ذنوب أبو فاعور السبعة

ما الذي يدفع بعض السياسيين ومنهم الوزير وائل أبو فاعور إلى فرض مفاهيم أخلاقية مثالية مبالغ فيها مع يقين بأن كثيرين ممن في السلطة من أصدقاء الوزير و رفاقه هم أول من تجاوزها.

العدل لا يتحقق بالإفقار المطلق ولا هو بالمنع الفوقي المنزل، هو لم يبنَ يوماً على أساس أنك وحدك صاحب الحق بالفضيلة وسواك عدم ليس لهم أصل. لقد دخلتم معاليكم البيوت من غير أبوابها وأحسب أنكم بفعلكم هذا تخطيتم الأوصياء عليها، و لم يؤذن لكم حتى بالولوج من قبل أصحابها، تلهيتم بالأغصان ونسيتم الشجرة، ووقعتم في التشهير عن قصد أو بدونه.

لقد آثرتم فوضى الضجيج على العمل الهادئ الرصين، إستعرضتم حد الإساءة، بالغتم في إستخدام الخطاب الكامل النخبوبي وإستمريتم به مصورين أنفسكم على أنكم أصحاب الحق والحصريين فيه.

إن ما تقوم به من أجل غاية أخلاقية؟ نعم. و لكن ذلك لا يعفيك من الحدود، و من أنك وقعت في الخلط بين ما هو اخلاق وما هو قانون، الامر لا يعني بالطبع أن يترك الحبل على الغارب والامور على عواهنها و يستأصل الجانب الاخلاقي.

هنالك يا معالي الوزير سلطة خفية إسمها الضمير لا تقل أهمية عن سلطة القانون والسلطة السياسية، فتدخل هاتان السلطتان  وحدهما في اي قضية لن يؤدي إلى نتيجة  ولن يكون بمقدورهما إلزام الأفراد بالإمتناع أو الإمتثال، كما لن يوقفا في منع التفكك الأجتماعي وأكبر شاهد على ذلك هو ما يحدث في الغرب الأمريكي و أوروبا، فهي (أي القوانين والسلطة السياسية) لم تستطع ولن تستطيع مستقبلاً أن توقف التشوه الأخلاقي أو الحد من تدهور العلاقات الأسرية.

السلطة السياسية للتذكير، و لست هنا في وارد التنظير، تنظم أمور المجتمع وعلاقته مع المؤسسات في إطار قانونين نافذ مقر معتمد ومصان، أم السلطة الإجتماعية فتحاول بل تسعى إلى ضبط سلوك المجتمع وتحول دون الوقع بالفردية. أما  الإيحاء بأنهم واحد لا يتجزأ ففي ذلك تهافت وبه ومعه سيمسي الكل عدو الكل والجميع في حالة حرب مع الجميع وهذا ما لمسناه وحصل فعلاً بين وزير الصناعة ووزير الصحة وقبله مع وزيري السياحة والداخلية ومع وزير الزراعة ومع العديد من أصحاب المصالح وإن بأشكال مختلفة او بأقل حدة  بين الوزير والآخرين قياساً إلى العلاقة التي تربط واحدهم بالآخر بالسايسة والتحالفات السياسية.

الامر من دون ادنى شك سيصيب السلطة بالسقم والإختلال والضعف إن هي قويت أي السلطة الأخلاقية على تلك السياسية أو العكس بمعنى إن قويت السياسة وفرضت بشكل مطلق على الأخلاق. حينها ستكون ردة الفعل الإجتماعية أقسى على الدولة وعلى سياسييها وهو ربما ما دفع بالبعض من السياسيين ومنهم الوزير وائل أبو فاعور إلى فرض مفاهيم أخلاقية مثالية مبالغ فيها مع يقين بأن كثيرين ممن في السلطة من أصدقاء الوزير ورفاقه هم أول من تجاوزها.

بين أسلوبي القسر والتنشئة، إختار أبو فاعور و تياره القسر وفي العادة فإن جل معتنقي تلك الطريقة هم من اليسار الثوري و من أنصار الفكر الشمولية او من أصحاب الإيديولوجيات الفوقية النازلة. ذالك أن التنشئة أسلوب يحتاج إلى نفس طويل ينتهجه من يعمل وليس من يقول.

قد يصعب إنتقاد الاسلوب الاول و عنيت به القسر على إعتبار أن في ذلك تطاول على الحق وصاحب النقد هنا منبوذ ومحجوب عنه ومرفوض. لكن ذلك لم يمنعنا من القول أننا نحن الشعب اللبناني نقف أمام خطاب مغلق بحاجة إلى إعادة نظر سريعة وإلا فالإطالة في إستخدامه ستمنع عنا خيار التنشئة وتعيق الإنفتاح. وهي لن تكون أكثر من محاولة وبداية  بين بدايات.

السابق
جدل سعودي ـ عراقي بشأن هجوم عرعر
التالي
خوجة رئيساً لـ«الائتلاف»: لا حوار مع النظام