الأمن يلاحق «الأحزمة»: توقيف ثلاثة إرهابيين

لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الخامس والثلاثين بعد المئتين على التوالي.

..وفي اليوم الثاني على استعادة سجن رومية الى كنف الدولة، تكشّف المزيد مما كانت تتضمنه إمارة المبنى «ب» من «امتيازات» خدماتية وتقنية لأمراء الإرهاب، فيما بقيت دلالات عملية الاقتحام النظيفة تتفاعل في الاوساط السياسية، التي أجمعت على ان أهم ما في هذه العملية انها حررت الهيبة المعتقلة للدولة.
وإذا كان ما تحقق إنجازا نوعيا بكل المعايير، فإن التحدي الآن يتمثل في البناء عليه لاستكمال ترميم صورة الدولة التي تعاني من تشوهات كثيرة، وتحسين شروط المعركة الطويلة مع الإرهاب.
وبينما أعلنت قيادة الجيش عن توقيف أحد الانتحاريين (ب. ح. ن.) في محلة المنكوبين في طرابلس، أفاد مراسل «السفير» في البقاع أن الجيش أوقف على حاجزه في وادي حميد في خراج بلدة عرسال شخصين تبين أن أحدهما مجهز بحزام ناسف ومستعد لتفجير نفسه والثاني ينقل مواد لتصنيع أحزمة ناسفة.
وقال مصدر أمني لـ «السفير» إن التحقيقات مع الموقوفين الثلاثة أظهرت أن التقديرات الأمنية حول وجود انتحاريين آخرين «هي تقديرات في محلها»، وأوضح أن الجيش شدد إجراءاته الأمنية في منطقة عرسال وجردها، كما في الشمال ومعظم المناطق.
وأشار المصدر إلى أن وحدات القوى الأمنية التي تمسك بمداخل الضاحية الجنوبية ومعظم مناطق البقاع الشمالي رفعت وتيرة الإجراءات الأمنية، بالتنسيق مع «حزب الله»، في أعقاب التفجير الانتحاري المزدوج في محلة جبل محسن في طرابلس.
ويبدو ان زخم النجاح في تحرير سجن رومية من قبضة الموقوفين المتطرفين، سيقود الى تنفيذ إجراءات أمنية حازمة في البقاع الشمالي قريبا، في محاولة جديدة لإنهاء ظاهرة سرقة السيارات والخطف «على الفدية» والقتل العبثي وتواري المطلوبين.
ولعل أبرز ما تحتاجه الدولة في البقاع استعادة مصداقيتها المفقودة بعدما تكررت سابقا الخطط الامنية من دون نتائج حقيقية، وهو الامر الذي جعل ثقة الاهالي في أي كلام حول تدابير جديدة او إضافية، شبه معدومة.
والمحك الآخر الذي يواجه الحكومة ككل يتمثل في تحصين أي تدابير أمنية بورشة إنمائية، لان أي خطة ميدانية ستظل ناقصة ومحدودة التأثير ما لم يواكبها إنماء، يحقق نهوضا اقتصاديا واجتماعيا ويؤمن فرص عمل وصولا الى معالجة أسباب الوضع القائم في البقاع، بدل الاكتفاء باحتواء النتائج.
وعلمت «السفير» ان «حزب الله» مستعد لتسهيل أي إجراءات أمنية في البقاع الشمالي بغية وضع حد لجرائم السرقة والخطف، وتوقيف المطلوبين، وهو يؤكد لكل مستفسر ان الغطاء مرفوع عن أي مخل بالامن، قبل الحوار مع «تيار المستقبل»، وخلاله، وبعده، «وبالتالي فان الدولة طليقة اليدين لتفعل ما تشاء في البقاع الشمالي، ولا يوجد أي مانع سياسي يمكن ان يحول دون بسط سلطة القانون على المنطقة».
ووفق المعلومات، فإن «حزب الله» متعاون الى أقصى الحدود لتفعيل الخطة الامنية في البقاع الشمالي، انطلاقا من انه صاحب مصلحة في حماية بيئته وتنقيتها من المجرمين الذين يشكلون تهديدا لها، بالدرجة الاولى.
