تفكّك هيئة التنسيق وبداية انفراط عقد مكوّناتها

دخلت هيئة التنسيق النقابية في نفق مظلم. هي تعيش اليوم مرحلة الأفول، بعدما سلكت مساراً انحدارياً خلال الأشهر الماضية، ولم تتمكن من استعادة المبادرة أو إطلاق خطة جديدة وعناوين لمطالبها وتحركها النقابي. هي اليوم معطلة، الى حد بات الجميع مقتنع بانفراط عقدها.

منذ أكثر من شهر لم تستطع هيئة التنسيق النقابية جمع مكوناتها على موقف موحد. اضطرت الخميس الماضي الى إلغاء مؤتمرها الصحافي الذي كان مفترضاً أن تعلن فيه خطة تحرك بهدف إدراج مشروع سلسلة الرواتب على جدول أعمال اللجان النيابية المشتركة. وقد جاء الإلغاء وفق مصادر في الهيئة بسبب خلافات بين مكونات الهيئة الخمسة، رابطات الاساتذة الثلاث في الثانوي والأساسي والمهني ورابطة الإدارة العامة ونقابة المعلمين في الخاص، تمحورت حول شكل التحرك وطريقته، رغم ان اقتراحاً كانت قدمته نقابة المعلمين في الخاص في اجتماع هيئة التنسيق الأربعاء، أي قبل موعد المؤتمر الصحافي بيوم واحد، ويقضي بإعلان إضراب لمدة ساعتين، بهدف تحريك البحث في السلسلة، ووافقت عليه مكونات الهيئة، الا ان تراجعاً مفاجئاً أبلغته رابطة الثانوي برئاسة عبده خاطر للجميع أنها ضد اي تحرك على الأرض، وأن الاتصالات أفضل للهيئة من التصعيد.
وبدا واضحاً وفق المعلومات أن هناك انقساماً بين مكونات هيئة التنسيق، ظهر الى العلن قبل شهر ونصف الشهر تقريباً، أي منذ انتخاب هيئة رابطة الثانوي الحالية، التي باتت أكثر ارتباطاً بالقوى السياسية على ضفتي 8 و14 آذار، وتحت سيطرتها أيضاً. وقد انسحب الامر على هيئة التنسيق النقابية من خلال إبلاغ قيادة الثانوي الرسمي الجديدة الجميع أنها ضد اي تحرك وهي ليست في هذا الوارد، منطلقة من أن تحرك ثلاث سنوات ونصف السنة على الأرض لم يحقق شيئاً. وأبلغ خاطر الهيئة مدعوماً من مكونات أخرى، أن الاتصالات مع المسؤولين أجدى من التحرك، واللقاءات معهم قد تؤتي ثمارها، رغم أن لا أحد منهم أعطى الهيئة موعداً لمناقشة السلسلة أو غيرها من المطالب.
وسأل نقابيون، عن أسباب تمنع المسؤولين عن لقاء هيئة التنسيق، علماً أن وحدة الهيئة خلال تحركها السابق فرضت على المسؤولين مناقشتها، فهل باتت الهيئة اليوم عاجزة عن أخذ موعد من مسؤول وعن اتخاذ موقف موحد والتحرك بحرية؟ هي وفق النقابيين شبه معطلة اليوم، وكأن وقت انفراط عقدها قد حان فعلاً. إذ “كيف يرد رئيس رابطة الثانوي على رفضه التحرك الرمزي أو المعنوي بالقول ان الإمتحانات باتت قريبة ويمكن عندها التصعيد على أبوابها؟ علماً أن السنة الدراسية باتت في فصلها الاخير، فيما هيئة التنسيق النقابية تعاني فراغاً ولا تستطيع إصدار بيان موحد عن مطالبها وموقفها مما يحصل في شأن السلسلة”.
وشكل إلغاء المؤتمر الصحافي للهيئة منعطفاً في مستقبلها، فهي كانت أعلنت خلال اجتماعها في 19 شباط الماضي عن عقد مؤتمر صحافي في 26 منه، ودعت الى الإضراب والاعتصام الخميس في 5 آذار الجاري، ثم تقرر الغاء مؤتمرها في بيان مقتضب من دون شرح الأسباب. وهذا يعني الغاء تحركها وانتظار تحديد موعد لها من كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء تمام سلام، علماً أن مصادرهما تقول إن الرئيسين ليسا في وارد الحديث عن السلسلة.
