“الهيئات النسائية” مهمّشة داخل حزب الله وهي تعكس نفس النظرة التقليدية للمرأة داخل مجتمعاتنا وبيئتنا التي ترى في الجنس الناعم عنصرا ثانويا ضعيفا. فالحزب لا يوكل إليهنّ مهاما أساسية إلا في إطار محدد ولإنجاز عمل معين كما هو حال الأحزاب اللبنانية الأخرى، حتى التي تختلف مع حزب الله إختلافا جذريا.
تعمل ما يعرف بـ”الهيئات النسائية” في حزب الله بشكل مستقل تحت عناوين وملفات محددة. وهي عادة تترواح بين احتفالات تكليف للمحجبات الجديدات الصغيرات، والتعازي بالشهداء، والاعتصامات، واللقاءات مع اللجان النسائية في الأحزاب الأخرى كحزب الإتحاد وحزب التوحيد وحركة أمل والأحزاب التي لها تحالفات مع حزب الله.
تتولى الهيئات النسائية “إمرأة مسؤولة” عملت في مؤسسات الحزب المدنية طيلة سنوات وتدرجت فيها وتنقّلت بينها وأثبتت الإلتزام السياسي التام والطاعة العمياء.
إقرأ أيضاً: ملف حزب الله (3): هذا هو دور الهيئة الصحيّة التعبوي
وتعمل “الأخوات”، وهو تعبير عام يطلق على النساء داخل الحزب، بشكل تطوعي، فيسمين “ممهّدات”، أي الممهدات لظهور الإمام المهدي من خلال عملهن بهدف كسب الأجر. وكسب الأجر ليس له دلالة ماديّة بل هو ذو دلالة معنوية إيمانية.
والمثال الأعلى الذي يجب أن يحتذي به “الأخوات” هو السيّدة زينب شقيقة الامام الحسين التي شهدت معه وقعة كربلاء وفجعت باستشهاده، لذلك فانه يطلق على المنتسبات للهيئات النسائية في حفلات التخريج لقب “الزينبيات”.
وتلتقي “الأخوات” في مركز أساسي ترأسه حاليا الحاجة عفاف الحكيم التي كانت تدرّس مادة “الدين” في الثانويات الرسمية للبنات في الضاحية وبيروت قبل أن تتلقى الدعم من إيران وتؤسس عدد من المؤسسات التي تهتم بالأم والطفل والمرأة.
وتتناوب على رئاسة الهيئات النسائية عدد من الأخوات منهن الحاجة أميرة برغل أستاذة الكيمياء في الثانويات.
اللافت أن هؤلاء الأخوات هنّ ممن لديهن تطلعات تقدميّة فيما يتعلق بالموضوع الإجتماعي والنسائي، إلا أنّ التطبيق على أرض الواقع يعيدهن الى أدبيات حزب الله المتشددة. فلا اختلاط ولا رجال. وكافة الإحتفالات ليست أكثر من تكريمات وتهان وتعاز ودورات محو أمية أو تثقيف ديني وعقائدي وأخلاق… أي ما يدرس في الحوزة الدينية لكن بمستويات أدنى.
بعض الأخوات لديهن تطلعات تقدميّة فيما يتعلق بالموضوع الإجتماعي والنسائي، إلا أنّ التطبيق على أرض الواقع يعيدهن الى أدبيات حزب الله المتشددة.
تتميّز “الممهدات” باللباس الأسود الشرعي إلى درجة أنّه من الممكن التعرّف إليهن بسرعة نظرا لتطبعهن بحزم مشهود في الحديث واللباس.
وثمة مراكز منتشرة في المناطق تعمل عليها الاخوات لتعليم قراءة مجالس العزاء ليصبحن رسولات إلى أمهات الشهداء. إذ يتبّعن تنظيما داخليا وهو قراءة مجلس عن روح الشهيد الذي سقط حديثا مداورة بين المنازل.ويبقين من خلال ذلك العلاقة قائمة مع أم الشهيد أو أخواته، وعادة ما يتحوّل أخوات الشهيد إلى حزبيات فيما بعد وينتسبن الى الهيئات النسائية.
ثمة مراكز منتشرة في المناطق تعمل عليها الاخوات لتعليم قراءة مجالس العزاء ليصبحن رسولات إلى أمهات الشهداء
وللدورات الثقافية حيّز مهم، فالعاملات لديهنّ مراتب وأقسام، وكلّ بحسب مستواها العلمي ودرجة وعيها. فهناك: الجنود والأنصار والممهدات. ولكلّ من هذه الرتب دورتها وكتبها ومستوياتها بحيث تتحول المُميّزة منهن إلى مدرّسة في المعهد التابع للهيئات كمعهد “سيدة نساء العالمين”.
عدد المنتسبات إلى “الهيئات” غير معلوم بسبب عدد المتطوعات والمتعاقدات لأنّ التفرّغ ليس متاحا. علما أن إمكانية إحصاء المتفرغات صعب جدا بسبب السرية التامة داخل حزب الله.
ورغم ارتفاع عدد المتعلمات والجامعيات داخل حزب الله إلا أنّ سياسة الطاعة العمياء تمنع تطوير أو التغيير داخل أية مؤسّسة دون الرجوع إلى القيادة المركزية.
ويؤخذ على حزب الله أنه لم يقدم نماذج نسائية مهمة في الإطار النسوي أو الإعلامي أو الثقافي أو البرلماني. إذ لم تبرز من بينهن شخصية نسوية أو حقوقية أو دينية أو إعلامية. كما أن الحزب وقف، من خلال كتلته البرلمانية، ضدّ عدد من المشاريع التي تخدم المرأة والأسرة والطفل في البرلمان اللبناني.
ولا يزال حزب الله، رغم تقدمه في المجال العسكري، متخلّفا في الموضوع النسوي ومحافظا متشددا على عكس سياسة راعيته دولة إيران فيما يتعلق بالمؤسسة الزوجية والأسرية، خصوصا في مواضيع الطلاق والمساواة في الحقوق والعمل.
اقرأ ايضاً
ملف كامل عن هيكلية حزب الله (1): كيف يعمل ومن يصنع القرار؟
ملف حزب الله (2): كشافة المهدي.. خزان المقاتلين والشهداء
ملف حزب الله (3):هذا هو دور الهيئة الصحيّة التعبوي