ولكن الحزب يعتبر في الوقت ذاته انه ليس من مسؤوليته ان يتولى هو ملاحقة المطلوبين وتوقيفهم، «لان ذلك يصب في خانة الامن الذاتي، في حين ان المطلوب من الدولة ان تتحمل مسؤولياتها على هذا الصعيد».
المشنوق.. الى البقاع در
وقال وزير الداخلية نهاد المشنوق لـ «السفير» إن مجلس الامن المركزي بحث خلال اجتماعه أمس، في التدابير الامنية التي ستتخذ في البقاع الشمالي لفرض الاستقرار، موضحا انه تم الاتفاق مع كل القوى السياسية على هذا الامر، ومتوقعا ان يبدأ التنفيذ في وقت قريب.
ولفت الانتباه الى انه جرى التطرق خلال اجتماع مجلس الامن المركزي الى إمكانية إيجاد مراكز احتجاز في ثكنات الجيش وقوى الامن، لتخفيف الضغط عن سجن رومية والسجون الاخرى المكتظة.
وأشار الى ان عملية التفتيش والتدقيق في المبنى»ب» ستستغرق أياما عدة، «على ان نبدأ بعد قرابة عشرة أيام في عملية إعادة تأهيله التي يُفترض ان تُنجز خلال ثلاثة اشهر».
وكان المشنوق قد جال أمس، على أجنحة المبنى «ب» في السجن، حيث استمع الى شروحات من الضباط المعنيين عن الحاجات المطلوبة للترميم والتأهيل، وفق المواصفات التي تتطلبها القواعد الانسانية والمعايير الدولية، لاعادة وضعه في الخدمة من جديد.
بري: الحوار يغطي الامن
وأكد الرئيس نبيه بري امام زواره أمس، أن الخطة الامنية ستشمل البقاع الشمالي، معتبرا انه لم يعد جائزا ان تستمر عمليات سرقة السيارات وغيرها من الارتكابات في وضح النهار، وقد حان الوقت لإنهاء هذه الحالة الشاذة ومعالجتها جذريا.
وأشار الى ان الحوار بين «حزب الله» و «تيار المستقبل» وضع سقفا سياسيا للامن الوطني العام، وتحت هذا السقف تتم الإجراءات وتتخذ القرارات المتعلقة بضبط الوضع الامني، معتبرا ان الحوار الذي يجري بجدية، وسيُستأنف يوم الجمعة المقبل، منح غطاء شاملا وقوة دفع للتدابير الميدانية.
ورأى ان عملية سجن رومية تشكل واحدة من إفرازات مناخ الحوار، وهي أثبتت انه توجد دولة فعلية، لكن الامر كان يتطلب قرارا سياسيا، ما ان صدر، حتى تهاوى «فندق رومية» من دون ان تسقط نقطة دم واحدة، لافتا الانتباه الى ان أفضل ما في هذه الخطة انها أحيطت بالكتمان.
وتمنى بري ان يتكامل الحواران، بين «حزب الله» و «المستقبل»، و «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية» في اتجاه تعزيز الاستقرار وانتخاب رئيس الجمهورية.
جنبلاط: نعم للحشيشة
وقال النائب وليد جنبلاط لـ «السفير» إنه يجب ان يتركز جهد الدولة بعد طي ملف سجن رومية على تثبيت الامن والاستقرار في منطقة البقاع، لكنه شدد على ان المعالجة لا تكون أمنية فقط، بل يجب ان يواكبها إنماء، «وأنا لا أزال عند رأيي بضرورة شرعنة زراعة الحشيشة، لان نظرية الزراعات البديلة «ما مشيت» «.
ولفت الانتباه الى ضرورة ان تكون هناك خطة إنمائية للنهوض بطرابلس أيضا، خصوصا الاحياء الفقيرة فيها.
وأشاد بما تحقق في سجن رومية، قائلا: وأخيرا، انتهينا من هذه البؤرة في إنجاز أمني جريء وحاسم يسجل لوزير الداخلية نهاد المشنوق والقوى الامنية في سياق محاربة الارهاب، وما حصل أشعرنا بان هناك دولة قوية فعلا، لكن المعركة ضد الارهاب ستكون طويلة.

السابق
“شارلي ايبدو” تعلن توزيعها في تركيا مع صحيفة “جمهورييت”
التالي
إسرائيل تتوقع «تسونامي» سياسياً في 2015