستغلون علاقاتهم المباشرة باللاعبين لفرض نتيجة تصبّ في مصلحة الرهان المتّفق عليه، وهكذا يتمّ التلاعب بنتيجة المباراة.
العصابات الأساسية الناشطة حالياً، يقدر عددها بين 30 إلى 50 عصابة تحمل هوية آسيوية أكثرها تأثيراً يأتي من ماليزيا وسنغافورة وإندونيسيا وتايلاند. تضاهي بعملها تلك العصابات التي عملت في هذا المجال في ألمانيا وإيطاليا، حيث كانت أكبر الفضائح في الأعوام القريبة الماضية.
الأكيد، أن هذه العصابات ترى في كل بلدٍ آسيوي هدفاً لها، وكل مباراة دولية ودية أو رسمية، وكل مباراة ترتبط بمسابقات الاتحاد الآسيوي، هي مشاع لجريمة تلاعب، خصوصاً أن الأمور أسهل في القارة الصفراء، حيث لا تبدو الرقابة بشدّة تلك الموجودة في أوروبا.
يبقى، أن إعادة فتح الموضوع قبل انطلاق الموسم في الألعاب الرئيسة قد يقلب الأوضــــاع رأساً على عقب، إلا أن المرجو من نتائجه الإيجابية تصحيح الأوضاع وإبعاد الرياضة اللبنانية عن «آفة المراهنات» المدمّرة، التي لو كتبت لها مواصلة سيرها فسيكون مصير الرياضة اللبنانية كافة في مهب الريح.

(السفير)

السابق
6 أمور حساسة ترفضها كل زوجة أثناء الجماع.. احذروا الثالثة
التالي
ملف حزب الله (11): البعد الغيبي في روايات ظهور المهدي