رداً على إيلي شلهوب وصحيفة «الأخبار»: الطهرانية الفاشلة

تصرّ صحيفة “الأخبار” اللبنانية على استخدام “اللامنطق” في قراءاتها وتحليلاتها، خاصة عندما يتعلق الأمر بحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وتستبدل الصحيفة وبعض كتّابها أسلوب المنطق الذي يجب استخدامه مع الذات وحتى الخصوم، بأسلوب “الطهرانية” الفاشل، الممزوج بكثير من التملّق ومزيد من الانحراف، لدرجة تدفع بعض كتّاب الصحيفة مثل إيلي شلهوب، في “الأخبار” بتاريخ 9/1/2015 للاستخفاف بعقول الناس، وتجاهل الوقائع الواضحة، وعزل التاريخ، وكأن الكاتب ومن تبعه في “الأخبار” السبت 10/1/2015 يكتبون –كما يظنون- لأناس يعيشون في المجاهل.

في ظل هذا المنهج الذي أصبح “مركَّزاً” في بؤرة اسمها “الأخبار” تقرأ ما تشاء: السلاح الذي تأخذه حماس من إيران كان “خوّة”، إيران فقدت “الثقة” بحماس، حماس “وحيدة ومعزولة ومفلسة”، حلفاء حماس تركيا وقطر “مأزومون”، حماس تذهب لطهران من أجل أن تستعيد “شرعية المقاومة”، “مساوئ القيادة السياسية لحماس لم تنتقل عدواها لجناحها العسكري”. إغلاق معبر رفح هو بسبب “الخطيئة التي ارتكبتها حماس في سوريا”.

وغير ذلك من تعبيرات أو تحليلات ليست ذات مصداقية، أولها يناقض آخرها.

لنذهب إلى النقاش:

إن التحالفات التي قامت بين حماس ودول المحور كانت تحت عنوان فلسطين والمقاومة والتحرير والعودة ومواجهة الاحتلال الصهيوني ومشاريعه في المنطقة، وإن أي محاولة لأخذ هذه التحالفات إلى عناوين أخرى هو تصرّف خاطئ لا يتماشى مع طبيعة الفكر الذي تحمله حماس والأهداف التي ترفعها.

إذا كانت حماس لا تتمتع بـ”الثقة، وسلاحها في بلاد الشام “سلاح غدر”، وقيادتها السياسية “سيّئة” و”قادتها خونة في عاصمة الأمويين”، وهي حركة مأزومة كما يقول الكاتب، فكيف لدول “المحور” أن يقبلوا بها وأن يتعاونوا معها، وكيف يمكن أن تكون –كما يقول شلهوب في أول مقاله- “زيارة مشعل لطهران قاب قوسين أو أدنى من التحقّق”، وكيف ستحتفل طهران بحركة هذه أوصافها، وهو يقول إن “طهران ستحتفل بعودة كهذه؟”.

وكيف يطلق الكاتب على حماس كل هذه الصفات، ثم يطلب منها الاعتذار كشرط لإعادة العلاقات معها، فهل هذه “الأوصاف” التي ذكرها يمحوها اعتذار..اللهم إلا إذا كان غير صادق في أوصافه؟!

اكتب ما شئت فلن يصدقك إلا من كلفك.

بمنطق الأزمات، إن حركة حماس تعاني من أزمة، وهذا ما يثبته التحليل السياسي المنطقي والقراءة العقلانية. لكن ماذا عن الأطراف الأخرى وباقي دول المنطقة؟! هل حماس وحدها المأزومة والباقون مرتاحون لأوضاعهم؟!

ماذا عن المشاكل السياسية والمعاناة الاقتصادية، والأزمات الداخلية، والصراعات المحلية، والهجمات المتبادلة، والاختلالات داخل هذه الكيانات السياسية والتنظيمية في “المحور”.

ماذا عن الدمار والخراب والقتل والخسائر التي مُنيت بها جميع هذه الأطراف؟!

ماذا عن الفتن الداخلية والتورط في القتال والانحراف عن الوجهة واستبدال ساحات الصراع، وتراجع المكانة؟!

