محمد بن نايف

أرست الأسرة السعودية الحاكمة أساساً أول لانتقال الحكم الى أحفاد الملك عبد العزيز. اختارت الأمير محمد بن نايف ولياً لولي العهد خطوة بالغة الأهمية في هذا الإتجاه. غير أن التأسيس لمستقبل مستقر للسعودية يضع أمام الملك الجديد سلمان بن عبد العزيز وولي العهد مقرن بن عبد العزيز مهمات جساما. تبدأ أولاها بمعالجة زنار النار حول السعودية.

بصرف النظر عن رهان مريدي السوء أو عن تملق أصحاب المصلحة، عبرت جهات في المجتمع الدولي، ومنها الولايات المتحدة، عن خشيتها على مستقبل السعودية بعد وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود. هذا العاهل الذي أطلق عملية إصلاح بطيئة ولكن ثابتة في مجتمع محافظ للغاية. اتخذ قرارات جريئة. أطلق من بيروت عام ٢٠٠٢ مبادرة السلام العربية. شجع على الحوار بين الأديان والثقافات. سخا في تمويل المركز الدولي لمكافحة الإرهاب التابع للأمم المتحدة منذ انشائه عام ٢٠١١. وقف في وجه تمدد النفوذ الإيراني عبر الدول العربية. انتقد سعي الولايات المتحدة الى انجاز اتفاق نووي مع الجمهورية الإسلامية. حمل على دعمها الأعمى اسرائيل على رغم عدوانها المتواصل على الفلسطينيين. عارض بقوة انتفاضات “الربيع العربي” التي أطاحت زعماء رئيسيين. جهد لإسقاط نظام بشار الأسد. أحبّ لبنان وحاول منع انزلاقه مجدداً الى المحن. دعم بقوة الإنقلاب العسكري المدعوم شعبياً الذي أدى الى وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي الى الحكم في مصر على حساب “الأخوان المسلمين”.
هذه هي عناوين السياسات التي عناها العاهل السعودي الجديد في خطاب توليه العرش. ستبقى السعودية على هذا النهج مع الإنتقال السلس للحكم فيها. بيد أن الملك سلمان سيطبع بطابعه مواجهة التحديات في السعودية وفي المنطقة العربية على السواء.
أعطت الثروة النفطية الهائلة مكانة استثنائية للسعودية على المستوى الدولي. بيد أن المتغيرات التكنولوجية والإكتشافات الجديدة في دول أخرى فرضت عليها تحديات لم تكن منظورة. لا شك في أنها لا تزال قادرة الآن على فاعلية استخدام دول مثل روسيا وايران هذا السلاح الإستراتيجي. يتوقع أن تبلغ المنافسة مع ايران ذروة جديدة إذا تمكنت الجمهورية الإسلامية من تأمين سيطرة أوسع – على حساب النفوذ التقليدي للمملكة – عبر المنطقة العربية. هذا السجال الساخن ظاهر على الأقل الآن في كل من العراق وسوريا ولبنان، وحتى في اليمن والبحرين. يكفي التأمل في الموقع الجغرافي للمملكة كي يتعرف المرء الى سلسلة الحرائق التي تزنر حدود المملكة. ليس من عبث أن السعودية تحاول مداواة عناصر زنار النار هذا.
لا بد أن القيادة الجديدة ستدرس التعامل مع انتقادات منظمات حقوق الإنسان لسجل المملكة. سيبقى البذل قائماً لإرسال طالبي العلم الى الخارج، وبينهم الفتيات على رغم استمرار منع المرأة من قيادة السيارة في بلدها. الفرصة مواتية الآن لتلبية تطلعات السعوديين الى بيت مرتب ومستقبل مستقر.
وجود محمد بن نايف ولياً لولي العهد يخدم ضرورة الاستقرار البعيد الأجل في السعودية، وتالياً في المنطقة العربية.

السابق
ريفي رداً على نعيم قاسم: محاولة إحياء المعادلة الخشبية تذاكٍ
التالي
المعرفة كسلاح في وجه الإساءة للرسل