بادية فحص: هذه المعارك لم تعد تعنيها

لم تتحضر كما ينبغي لتفعل فعلتها، لتتواطأ ويديها على كسر حرمة تلك الخرقة التي أجبرت على لصقها بشعرها مذ أصبحت مكلفة شرعا. فقد أدركت بعد عمر من التكليف، أنه كان من حقها أن تشعر “بالنسيم الناعم يتلاعب على خدها الشاب” كما قالت سهير البابلي في فيلم “حدوتة مصرية”، من حقها أن ترسم لجسدها مساحة الحرية التي تناسب حركته، من حقها ككل الكائنات، ألا يفسد عليها متعتها بالشمس والهواء والماء من تفسده شهواته وتسبقه نظراته.
هكذا، دونما موعد، ودونما مقدمات قررت في لحظة مسروقة غصبا، من زمن التشريعات المبنية على الموروث لا على النصوص، أن تنتفض على وجهة نظر اتفق على أنها واجب. جلست على المقعد الحجري على الكورنيش. البحر أمامها، يضحك، وخلفها يتعالى صوت المؤذن، يدعو الناس إلى الصلاة، كأنه يدعوهم إلى القتال. هذه المعارك لم تعد تعنيها، ولن تصغي بعد اليوم إلى الأصوات الآتية من خارج ذاتها. حلت عقدة التردد أولا، ثم عقدة الخرقة، وشيئا فشيئا راحت تسحبها إلى الخلف، انزلقت الخرقة، استقرت على كتفيها، فنبهت الملاكين اللذين يسجلان السيئات والحسنات، فابتسما، ثم أقفلا دفتريهما وراحا ينظران إلى المارة والشارع والأشجار والسيارات، بعينيها. كان كل شيء حولها، يمسد على شعرها برفق ويبتسم. وكمن يضغط على مفتاح الترجيع لشريط سينمائي هكذا أعادت وضع الخرقة على رأسها، كأن شيئا لم يحدث.

(تغريدة)

السابق
بري في لقاء الأربعاء: سأدعو الى جلسات تشريعية بعد فتح الدورة الاستثنائية
التالي
أمانة 14 آذار: جريمة السعديات محاولة من حزب الله لاستكشاف قدرة السكان للدفاع عن أمنهم