ولايتي: ثابتون سورياً وعراقياً

أللقاء مع علي أكبر ولايتي وبهذا التوقيت له أهمية استثنائية. ديبلوماسي محنك يكتنز خبرة 16 سنة كوزير لخارجية إيران في أصعب مراحل ما بعد الثورة الإسلامية، وسنوات طويلة من بعدها في العمل مستشاراً لمرشد الجمهورية علي خامنئي حتى الآن، وهي كلها تجعل من الرجل، المتمرس كطبيب، يحترف كلام الدقة والهدوء برغم عواصف السياسة والأمن التي تضرب المنطقة كلها.
يحدق بناظريه توكيداً على اهتمامه بأسئلة محاوره. ثم يرتب حروفه بالفارسية ليكون جوابه لائقاً.. وحذراً أيضاً. لا يرفع سقف التوقعات لما هو آت كموعد نهائي للاتفاق النووي مع الغرب. أليست تلك طريقة المرشد نفسه؟ لا يتشاءم جازماً، ولكنه في الوقت ذاته لا يغلق الأبواب أمام إمكانية الفرص المتاحة من التفاهم النووي.
يقول إن «لا الرؤية الإيرانية ولا الرؤية الأميركية تبدلت» في النظرة الى المشهد الإقليمي. يعدد امثلة كثيرة، من اليمن الى لبنان وسوريا والعراق. والموعد الفاصل عن التاريخ المرتقب للتفاهم النووي يتضاءل زمنياً.
يتحدث بتحفز عن السعودية وبلباقة الديبلوماسي، لكن كلامه يحمل اكثر من عتب. ويقول بوضوح إن المملكة «أشعلت ناراً في اليمن لا يمكنها إخمادها، وستنعكس على أمنها».
للكلام خطورته في هذه اللحظة، لأن سفينة المساعدات الإيرانية «شاهد» تصل خلال اليومين المقبلين الى ميناء الحديدة اليمني، وترافقها الآن قطع حربية إيرانية وسط إنذارات سعودية وتهويل أميركي بما قد يعترض سبيلها، فيما الإيرانيون «مصممون على رسوها».
ولا تتوقف أهمية الجولة التي يقوم بها ولايتي الآتي من طهران الى بيروت ولاحقاً الى دمشق، هنا. المسؤول الإيراني يعكس رؤية السلطة الأعلى في طهران مما يجري مثلاً في العراق وسوريا، ويقول «ما يحدث من تطورات في المنطقة غير مسبوق». يرى مخاطر تقسيم تهدد المنطقة، وهي من نقاط التوتر مع الأميركيين والسعوديين.
وفي رسالة لها معانيها اللافتة، يقول ولايتي في ما يتعلق بسوريا «سواء تم الاتفاق النووي او لم يتم، فإننا ثابتون في دعم الدولة السورية».

 