ماذا عن انحدار الأخلاق والسقوط المريع في دوامة الأزمات والخسائر المتلاحقة في كل القطاعات؟!

أما عن المقاومة والمهادنة، فإن حماس هي مشروع مقاومة، كامل، شامل، جذري، هي رأس المقاومة، وهي أساسها وفصلها، والمقاومة هي حكاية حماس الجميلة.

إذا كان شلهوب لا يعرف من قاوم الاحتلال ومن يهادنه، ومن فاوضه ومن يقايضه، ومن تصدى له ومن يتجنبه، فهذه مشكلته..لكن نعود لمبدأ “الطهرانية” التي تجيز لطرف كل شيء، وتمجد الاستسلام وتقدس السقوط وتهلل للخسارة.

يكفي حماس فخراً أنها خلال خمس سنوات خاضت ثلاث حروب، وهي تقاتل بفخر داخل أرضها، ويكفيها فخراً أنها حققت انتصارات مهمة ، في البر والبحر على “الاحتلال الصهيوني” العدو الأساس.

هذا ما دفع يائير نافيه نائب رئيس الأركان الصهيوني للقول “إسرائيل لم تنتصر في هذه الحروب (2014)”، وهذا ما دفع زاهافا غلؤون زعيمة حزب “ميرتس” الصهيوني للقول “الحرب التي شنّتها إسرائيل فشل استراتيجي”. وكذلك عوزي لانداو وزير السياحة الصهيوني “الحرب ألحقت ضرراً طويل الأمد بإسرائيل”.

أما عن المهادنة، فهذا تجيب عنه الوقائع العسكرية الجامدة على أكثر من جبهة، بدون مزيد من الوقائع، ولو استند إلى عدة تبريرات عند المهادنين.

أخيراً.. في النقاش أيضاً:

إن الأسس التي قام عليها التحالف بين حماس وأطراف المحور هي أسس تتعلق بفلسطين والمقاومة ومواجهة الاحتلال.. وهي أسس كانت ولا تزال وستبقى صالحة للتفاهم والتعاون.

وإن حركة حماس حريصة على التفاهم مع أي دولة أو جهة أو قوة عربية أو إسلامية تحت هذه العناوين، لكن من دون انتظار هؤلاء أثمان هنا وهناك في مجالات لا يمكن لحماس أن تدخل إليها على قاعدة التوظيف أو المجاملة.

وإن حماس حركة لها مكانتها ووزنها، والآخرون كذلك، وتعاونها مع الآخرين يعطيها مكتسبات كما يعطيهم هم أيضاً سواء بسواء. وأفضل وسيلة للتعامل مع حماس تكون من خلال فهم خصائصها وإدراك حقيقتها، ومن الخطأ تطبيق نفس الأسلوب على جميع العوامل في مختلف المراحل.

أما عن الاعتذار فهل هو من “عند” الكاتب أم هو وحي من طرف ما، متضرر، يسوؤه حراك حماس السياسي الأخير؟!

في ايديولوجية حماس لا مكان ل”اسرائيل”، وفي ايديولوجيتها أيضاً أن القضية الفلسطينية هي قضية جامعة، للعرب والمسلمين والمسيحيين.

فلسطين هي المحور الجامع، وعلى هؤلاء الذين يتحدثون عن “خطيئة” أن يدققوا في خطاياهم وفي ما جلبته سياساتهم من أضرار ودمار، وبدل أن يدققوا في سجل حماس ليتهم بذلوا جهداّ موازٍ في إصلاح ذاتهم ومراجعة تجاربهم الأخيرة.

أتذكر هنا: جاء العسكر ليعتقلوا أرسطو، فبكت زوجته، وقالت له إنهم يعتقلونك وأنت برئ، فنهرها أرسطو وقال لها: هل تريدينهم أن يعتقلوني وأنا مذنب فعلاً.

http://laji-net.net/arabic/Default.asp?ContentID=37153&menuID=20

 

السابق
رولا يموت: تدرّبت في مجلس النواب وانا تلميذة عوني الكعكي
التالي
«السرفيس».. الى 1500 ليرة؟