لماذا يرمي «داعش» مثليي الجنس من الأماكن العالية ويستقبلهم بالحجارة؟

رغم وحشية المشهد، اعتاد الرأي العام على أخبار ذبح البشر من اعناقهم والتنكيل بجثثهم في مناطق سيطرة تنظيم “الدولة الاسلامية”، فضلاً عن بعض الأحكام التي تقضي بقطع يد السارق او القتل باطلاق رصاصة بالرأس، او صلب الناس حتى آخر نقطة دم منهم أو رمي من تتهم بالزنا بالحجارة حتى الموت.

كلها ظواهر تم تحليلها عدا حالة لا يزال البعض يطرح تساؤلات حولها: لماذا ترمي “الدولة الاسلامية” مثليي الجنس من اماكان عالية وتكمل عليهم بالحجارة فور ارتطامهم بالأرض؟ هل الاسلام يعاقب هذه الفئة من المجتمع بهذه الطريقة؟ لا تحتاج القضية إلى الكثير من التحليل، فالنتيجة واحدة أن “داعش” يريد ارهاب المجتمع الذي يسيطر عليه.

رجم وحرق وجلد
لم يأتِ هذا العقاب من عدم، وبحسب الباحث في الفكر الاسلامي الشيخ أحمد عمورة، فإن سنن الترمذي وابي داود وابن ماجه ذكروا ان الصحابي ابن عباس نقل عن النبي قوله “من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به”. ويقول لـ”النهار”: “أجمع الفقهاء على أن اللواط محرم مغلظ التحريم وأنه من الكبائر، وان من ابتلي بهذا البلاء العظيم فالواجب عليه المبادرة إلى التوبة والاستغفار، قبل الوفاة أو قبل الوصول إلى القضاء”.
لكن كيف يتم اثبات مثلية الجنس لدى الشخص بحسب الفكر الذي تؤمن به “داعش”؟ يجيب عمورة: “يثبت بالإقرار أو الشهادة، اما عدد الشهود وبحسب الفقهاء، ينبغي أن يكون بعدد شهود الزنا أي أربعة رجال”، لكن ليس كل مثلي جنس يقتل، إذ يشير عمورة إلى أن “للفقهاء في عقوبة هذه الجريمة، قولان الأول ما دون القتل ويكون بالتعزير (عقوبة) والسجن وهو قول للإمامين أبي حنيفة وحماد بن أبي سليمان أو الجلد لغير المتزوج كما في مذهب الشافعية والحنبلية، والقول الثاني القتل”.
تختلف المذاهب في “كيفية” قتل المثليين، وبحسب عمورة هي “الرجم: عند المذهب المالكي، رجم المتزوج عند المذهب الشافعي والحنبلي والثوري والأوزاعي ومن الحنفية أبي يوسف ومحمد، القتل بالسيف عند الإمامين الشافعي (بحسب قول) وإسحاق بن راهويه، الحرق (بحسب ما يروى عن أبي بكر الصديق وعلي بن أبي طالب)”.
أما “الرمي من مكان مرتفع تتبعه الحجارة”، فهي وبحسب عمورة “عقوبة استنبطها الصحابي ابن عباس من الأية 82 من السورة القرآنية “هود” وهي: “فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وامطرنا عليها حجارة من سجيل منضود”، يضيف: “كما هناك قول عن الإمام أبي حنيفة يقول فيه: يعزر ويودع (مثلي الجنس) في السجن حتى يموت أو يتوب. ولو اعتاد اللواطة أو تكررت منه ، قتله الإمام في المرة الثانية، سواء أكان متزوجاً أو غير متزوج”. ويلفت إلى ان “القتل ايضاً مفتى به عند الشيعة اذ يقول احد كبار المراجع الشيعية الشيخ الصدوق: واعلم أن عقوبة من لاط بغلام أن يحرق بالنار، أو يهدم عليه الحائط أو يضرب ضربة سيف”.

ما بني على باطل فهو باطل
لا يذكر القرآن عقوبة رمي المثليين من أماكن عالية، ويؤكد المدير العام للأوقاف الإسلامية الشيخ هشام خليفة لـ”النهار” أنه “لا يحق لاي انسان ان يمارس أي حد من حدود الله إلا باذن الحاكم (المسؤول، صاحب العلم، رئيس الدولة…) وليس مجموعة شباب، ويكون قد جاء بمشورة حقيقية وانتخابات صحيحة وليس كما يحصل في “داعش”، ومن هنا يمكن اسقاط ما يقوم به هذا التنظيم”.
ويشدد على انه “لم يرد أي نص في القرآن الكريم يعاقب مثلي الجنس بالرمي من الاماكن العالية، ولا يوجد هذا النوع من العقاب، ولا حتى في سنة الرسول بل هناك بعض الاقوال بان من اشتهر بذلك (من الرجال فقط) يعاقب بالرمي بالحجارة، وهو قول يعتمدون (الداعشيون) عليه بارتكاب اخطائهم”.
ويذكر بان “اعلان الدولة الاسلامية اساساً هو خطأ وتفردهم بذلك يعني ان ارتكاباتهم غير صحيحة ولا نتفق معهم عليه، لأن كل ما بُني على باطل فهو باطل”، ويضع خليفة تنفيذ هذا الحكم بالمثليين “ضمن سياسة داعش لتخويف الناس واثارة الرعب في قلوبهم ولتشويه صورة الاسلام، لهذا سيقومون بأي شي، ليستخرجوا من بطون الكتب الاقوال حتى لو كانت غير صحيحة او غير معتمدة وينسبونها للاسلام للاساءة لحقيقة الاسلام ورحمته ومعانيه”.
إذا، كيف يعاقب الاسلام مثليي الجنس؟ يجيب خليفة: “الحاكم يحدد ذلك، فقد يكون الغرير او السجن، ويتعامل الحاكم مع الامر وكأنه جريمة وعندما يصل إليه يأخذ قراره حسب المعطيات والظروف المحيطة به”.

(النهار)

السابق
ستريدا في مسيرة عاشوراء
التالي
نسي هاتفه داخل المبنى المحترق فدخل لجلبه ولم يخرج