فرنجيه لعبها بإتقان ولو ضمن الانسداد هل من «خطة – ب» بعد طيّ الشارع؟

سليمان فرنجية

حين أخرج حلفاء زعيم “التيار الوطني الحر” العماد ميشال عون انتقاداتهم الى العلن على اثر التظاهرة التي أرادها ضغطاً سياسياً وشعبياً داعماً لمطالبه جنبا الى جنب مع توجيه رسالة الى خصومه بانهم لا يزالون يدعمونه ولم يتخلوا عنه ما لا يسمح باستهدافه ويساعده على الخروج من المأزق الذي وضع نفسه فيه، طفت على سطح الأزمة العلاقة بين مكونات 8 آذار على نحو نادر اذا صح التعبير استناداً الى ان المطروح دوماً على مشرحة التحليل والبحث هو العلاقة بين مكونات 14 آذار التي كانت تدافع عن نفسها بانها مجموعة أفرقاء وليس كما خصمهم في المقلب الآخر. فالنائب سليمان فرنجيه سدد سهاماً قاسية حيث سقط زعيم التيار وصهره وزير الخارجية جبران باسيل في اخطاء تكاد تكون مميتة في ما سمي معركة استرداد “حقوق المسيحيين” بحيث حظي منطقه الرافض للكثير مما ساقه زعيم التيار مضموناً وأسلوباً باستحسان وتأييد على المستوى السياسي. ووصف البعض تصويبه الموقف المسيحي في قوى 8 آذار من رئاسة الحكومة ومن طبيعة المطالب المطروحة بأنها خطوة ذكية التقطها النائب فرنجيه في الوقت المناسب استناداً الى جملة أمور من بينها حرق العماد عون أي جسور محتملة لوصوله الى رئاسة الجمهورية فيما وراثة رئاسة التيار التي خاض الوزير باسيل المعركة الأخيرة لكسبها في وزارة الخارجية وفي مجلس الوزراء والشارع من أجل استحقاقها فتحت الباب على الغارب أمام وراثة شعبية التيارالمفتوحة أصلاً منذ بعض الوقت والتي لم تسقط من الاعتبارات التي أملت وتملي اعلان النوايا بين التيار الوطني والقوات اللبنانية مثلاً. ووراثة شعبية التيار أمر مهم انطلاقاً من أن الاستعداد للمرحلة المقبلة مسيحيا على الأقل لا يستند فقط على التنافس على موقع رئاسة الجمهورية الذي تتحكم فيه اعتبارات خارجية وداخلية على عكس ما هو عليه واقع الحال بالنسبة الى الصراع على المسيحيين، بل على محاولة كسب غالبية الرأي العام المسيحي خصوصاً مع النية لتخلي العماد عون عن رئاسة التيار الوطني وسط كلام عن معارضات داخلية من المرجح أنها ستفتح الباب على توقعات بانقسامات كبيرة. وبغض النظر عن حظوظ النائب فرنجيه في الرئاسة الاولى باعتباره أحد المرشحين الاربعة الذين جمعهم البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي على انهم الأبرز لهذا المنصب والتي لا يراها كثر قوية استناداً الى الاقتناع بأنه أياً تكن اتجاهات الأمور الاقليمية والدولية فان رئيساً غير توافقي لن يكون محتملا في لبنان وهناك اسماء عدة معروفة لا تزال متداولة ولا تذكر لعدم حرقها غالباً، وهو لا يقع في هذا الموقع، الا انه ووفق المعادلة التي يقول بها فرنجيه نفسه أي لا رئيس إلا من فريق معين بناء على اقتناعه بانه لن يكون هناك رئيس إلا بفوز محور اقليمي على آخر، فانه قدم نفسه أكثر الى الواجهة من خلال مواقف انتقادية لحليفه وفي جملة مواقف توافقية.

الآن وعلى رغم استمرار نواب ومسؤولي التيار الوطني الحر بالقول بإن ما حصل الاسبوع الماضي لم يكن سوى البداية وان هناك تصعيدا متوقعا في المدى المنظور، فان مصادر سياسية لا تتوقع ذلك اذ ان حركة التيار في الشارع أخذت مداها وليس مرجحاً ان تتطور او ان تعيد نفسها أقله في سياق الأزمة الراهنة لأن موضوع الشارع كان مخيباً جداً وارتد سلباً بكل ما للكلمة من معنى. لكن ليس من المرجح بالنسبة الى هذه المصادر ان تتراجع الحدة في استمرار اللهجة السياسية المرتفعة والخطاب الحاد ولو تراجع عون عن الدعوة الى الفيديرالية أو الى الدعوة الى انتخابات نيابية تسبق انتخابات الرئاسة لمصلحة القول بان لا شرعية مجلس النواب الممدد له تقضي بانتخابات رئاسية بتسوية وطنية يكون له فيها حق ترجيح الانتخاب الرئاسي. هل لهذا الكلام عن تسوية وطنية معنى او مضمون يسمح بالقول إن مجمل التطورات الأخيرة تدفع الى “الخطة ب” بعدما فشلت “الخطة أ” المبنية على اعتبار انتخاب عون او لا أحد الى موقع الرئاسة الاولى؟
لا مؤشرات على ذلك لأن موضوع الرئاسة ليس على المجهر راهناً. لكن عودة الأخير الى استهداف قيادة الجيش تفيد وفق هذه المصادر بانه سيركز على وتر التعيينات الامنية مباشرة خصوصاً انه حظي بدعم معنوي من السيد حسن نصرالله بقول الأخير عن وعود تلقاها عون من تيار المستقبل في هذا الاطار وضرورة الحوار بين الجانبين في هذا الموضوع علماً ان الحوار سابقاً بين التيار العوني وتيار المستقبل أحدث نقزة لدى الحزب قبل عام. يبقى بالنسبة الى المعنيين المدى الذي يمكن ان يضغط به الحزب دعماً للتيار العوني في موضوع التعيينات الامنية من أجل إلا يمنى بخسارة اضافية قياساً على طبيعة المعركة السياسية التي بدأها وحجم هذه المعركة خصوصاً ان الأوراق الضاغطة المباشرة التي كان يهدد بها التيار قد تراجعت اهميتها وضعفت بعد التطورات الاخيرة فيما كرّر الأمين العام للحزب انه لن يترك عون وحيداً في مطالبه. لكن الحد الممكن كما تقول هذه المصادر هو صيغة على طريقة المخرج الذي تأمن للجميع في مجلس الوزراء أخيراً ما لم يحصل أي حفظ ماء الوجه للجميع وما لم تتأمن عناصر التسوية التي تعطي وتأخذ في الوقت نفسه.

(النهار)

السابق
مسلحون يحتجزون نحو 10 أشخاص في متجر قرب باريس
التالي
جنرال المعارك الخاسرة