الاغتراب وفطام التشبيح

جبران باسيل

ليس دفاعاً عن جبران باسيل. فالمرء يحتاج إلى جهد كبير ليدافع عن صهر الجنرال الممانع وشريك “حزب الله” في تدمير ما تبقى من الدولة اللبنانية. لكن الحقيقة والمعاينة والخبرة تستلزم القول أن الحملة التي تشن عليه على خلفية مؤتمر المغتربين ظالمة وتافهة ووراءها مجموعة منتفعين لا يقلون انتهازية عن بعض المحيطين بالوزير.

مستاؤون جماعة الاستاذ نبيه في وزارة الخارجية.  فبعدما استباحوها على مدى نحو ثلاثة عقود نفوذا وتوظيفاً وسمسرة وبيع ولاء لفاروق الشرع ووليد المعلم والنظام السوري، تغير عليهم الأمر كثيراً بوجود وزير يرفع شعار تجنيس المسيحيين المغتربين وتتعارض مصالحه مع مصالحهم ومصالح “مسيحييهم” المغتربين الذين كانوا مستتبعين لدى دولة الوصاية والنظام الأمني.

خطاب جبران باسيل الاغترابي مسيحي وطائفي مثله مثل خطاب عمه جنرال الرابية. “حزب الله” يترك له هذا الهامش الشعبوي، وهو يستفيد منه للتعبير عن أعماق النفس وجمع المؤيدين. لكن يجدر التذكير بأن العاملين في “مؤسسة الانتشار الماروني” يشهدون للوزير باسيل حمل قضية مسيحيي الانتشار بصدق وحماسة ووفق الأصول والحق، في حين كان وزراء الاستاذ نبيه يضعون العصي في الدواليب ويغفلون طلبات إعادة الجنسية، وكان بعض سفرائه مثالا للانحياز الطائفي والسياسي.

للتذكير فقط. بعد الطائف مباشرة تم افتعال وزارة اسمها “وزارة المغتربين”. وكان هدف بري والنظام السوري منها الالتفاف على وزارة الخارجية وتقليص علاقاتها بلبنانيي الانتشار، وخصوصا اللبنانين الحاملين للخطاب السيادي.

الوزارة المجهضة في وقت لاحق بذلت جهدها لاظهار أهمية المغتربين الموالين للوصاية ومحاولة دمج “الجامعة الثقافية” بالجهاز الاغترابي السوري، والحاقه بكل ما لحق من المؤسسات اللبنانية الرسمية والشعبية والمدنية، ونجحت لفترة طويلة في تظهير صورة اغترابية تجمل ارتكابات عصر الوصاية تحت شعار استثمار وهمي وحرص على السلم الأهلي.

هكذا تم استغلال الاغتراب الشيعي في إفريقيا بالتحديد. تارة بوعد رجال الأعمال بأدوار سياسية في لبنان، وطورا بتسهيل البزنس القائم على التنفيع، ودائما جرى ابتزازهم بالطول والعرض بالتبرعات والشراكات وزرع طموح التنويب والتوزير.

وللعلم فإن مجموعات من هؤلاء المغتربين كانت تشعر بالنشوة المتكررة لدى الاجتماع بغازي كنعان، وتشعر بأنها وصلت إلى الجنة قبل الأوان حين يتاح لها لقاء رأس النظام السوري.

هو هذا الموضوع تحديداً الذي يستاء منه جماعة “الأستاذ”. فقدان الحظوة السابقة والدور والهيمنة على وزارة الخارجية والتوظيف وبيع المناصب الفخرية والسمسرة على كل صعيد.

بعض اعتراضات المعترضين على الوزير باسيل ومؤتمره الاغترابي يتعلق بالشكل لجهة تقريب أشخاص وتهميش آخرين وسوء التنظيم. لكن جوهر الحملة عليه مردها الى “فطام” تشبيح بات لهم بقصر بسترس فيه شريك.

المصدر: ليبانون نيوز

 

السابق
الحريري عن تفجير القديح: حلقة في سلسلة خبيثة ترمي الى اثارة الفتنة بين أبناء المملكة
التالي
تراجع التهويل بمعركة القلمون وإنطلاق معركة «عرسال»