وما حصل في هيئة التنسيق أخيراً، وإصرار رابطة الثانوي على موقفها، دفع مكونات في الهيئة لإعادة حساباتها، والعمل على التحرك منفردة، كل وفق قطاعاته، فها هي نقابة المعلمين تدعو مجلسها التنفيذي للاجتماع والبحث في وضع خطة تحرك للنقابة بمعزل عن هيئة التنسيق، ليس طلباً للسلسلة بالدرجة الأولى، انما للضغط من أجل الحصول على غلاء المعيشة للمعلمين، حيث تبين أن 60% من المدارس الخاصة لم تدفع زيادة غلاء المعيشة التي أعطيت كسلفة للمعلمين في القطاع العام، فيما مدارس منحت غلاء المعيشة لكنها عادت واستردتها بحجة أن قانوناً لم يصدر بها.
ويشعر عدد من النقابيين في الرابطات، أن هيئة التنسيق لم تعد قادرة على الاستمرار، فمعظم مكوناتها باتت تحت السيطرة السياسية وفق تسويات تمت على حساب العمل النقابي، وأن مطالب الهيئة وفي مقدمها السلسلة ما عادت أولوية، فيما لا أحد بات يعطي الهيئة أهمية تذكر، بعدما انهارت قوتها وتفككت وتراجعت قدرتها على الضغط نقابياً والحشد في الشارع، وهذا مرده الى خضوع الروابط المكونة للهيئة لهيمنة المكاتب الحزبية، واتخاذها نهجاً ومساراً يخضعان للقرارات العليا، وهو ما ظهر أخيراً من إلغاء للمؤتمر الصحافي ونقض الاتفاق في شأن خطة التحرك للمطالبة بالسلسلة.
ويمكن القول أيضاً إن الهيئة منذ أشهر، دخلت مرحلة ما عادت قادرة على صوغ أجوبة عن أزماتها وتحديد خياراتها. لم يعد خطابها مقنعاً لفئات كثيرة تنضوي تحت رايتها. ولا شك في أن انتخابات رابطة الثانوي عصب هيئة التنسيق، قد شكلت منعطفاً في مصيرها، بعدما صارت وحدتها مشكوك باستمرارها عند إصدار إفادات للمرشحين للامتحانات الرسمية العام الماضي. فقد تراكمت أزمات هيئة التنسيق عندما لم تعد قادرة على إعادة تصويب الخيارات وتحديد الشعارات المناسبة وطريقة العمل وقياس الجدوى، وتحديد الخسائر والأرباح.
ليس تفصيلاً ما حصل في هيئة التنسيق أخيراً، بات اجتماعها يحتاج الى تسويات، فكيف بإصدار بيان شامل يجيب عن تساؤلات قواعدها. وما عاد في إمكانها التأثير نقابياً ووطنياً، حين لا تجرؤ على وضع جسمها على مشرحة النقد، ولا تستطيع أن تجاهر بالكلام عن وحدتها وصلابة مكوناتها، وعلى اتخاذ موقف جامع. هي أصبحت جزءاً من حركة نقابية مدجنة، رغم النبض الذي لا يزال في بعض أجزائها.
بعض النقابيين نعوا هيئة التنسيق في شكل غير مباشر، قبل ان تخترقها الحسابات السياسية. هي اليوم أمام مفترق، غير قادرة على تسويغ مبرر وجودها، فهل نقول وداعاً لهيئة التنسيق قبل أن يعلن أهلها بيان نعيها رسمياً؟

أنجزت رابطة اساتذة التعليم الثانوي انتخابات فروع المحافظات وتنافست في كل المحافظات لائحتان، واحدة تتشكل من قوى 8 و14 آذار والثانية للتيار النقابي المستقل. وبعد فرز الاصوات، جاءت النتائج على الشكل الآتي:

في بيروت سجلت اللائحة الاولى نسبة 56,5% و43,50 للائحة التيار المستقل. وفي البقاع خرق للتيار النقابي باسمين ونسبة 45,5%.
في جبل لبنان 59,00% للائحة الأحزاب و41% للتيار النقابي.
وسجل التيار المستقل في الجنوب 35% وفي الشمال 26%.

(النهار)

السابق
سرّ قتل جنان الشتات في «عمر الفاروق»
التالي
جورج الراسي يخرج عن صمته وهذا ما كشفه عن زوجته!