«حزب الله» يتوعد الزبداني بمصير القصير

على قاعدة الإستنزاف وحرب العصابات في القلمون، تحاول مجموعات المعارضة السورية المسلّحة تسيير مجرى المعارك في مدينة الزبداني، لكن الظروف الميدانية مختلفة، والواقع العسكري أيضاً، لأن القلمون مساحة شاسعة وواسعة من الجبال الوعرة والهضاب والوديان، فيما الزبداني مدينة آهلة بسكانها ومحاصرة منذ أكثر من سنة.

لم يستطع “حزب الله” الحسم في القلمون، استنزفته حرب الجرود، ولم يعلن النصر المدوي، كما وعد، وعلى الرغم من مرور ثلاثة أشهر على إنطلاق المعارك هناك، تخللتها هدن حيناً ومفاوضات أحياناً، إنتقلت الأنظار إلى الزبداني، تلك المنطقة التي كانت ما قبل الثورة السورية إستراتيجية بالنسبة لـ”حزب الله”، حيث كان عبرها يأتيه السلاح.

منذ خمسة أيام بدأ “حزب الله” معركته باتجاه الزبداني، معنوياً كانت التعبئة حاضرة، وعسكرياً عزز الحزب هجومه بحشود عسكرية كبيرة، وإسناد جوي من النظام السوري، من أجل حسم هذه المعركة، وإعلان النصر سريعاً، وقد حاول الدخول إعلامياً إلى الميدان تزامناً مع انطلاق المعارك بما أنه يريد إرساء جو إعلامي إنتصاري يهدف إلى رفع المعنويات في صفوف مقاتليه وجمهوره ويسهم بإحباط الخصم، في تقليد لما حصل خلال معركة القلمون، خصوصاً أن الحزب يحاول من خلال معركته الجديدة إستعجال النصر في المدينة المحاصرة مستفيداً من الحصار ومن مساحتها المضبوطة نوعاً ما.

بالنسبة للحزب فإن هذه المعركة مصيرية، أولاً لعلاقته بها قبل الثورة، وثانياً لانخراطها باكراً في الحراك الشعبي ضمن صفوف المعارضة، وعدم قدرة النظام السوري على استعادتها والدخول إليها باستثناء مرة واحدة بالتفاوض، ليعود وينسحب منها، وبالتالي فإن الدخول إليها اليوم يعتبر إنتصاراً كبيراً عسكرياً ومعنوياً، خصوصاً أنه، وفق مصادر قريبة من الحزب لـ”المدن”، هناك قرار واضح وحاسم لديه بضرورة حسم المعركة، حتى وإن اضطر الأمر لاستنساخ نموذج معركة القصير، في اتباع سياسة الأرض المحروقة والسيطرة التامة.

وعلى الرغم من وضوح الأهداف، إلا أنه، وبحسب المصادر، هناك فارقين أساسيين بين الزبداني والقصير، الأول أن طريقة خوض المعارك في الزبداني اعتمدت على قصف مدفعي وصاروخي عنيف، عبر استراتيجية يعتمدها الحزب ويطلق عليها اسم “الرعب بالنار”، وهذا ما لم يحصل بهذا الحجم في القصير، والثاني هو الحصار المحكم الذي يفرضه الحزب على المدينة، ومن جميع الجهات، بمعنى أنه لم يترك أي ممر آمن للمسلحين للخروج من تلك المنطقة على خلاف الوضع في القصير، ولذلك سبب أساسي هو أن الحزب لا يريد خروج المسلحين من تلك المنطقة إلى أي منطقة أخرى لأن الزبداني قريبة من دمشق، ومن القلمون وأي انسحاب بأي اتجاه من الإثنين قد يكون له مردود سلبي على الحزب.
الزبداني
يجزم “حزب الله” بأنه يريد حسم المعركة هناك، ويقول أحد القادة العسكريين في الحزب لـ”المدن” إن “الخيار هو إما القضاء على المسلحين أو تسليم أنفسهم”، وهو الأمر الذي ينفيه مقاتلو المدينة نفياً قاطعاً، ويؤكدون أنهم سيدافعون بشراسة عن مدينتهم ولن يسمحوا للحزب بالدخول إليها.

اللافت في هذه المعركة أن حجم الخسائر التي تكبدها خلال هذه الأيام كبيراً جداً بالنسبة للحزب، وهو ما تؤكده المصادر المقربة، مشيرة إلى أن “ذلك متوقع لا سيما أن المعارك مفتوحة، وهذه حرب ومن المفترض على من يخوضها أن يدفع تضحيات في سبيلها”، وعلى الرغم من الإستعجال في إعلان الإنتصار في تلك المنطقة إثر الدخول إلى منطقة الحي الغربي أو منطقة الجمعيات إلّا أن ذلك لم يدم طويلاً، حيث اضطر الحزب الى الإنسحاب بعد 24 ساعة من تلك المنطقة بعد إستهدافه بعمليات عسكرية كبيرة.

وكان لإنطلاق معركة الزبداني أثر على معارك القلمون، إذ تحولت الأمور إلى ما يشبه الهدوء هناك، وحولّ “حزب الله” اهتمامه إلى المعركة الجديدة مجمداً معارك الجرود، فيما مقاتلو “جيش الفتح” يستفيدون من ذلك من أجل إعادة تجميع قواهم وتنفيذ ضربات ضد مواقع الحزب هناك لتخفيف الضغط عن الزبداني.

وعلى الرغم من إيحاء الحزب أن المعركة في الزبداني استراتيجية وقد تغير معادلات في الصراع السوري، ينفي المعارضون ذلك، ويعتبرون أن جلّ ما يفعله الحزب هو البحث عن انتصار معنوي يغطي فشل القلمون، ويمهد لخطاب الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله في مناسبة يوم القدس يوم الجمعة المقبل.

(المدن)

السابق
المرشد: كاسترو إيران
التالي
هاجر، وكتيبة الخنساء