الاطمئنان في لهجة ولايتي بما يتعلق بالعلاقة مع دمشق، يترافق مع الزيارة التي قام بها رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي للعاصمة السورية، والزيارة المهمة التي يقوم بها حالياً وفد لجنة تنمية العلاقات الاقتصادية الإيرانية السورية برئاسة رستم قاسمي لإتمام الاتفاق على الخط الائتماني الإيراني الجديد لدمشق.
ورداً على سؤال بشأن نفوذ كل من طهران وواشنطن في المنطقة، قال ولايتي إنه بغض النظر عن مسار المفاوضات النووية، فإنه «لا ينبغي خلط القضايا ببعضها». ويستطرد قائلاً «العراق هو من دعانا لتقديم المساعدة في وجه الإرهاب. رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي شكر مرشد الجمهورية خلال زيارته الأخيرة لطهران، على دعمه لمواجهة داعش ومنع سقوط بغداد. في سوريا، نحن ثابتون في دعمنا الدولة السورية. في لبنان، نحن ندعم حزب الله منذ 30 سنة. ما من جديد هنا. لكن هذه الأزمات ليست مترابطة ببعضها البعض. الطرف الآخر منزعج لأن طهران عائق أمام السيطرة الأميركية في العراق وسوريا ولبنان».
وتابع ولايتي «نحن عندما ندعم العراق فلأن من مصلحتنا ومصلحة شعوب المنطقة ان يكون العراق موحداً ومعافى. وعندما ندعم المقاومة في لبنان، فلأن ذلك في صلب العقيدة الإيرانية. فالصهيوني عدو مشترك لنا جميعاً. لكن بأي صفة يتدخل الكونغرس الأميركي لتقسيم العراق؟! هم يريدون حرباً أهلية في لبنان، ونحن لن نسمح بذلك، مثلما سنتصدى لهم في محاولات تقسيم العراق أو غيره من دول المنطقة».
وأوضح مستشار مرشد الجمهورية الإيرانية قائلاً إن «أي ارتدادات سلبية في الدول الجارة لنا ستنعكس علينا. لدينا 15 دولة جارة لنا. هذا أساس ما يحكم تصرفنا وتحركنا. العراق مثلاً لو تقسم، ستندلع نزاعات بين دويلاته وأطرافه، ما سينعكس سلباً على المنطقة برمتها وعلينا كإيرانيين».
وعندما سئل عن توصيفه للعلاقة مع السعودية، قال ولايتي «لم نكن نريد أن تتحول السعودية الى دولة معتدية إقليمياً. سينعكس عدوانهم على اليمن، على أمنهم. نصحناهم لكنهم استمروا في غيهم وأشعلوا ناراً ليس بمقدورهم إخمادها. هذه الحرب ليست لمصلحتهم. هذه منطقة مشتركة لنا جميعاً. ولهذا نحن نعارض ما قامت به السعودية من انتهاكات وعدوان في اليمن».

 

وانتقد ولايتي محاولات السعودية «الاحتفال بانتصاراتها» قائلاً «هم مخطئون.. عملهم هذا إلى أين سيؤدي؟ اليمن سيقاوم وهذه الفظاعات لن ينساها اليمنيون».
وبعدما اعتبر ان الحديث عن محاربة السعودية السيطرة الإيرانية في اليمن، خاطئة لأن ما من جندي إيراني واحد على الأراضي اليمنية، أشار ولايتي الى أن سفينة المساعدات الإيرانية المتوقع وصولها الى السواحل اليمنية خلال اليومين المقبلين، ماضية في إبحارها برغم التهديدات.
وفي مؤشر على خطورة الموقف، ذكَّر ولايتي بمحاولة طائرة المساعدات الإيرانية في أواخر نيسان الماضي الهبوط في مطار صنعاء برغم الإنذارات التي تلقتها من مقاتلات «عاصفة التحالف»، وأن الطائرة الإيرانية لم تستجب للتهديدات، فما كان من الطائرات السعودية إلا أن قصفت مدرج مطار صنعاء لعرقلة هبوطها. ثم تابع قائلاً «الإيرانيون مصممون أيضاً في ما يتعلق بسفينة المساعدات. نيتهم هي أن يستمروا».
المفاوضات النووية

ورداً على سؤال عما اذا كان الاتفاق النووي مع الغرب قد اكتمل، قال ولايتي بحذر «الأمر ليس كذلك. المفاوضات ما زالت مستمرة والأمور قيد البحث، ولم تحدث تغييرات جدية وأساسية من كلا الطرفين. الرؤية الإيرانية والرؤية الأميركية لم تتغيرا، وتطورات المنطقة لا تشير الى تقارب بينهما. في العراق وسوريا لدينا وجهات نظر ليست متشابهة. الكونغرس أقر مؤخراً أن حزب الله إرهابي. الغارات السعودية أيدتها واشنطن ونحن عارضناها».
وقال ولايتي «هذه المفاوضات بها عدة عناوين مجهولة. لا يمكن الحديث عن اتفاق الآن».
وأشار على سبيل المثال إلى قضية تفتيش المواقع العسكرية، مذكِّراً بأن مرشد الجمهورية رفض القبول بها، «وبطبيعة الحال، لن نسمح بتفتيش هذه المنشآت».

(السفير)

السابق
معركة الرمادي: واشنطن تبحث تسريع تسليح القبائل لدعم عملية استعادة المدينة من «داعش»
التالي
أيار بين دار الفتوى 2015 والمجلس الشيعي 1975