إيران .. وتسليم «الحصان»

لسنوات مضت، والجمهورية الإسلامية في إيران تعيش خارج «الشرعية الدولية»، قبل أن تبدي استعدادها بالعودة إلى كنفها، بـ»اتفاق إطار»، لا تبدو طريقه معبدة بالورود، بل بأشواك «الحرس الثوري» والمتشددين الذين رأوا أن إيران، بهذا الاتفاق، سلمت «الحصان» واستلمت «عنانه فقط».

لسنوات مضت، والجمهورية الإسلامية في إيران تدعم، بالمال والسلاح، تنظيمات تعيش خارج «شرعية الدول» التي يفترض أنها تنتمي إليها. واليوم، الحوثيون في اليمن هم المثال «القح» على ثقافة العيش خارج الشرعية، المدعومة إيرانياً، لكنهم في محاولتهم الانقلاب على الشرعية اليمنية، أخطأوا كثيراً، وحصدوا «عاصفة حزم عربية» موجهة ضدهم وضد التدخلات الإيرانية، كما لو أن «مهندس الانقلاب» في اليمن لم يتعلم من «درس الانقلاب» الذي قام به «حزب الله» في لبنان، وارتد عليه، ولم ينل منه سوى «ثلث معطل« لم يدم طويلاً، ولم يكن يستحق «تهشيم» صورة المقاومة وتحويلها إلى «قوة احتلال» لبيروت.

وإذا كانت «نوايا» العودة الإيرانية إلى «الشرعية الدولية» قد تمت المصادقة عليها في «اتفاق لوزان» كبداية، فإن النهاية لن تُكتب قبل 30 حزيران المقبل، ولا حتى بعد هذا التاريخ بأشهر أو سنوات، وبالتالي من المبكر الحكم على تطورات الأحداث، في ظل «المشروع التخريبي» الذي تقوده إيران، عبر أذرعتها «اللاشرعية» هنا وهناك، والذي لا تبدو في وارد التخلي عنه، أقله في المدى المنظور، ما لم تقبض ثمنه، كما تنتظر أن تقبض ثمن «مشروعها النووي»، في حال سارت الرياح كما تشتهي سفن روحاني وظريف، ولم تسر كما تشتهي سفن المرشد والحرس الثوري.

بناءً على ما تقدم، لا يمكن التكهن إذا كان «العقل الإيراني التخريبي» قد أدرك أن «اتفاق لوزان» الذي اعتبر أنه «ولد ميتاً»، يبدو قابلاً للحياة أكثر من مشروع احتلاله للعواصم العربية، بدليل مشاهد الاحتفاء بالاتفاق في شوارع طهران وغيرها من المدن، التي دلت على «توق» الشعب الإيراني الى الانخراط في المنظومة الدولية، والتحرر من منظومة «الولي الفقيه» التي تغتاله ببطء.

قبل سنوات، لم يتوقع أحد أن يشهد على «ربيع عربي»، لكنه شهد، واليوم قد لا يتوقع أحد أن يشهد على «ربيع إيراني»، لكن سبق له أن شهد على «ثورة خضراء» في العام 2009، وقد يشهد على أخرى، في حال كُتبت لـ»اتفاق لوزان» نهاية سعيدة، تحقق تطلعات الشعب الإيراني، وتعيد صياغة نظامه على أسس جديدة، من العلاقات السوية مع الغرب والعرب، على حد سواء.

وبما أننا في زمن تتسارع فيه التطورات التي تُسقط أنظمة، وتُسلم أحصنة، تحت عنوان «لا بد من شرعية.. ولو طال الزمن»، قد يجوز أن نطرح سؤالاً نترك الجواب عليه للمستقبل القريب والبعيد، ومفاده إذا كانت إيران سلمت «الحصان» واستلمت «عنانه فقط» من أجل أن تعود إلى «الشرعية الدولية»، فهل تتعلم أذرعتها في الدول العربية الدرس، وتعود إلى «الشرعية المحلية» حيث هي، وتلتزم بمقتضياتها، قبل فوات الأوان، كي لا تكون»حصاناً» تسلمه إيران لأحد وتستلم «عنانه»، بحثاً عن علاقات سوية مع «الشرعية العربية» مثلاً؟!

لكن من استمع إلى الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله، على شاشة «الاخبارية السورية»، خاب ظنه، ولاحظ بأنه في عالم غير عالم «الشرعية»، وأنه أعجز من تحرير «حصانه» قبل أن تُسلمه إيران وتستلم «عنانه»، يوماً ما!.

(المستقبل)

السابق
هفوة تلفزيون لبنان
التالي
نقطة واحدة تفصل بين «الحكمة» و«دوري الأضواء»