منجمو نهاية العام: خيبات الحاضر وخلافات الماضي واستسلام المستقبل

المنجمون ليلة راس السنة
يصطف وراء الشاشات ليلة وداع السنة فلكيّون ومنجمون بالجملة، حساباتهم وتوقعاتهم تختلف، وبين هذا وذاك وهذه وتلك "بتضيع الطاسة". ومع اننا نقر بعدم صدقيتهم، نرانا متسمرين أمام الشاشات أو متمسكين بصفحات كتاب فلكيين.

بصارة برّاجة! بصار براج! ظاهرة جديدة اصبحت مهنة العامة فكل من يجد فى نفسه القدرة على الكلام يطلق على نفسه لقب “عالم أبراج”، لتزدحم المحطات التلفزيونة توقعات تبشرنا بالخير أو تسقطنا في بؤرة الخيبات. ومن ليلة رأس السنة الى برامج خاصة وفقرات مخصصة بالتنجيم ليصل الإنحدار الإعلامي لدرجة نشر التوقعات على أنها أخبار عاجلة .
أما عالم فلك أصبحت عبارة يطلقها على نفسه كل منجم ليضيف مصداقية على خرافاته. وبين التنجيم وعلم الفلك، كان لموقع جنوبية حديث خاص مع دكتور في علم الفلك “عدنان طيّارة”، الذي أكّد في بداية الحديث أن “عبارة علم الأبراج والتوقعات الفلكية مرفوضة، فهي لا علاقة لها بالعلم لا من قريب ولا من بعيد”.
وأضاف: “علم الفلك يدرس الأجسام السماوية دراسة علمية بحت. أمّا ربط مصير الإنسان والأحداث بتحركات النجوم والأجسام السماوية إستخفاف بعقول البشر”. مشيراً الى أن “المجموعات النجمية أو الأبراج المزعومة تقع على مسافة تتراوح بين ال 20ألف و ال 25 ألف سنة ضوئية. وبعبارة أخرى المسافة بيننا وبين الأبراج لا تستطيع حتى الآلة الحاسبة حسبانها”.
وأكد الدكتور طيارة أن “لا فرق بين التوقعات الفلكية وتنبؤات المنجمين فكلها مبنية بالأساس على الخرافات والأساطير وهي تأتي نتيجة تحليل وخبرة لفترة طويلة”.
وفي إطار آخر هذه الظاهرة لا تمثل فقط إفلاسا على المستوى الإعلامي والثقافي.. فالقصة بدأت قبل 15 عاماً وبشكل تصاعدي. ولكن الأزمة الحقيقية أن هناك من يصدق تلك الابراج ويؤكد صحتها بل ويرهن تصرفات حياته بناء على توجهات البرج المزعوم. وهذا ما صنفه المعالج النفسي إيلي بيطار في حديث معه، تحت خانت “الهوس” أي قلق الفرد على مستقبله وخوفه من الحياة.” فهي ليست مجرد حشرية أو فضول لمعرفة المستقبل.
وأضاف بيطار: “التخلص من الهوس يأتي من خلال معرفة ومعالجة السبب الكامن وراء هذا التعلق. خاصة أن الهوس يرتبط بقدر الثقة بالنفس لدى الإنسان وبتاريخ حياته”.
وحمل بيطار المسؤولية لوسائل الإعلام التي تشدد على موضوع الأبراج، فبدلاً من أن تتنافس المحطات على إسم برنامج ثقافي علمي، نرى المنافسة بين محطة وأخرى على إسم منجم أو قارئة فلك.
هكذا إذاً تنتشر الخرافات نهاية كل عام. فاللبنانيون الذين لا يعرفون عن حاضرهم ولا يتفقون على ماضيهم، ويسلمون مستقبلهم الى منجمين، خوفا من المجهول، في استسلام شبه كامل للخرافة، ربما انتقاما من مر الواقع.

السابق
اشكال فردي في منطقة الفيلات في صيدا
التالي
سليمان: الجهود الداخلية أفعل من الاتكال على الخارج