لبنان: حل الخلاف مع إسرائيل تحت «القبعة الزرقاء» وتوسيع مهمة «لجنة الناقورة»

اليونيفيل

أكدت مصادر سياسية مسؤولة لـ”المركزية” أن دخان الأزمات الرئاسية والحكومية والبرلمانية والملفات الساخنة سياسيا وامنياً لم يحجب الحقائق النفطية والغازية التي تنبعث من عمق المياه اللبنانية، والتي استوجبت “استفاقة” داخلية لمواجهة اطماع اسرائيل في قضم جزء من الحقوق اللبنانية لا سيما في المنطقة المتنازع عليها والبالغة مساحتها نحو 854 كلمترا مربعا.

ومع ان مرسومي النفط لم يصدرا بعد، وقد لا تقرهما حكومة الوحدة الوطنية في وقت قريب تجنبا لاي محاولة تعطيل وتلافيا لخضات سياسية جديدة داخلها باعتبار ان “اللي فيا مكفيا”، فان زيارة نائب وزير الخارجية الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوشتاين لبيروت جاءت بناء على طلب لبناني رسمي، وفق ما تؤكد مصادر مطلعة على تفاصيل الملف لـ”المركزية”، حتمته تطورات داخلية وخارجية عدة. في المقلب الداخلي، تقول المصادر ان اتفاقا تم بين المعنيين حول مقاربة الملف الذي شكل في الماضي مادة خلافية ملتهبة لا سيما في ما يتصل بتوزيع البلوكات النفطية، تبدو وجدت طريقها الى الحل، فاتفق المتنازعون وسويت الامور في انتظار الظروف المناسبة لاقرار المرسومين. كما برزت حاجة ملحة لتحريك الملف في ضوء تردي الاوضاع الاقتصادية وخشية ان تضيع الفرصة في ما لو استمرت المماطلة بحيث قد يفقد النفط قيمته بعد حين.

النفط

اما مستجدات الخارج فتبدأ من وصول إسرائيل في عمليات التنقيب إلى حقل “كاريش” المشترك بحكم المسافة القريبة جداً من الحدود اذ انه لا يبْعد سوى بضعة كيلومترات عن حدود لبنان البحرية ويمكن ان يكون قسم كبير منه داخل المياه الإقليمية اللبنانية، وتمتد الى بروز توجه جدي، للمرة الاولى، من جانب المهتمين بالملف لوضع خريطة الطريق وتحديد اليات العمل والمراحل المفترض اعتمادها والمسؤولين عن كل مرحلة وصولا الى ضرورة الاستعداد لحقبة ما بعد توقيع الاتفاق النووي بين ايران والدول الست بما تفرضه من مستجدات ستقلب الكثير من المعطيات المتحكمة بالوضع راهنا، ولبنان لن يكون بعيدا عنها.

وتؤكد الاوساط التي اطلعت على اجواء لقاءات هوشتاين في بيروت امس مع رئيس الحكومة تمام سلام ووزير الطاقة والمياه ارتور نظريان واليوم مع الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل قبل ان يغادر عصرا، ان اجواء اللقاءات كانت جد ايجابية، وابدى المسؤول الاميركي تفهما كبيرا لوجهة النظر اللبنانية، مبديا استعداد بلاده التام للمساعدة في انجاز القضية وتسوية النزاع مع اسرائيل بالطرق والوسائل الممكنة وناصحا بالاسراع قدر الامكان في المهمة، خصوصا ان تقدما داخليا احرز في مجال الاتفاق على موقف موحد في موازاة استمرار التواصل مع الدول والمنظمات الدولية المعنية لا سيما الولايات المتحدة الاميركية والامم المتحدة. واعاد المسؤولون اللبنانيون تأكيد تمسك لبنان بمظلة الامم المتحدة ودورها الاساسي في رعاية الملف وانجاز المفاوضات تحت راية “القبعة الزرقاء” في كل ما يتعلق بترسيم الحدود وحماية الثروة النفطية اللبنانية والتزامه المطلق بالقرار 1701 الذي يضمن حماية حدوده البرية والبحرية على السواء.

وتكشف بان الجهات اللبنانية الرسمية ابلغت هوشتاين ان لبنان لم يصبح في وضع الجهوزية لكون مرسومي النفط يحتاجان الى اقرار في مجلس الوزراء فطلب المسؤول الاميركي ابلاغه بالتوقيع فور انجازه لبدء العمل بخريطة الطريق ووضع العملية على سكة التنفيذ.

وتتوقع المصادر ان يشكل الرئيس سلام لجنة تضم ممثلين عن الوزارات المعنية، تعقد اجتماعاتها في السراي للبحث في “اعادة تأهيل ” المرسومين النفطيين بما يتلاءم مع المتغيرات وادخال التعديلات اللازمة تمهيدا لعرضهما امام مجلس الوزراء، مشيرة الى اتفاق تام بين الرئيسين بري وسلام حول مقاربة الملف برمته والتمسك بالحقوق اللبنانية كاملة من دون التنازل عن ذرة واحدة من نفط لبنان وغازه. وتشدد على انهما سيبذلان كل جهد ممكن في سبيل تعديل المرسومين واقرارهما واطلاق المناقصة العالمية بالتوازي مع الطلب من الامم المتحدة وضع ملف الترسيم تحت حماية ورعاية دولية. ويرتكز لبنان في المطالبة بحقه النفطي الى القرار 1701 الذي يضمن حماية حدوده البرية والبحرية ويضعها تحت الوصاية الدولية، لافتة الى ان المسؤولين اللبنانيين وبعدما رفضوا سابقا اقتراح اسرائيل التفاوض مباشرة، طرحوا التفاوض عبر “لجنة الناقورة” من خلال توسيع مهامها بحيث تتولى التفاوض، على ان تنشأ الى جانبها لجنة خبراء تزود الجانب اللبناني المفاوض بكل ما يلزم من معلومات ومستندات ووثائق، ويتم طوال فترة المفاوضات، تسيير دوريات في البحر لمنع اي اعتداء اسرائيلي. غير ان المصادر شددت على ان هوشتاين نصح المسؤولين اللبنانيين بالعودة الى اقتراح سلفه في الملف المبعوث الأميركي فريديريك هوف الذي حاول إيجاد حل وسط للمشكلة، يقضي بأن يعيدوا إلى لبنان في حدود ثلثي المنطقة المتنازع عليها ومساحتها 854 كلم2، والثلث الباقي يبقى منطقة محايدة يُمنع على أي من الطرفين أن يستخرج منها أي ثروة، وكان لبنان رفض هذا الحل انذاك، موضحة ان هوشتاين دعا اللبنانيين الى الاسراع في اصدار المرسومين وبدء التنقيب قبل فوات الاوان.

الجدير ذكره ان الخلاف اللبناني – الإسرائيلي على ترسيم المنطقة الإقتصادية الخالصة بين البلدين دفع بالجانب الأميركي إلى التدخل في الوساطة بين الطرفين كي لا يتحوّل الخلاف إلى نزاع، وحاول لجم اسرائيل من خلال مساعٍ قام بها هوف آنذاك.

السابق
درباس: التمادي في تعطيل الدولة يضعنا امام ازمة وطنية
التالي
مكتب ميركل استدعي السفير الاميركي على خلفية المعلومات حول التجسس