لقاء عون – جعجع: ثنائية مارونية تشبه الثنائية الشيعية؟

لقاء سمير جعجع وميشال عون
بعد أكثر من ثلاثين عاماً على الخصام السياسي، فاجأ الحكيم الجنرال في مقر إقامته في الرابية. هذا اللقاء الذي شكل صدمةً إيجابية خصوصاً للمسيحيين إلاّ أنّ مراقبون يدرجون هذا اللقاء في خانة إنتاج ثنائية مارونية تحاكي الثنائية الشيعية.

بعد أكثر من خمسة أشهر من مفاوضات رياشي – كنعان، غطّ رئيس حزب “القوات اللبنانية” في مقرّ الجنرال عون في الرابية، وعقد اللقاء المرتقب الذي نقل مشاركون فيه أنه كان إيجابيا للغاية، وقد ساد جو من النقاش الهادىء والموضوعي بين الجنرال والحكيم.

مراقبون في بيروت أبدوا ملاحظات عدة على اللقاء الذي أدرجوه في خانة إنتاج ثنائية مارونية تحاكي الثنائية الشيعية، التي تلغي الأصوات الأخرى في الطائفتين، سواء الشيعية منها أو المارونية.

جعجع تراجع عن تحميل الجنرال عون مسؤولية تعطيل إنتخاب رئيس للجمهورية، وحيّد حلف الجنرال “حزب الله”

ومن الملاحظات أيضا أن توقيت اللقاء لا يصب في خانة مصلحة القوات التي لم تخرج من صفوف 14 آذار إلى الآن. فقد سبق اللقاء، مواقف تصعيدية متراكمة للجنرال عون، من عرسال برمزيتها “السنية”، ومعروف عن الجنرال عون معاداته للسنة، المشتقة من معاداة السامية، إضافة إلى تعطيل الحكومة، فضلا عن التحريض على الجيش اللبناني.

فبدا اللقاء التاريخي، وكأنه تتويج لهذه المواقف وموافقة ضمنية عليها، لخلو كلمة الدكتور جعجع في أعقاب اللقاء، من أي إشارة إلى أن له موقف مغاير من هذه المواقف المتصاعدة لعون، بل على العكس شدد جعجع في كلمته على اتفاقه مع عون على تعطيل المجلس النيابي ما لم يناقش بندين هما قانون الإنتخابات وقانون استعادة الجنسية.

مع العلم أن الانتخابات ليست على الأبواب، وأنه وعون لا يتفقان على قانون انتخاب، بل هو اتفق مع المستقبل والاشتراكي على صيغة قانون، أما قانون استعادة الجنسية للبنانيين الذين خسروها، فهو متداول منذ ستين عاما وبامكانه الإنتظار قليلا.

ولأن التوقيت جاء غير مناسب وإلتهت القوات والتيار العوني، بملابسات وصول جعجع إلى الرابيه حيث عمم سيناريو الوصول على حساب مضمون اللقاء، تنبهت القوات لاحقا وأصدرت بيانا عزت فيه توقيت اللقاء إلى الظروف الأمنية التي تحيط برئيسها وليس بالأوضاع السياسية السائدة في البلاد.

هل ينتج عن اللقاء “ثنائية مارونية”، وفي اعقابها “موارنة السفارة” على غرار “شيعة السفارة”

ومن الملاحظات على اللقاء التاريخي أيضا، أن جعجع تراجع عن تحميل الجنرال عون مسؤولية تعطيل إنتخاب رئيس للجمهورية، وحيّد حلف الجنرال “حزب الله”، وبات يحمـّل إيران مسؤولية تعطيل الانتخابات الرئاسية!

ومن الملاحظات أيضا وأيضا، إن ما قاله جعجع، أن قواته وتيار عون يمثلان أغلبية مسيحية، إلغائية للآخرين ضمنا، فبدا وكأن اجتماعهما يمثل تهديدا مباشرا لكل القوى المارونية الأخرى مستقلة كانت أم حزبية، خصوصا أن “النوايا” لن تخرج عن إطار “النوايا”، وأن الجنرال عون معروف عنه تنكره لكل مواقفه والتزاماته ما خلا مندرجات ورقة تفاهمه مع “حزب الله” التي لم يحد عن بند واحد فيها.

فالجنرال انكر مسؤوليته عن القرار 1559، وتنكر لسائر القرارات الدولية المتصلة في الشأن اللبناني، وتنكر لاتهامه سوريا بالوقوف وراء اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وتنكر للقسم بشرفه العسكري في المحافظة على القوات أمام جعجع نفسه عشية تسلمه رئاسة الحكومة الانتقالية، نهاية ثمانينيات القرن الماضي، الذي أطلق بعد سنتين حرب الالغاء على القوات نفسها.

لقاء جعجع عون

وعون هو نفسه عون مقدما مصالحه على أي شيء آخر، ولا يتوان عن التنكر ثلاثا لتوقيعه قبل صياح الديك، فبدا تاليا في ظل عدم الاتفاق سوى على ما سمي إعلان النوايا، وترحيل الشؤون الخلافية بين التيار والقوات الى آجال غير مسماة. إن اتفاقهما قائم على محاصصة واقتسام مغانم في الوظائف والمخاتير والبلديات والكراسي النيابية، فهكذا مثلا يتأمن مقعد نيابي للوزير جبران باسيل بأصوات القوات، وتستطيع القوات إختراق الاحتكار العوني للتمثيل الكسرواني، وفي بعبدا والمتن و….

ومن الملاحظ أيضا أن إعلانا على هذه الهشاشة كان يفترض به أن يحدث هزة داخل التيار والقوات على حد سواء، لكن اللافت أن أحدا لم يجرؤ على رفع صوته أو حتى الهمس بالاعتراض أو حتى تسجيل مواقف ضمن القوات والتيار.

ويتساءل مراقبون في بيروت هل ينتج عن اللقاء “ثنائية مارونية”، وفي اعقابها “موارنة السفارة” على غرار “شيعة السفارة”؟

السابق
الاسد: للتحرك الفاعل والضغط على المجتمع الدولي بغية انتهاج سياسة ناجعة ضد الارهاب والفكر الظلامي
التالي
مجلس الوزراء: الامر للجيش في جرود عرسال