14 أذار 2005: إنه يوم الله

احتفال 14 آذار 2005
إقتربت الذكرى العاشرة لمسيرة 14 اذار. مسيرة نحو الحرية والاستقلال. يومها سرنا مطالبين بخروج السوري من لبنان.. كانت لدينا احلام لم نحقق منها شيء!

 

على مقربة مني، صرخ بكل قوته: «هيدا الله، هيدا الله دخيل إسمو»، واقفاً على أطلال ساحة الشهداء، رامقاً قاطنيها بكامل بصره وبصيرته. سكت هنيهة، ثم عاد الى سيرته الأولى: «هيدا الله، هيدا الله دخيل إسمو»!

كلما سلكتُ الطريق من “الفورم دو بيروت” إلى ساحة الشهداء، أتذكر تاريخ الرابع عشر من أذار عام 2005، ومعه أتذكر هذا الرجل كما يخطر في بالي أسئلة كثيرة، ليس أقلها: «كيف مشيتُ كل هذه المسافة من دون أن أشعر بالتعب؟ ما الذي دفعني وأترابي إلى المشاركة ذلك اليوم؟ لماذا لم نشعر بالخوف من “النبي يوسف” ومن هم على سجيته في عنجر وغير عنجر؟ أي شجاعة تلك التي حطّت في قلوبنا وجعلتنا نهرول نحو الموت كالموت الجارف؟ أي يقين ذاك الذي دفعنا نحو الثورة، نحو الحرية، نحو الله؟ عشر سنوات مرّت، البعض نسي والآخر تناسى، الأخطاء تقضّ مضاجعنا، والإنغماس السياسي في اللعبة الداخلية جعلتنا غير قادرين على الفهم أو الاستيعاب. وحدها الشهادات السياسية في المحكمة الخاصة بلبنان ومعها ما قدمته حاكمة بنك المدينة، رنا قليلات، في حوار صحفي بالأمس القريب، أعادتنا إلى المربع الأول، وإلى المعادلة الأهم والأعمق. 14 أذار 2005 لم يكن يوماً عابراً، إنه يوم الله لا بد أن نحتفظ بهذه الخلاصة في عميق وجداننا وأن نسردها للأجيال القادمة. لا بد أن نخبرهم عن المخابرات النتنة ورستم القذر وما بينهما من “جامع” و “نبي” و”كعك” وسفلة. أن نخبرهم عن البوريفاج وعنجر مروراً بما تيّسر من موبقات.

14 آذار

لا، لا يكفي أن نخبرهم، لا بد أن نضعها تحت وسادة نومهم، أن نعلّقها في رقابهم، أن نذّكرهم مع إشراقة كل صباح بأن ثورتنا في 14 أذار لم تكن ترفاً سياسياً ولا ردة فعل عابرة على إغتيال قامة عملاقة بحجم رفيق الحريري. 14 أذار 2005 هو الحق ودونه باطلٌ باطلٌ باطل، صحيحٌ أن مسيرة عقد كامل من العمل السياسي لم تكن بحجم الآمال الكبرى ولا حتى المتواضعة، وصحيحٌ أن التدهور المريع لامس حدود الدرك أو يكاد. لكن الصحيح أيضاً، أن مشهدية ورمزية الرابع عشر من أذار تستحق تجديد الإيمان بهذه القضية وتذكير حامليها، على نحو متواصل، أن ثورتنا الهادرة لا تُختصر بمقعد وزاري أو نيابي أو بمناكفات لا طائل منها، وأن أحلامنا الوردية لا يجب أن تُدفن في ردهات الأحزاب وفي أروقة الطوائف والمذاهب.

السابق
القصّة الكاملة لـ «صفقة» فضل شاكر
التالي
جيسيكا عازار تعود الثلاثاء الى الهواء