«جزيرة فاضل»: تجمع فلسطيني مُعدم في مصر!

بدأ بناء منازل التجمع باستخدام “الخُصْ” او ما يعرف بقش الذرة، ثم تلتها مرحلة السكن في الخيام التي استُبدلت لاحقاً ببيوت الطين، واللاجئون في “الجزيرة” محرومون من كافة الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والبنى التحتية؛ نسبة البطالة فيها مرتفعة، وفقر مدقع، وأوضاع صحية مزرية، ونسبة تسرب مدرسي عالية، ونسبة أمية مرتفعة، عدا عن أن اللاجئين فيها غير مسجلين في سجلات “الأونروا”، مع غياب للإهتمام أو تقديم للخدمات سواءً من المنظمات الدولية، أو الحكومة المصرية، أو من منظمة التحرير.

سُمِّي التجمع بـ “جزيرة فاضل” بعد أن استصلح اللاجئون الصحراء الجرداء في السنوات الأولى للنكبة وزرعوها وحولوها إلى “جزيرة خضراء”. يقع التجمع في محافظة مصر الشرقية ويسكنه أكثر من 3500 نسمة، أكثر من 90% منهم من اللاجئين، والباقي من المصريين الفقراء المعدمين. يفتقر التجمع للطرق المعبدة وإنارة الشوارع، والمياه الصالحة للشرب، ولا شبكات للصرف الصحي، ولا يوجد فيه مدرسة أو روضة أو نادي أو مستشفى..، وبالكاد يستطيع المرء أن يَلمَس معلماً يدل على وجود دولة، عدا عن إنتشار للأمراض المستوطنة والوراثية، وبسبب زواج الأقارب تكثر فيها حالات التشوه الخلقي بين الأطفال فالغالبية العظمى من السكان ينتمون إلى عائلة النامولي.

مثل غيرها من العائلات الفلسطينية اضطرت عائلة “النامولي” البدوية للهجرة من منطقة بئر السبع في صحراء النقب المحتل إبان النكبة في العام 1948، حطت بها رحال التهجير في مصر، ولا زالت تعيش على أمل العودة على الرغم من مرور أربعة أجيال، وكما طبيعة عيش القبائل البدوية، بقي أفراد العائلة مع بعضهم البعض. يعيش في مصر حوالي مائة ألف لاجئ فلسطيني وهم على شكل أفراد وعائلات ومجموعات صغيرة متناثرة، باستثناء التجمع الذي أطلقت عليه عائلة النامولي “جزيرة فاضل” ومعروف لدى العامة بـ “جزيرة العرب”.

يصنف القانون المصري اللاجئين الفلسطينيين في مصر بالأجانب، وهذا يعني حرمانهم من الحق في العمل والتملك وغيرها من الحقوق المدنية..، وينص القانون المصري على أن أي مؤسسة إقتصادية يجب ألا يزيد العمالة الأجنبية لديها عن 10%، شرط ألا يتوفر لدى المؤسسة بديل مصري، وبالتالي يلجأ معظم رجال “الجزيرة” للعمل في الزراعة كعمالة غير منظمة، أو جمع الخردة مع أطفال التجمع المتسربين من المدارس والمضطرين لتحسين الظروف الإقتصادية لعائلاتهم، أو الإلتحاق بسوق العمل السوداء، وبأجر زهيد دون تأمين صحي أو تعويض نهاية خدمة والتعرض للملاحقة القانونية والأمنية.

لم يتم “اكتشاف الجزيرة” إلا مؤخراً، واللاجئون فيها معدمون، والتكنولوجيا ووسائل التواصل مع القرية شبه معدومة في ظل حالة الفقر والأمية، ونعتقد بوجود المزيد من “الجُزُر” غير المعروفة حتى الآن.. ضمن سياسة عمل “الأونروا” فإن اللاجئين الفلسطينيين في مصر عموماً ولاجئي تجمع “جزيرة فاضل” على وجه الخصوص خارج صلاحيات عمل الوكالة، وعلى التوازي لا حقوق من الحكومة المصرية، ولا مساعدات من منظمة التحرير أو المنظمات الدولية المتخصصة، وتخلي دولي عن قضيتهم كلاجئين، فإن لم يتحمل كل هؤلاء المسؤولية بالإضافة إلى جامعة الدول العربية.. ستتجه أوضاع سكان “الجزيرة” لا نقول فقط للأسوأ، لا بل ستأخذ منحىً تصاعدياً ومتسارعاً لنتيجة كارثية إنسانية، والمزيد من إتساع هوة الثقة بين اللاجئين وصناع القرار..

السابق
تعيينات الملك سلمان: انقلاب أم عهد جديد؟‎
التالي
اعتصام يطالب وزارة الداخلية بتوقيع عقود الزواج المدني