مؤشر أحمد الحريري: الرجل الذي يهزّ الشجرة المقدّسة

احمد الحريري
أمام الشاب والشيخ وتيارهما مهمة جديدة وهي على ما يبدو ستكون أطول من سابقاتها وأصعب ولن تفيدهما عبارة أن شجرة نظام الحزب المقدسة هرمت وأنّ السلاح سيأكله الغبار.

سلوك غريب يمتلكه هذا الشاب العنيد يشعر من معه بالقلق ومن هو خصمه بالخوف من شيء مرعب يخطط له لا سابقة له قط.
إذ يدرك العارفين بأحمد الحريري مدى جديته بشأن أمره غير المفهوم. فلديه دائماً هدف وأمامه مهمة، يشعل ضوء خافت يكفيه ليعمل على ما لا يعرف أحد ماذا سيكون في حال إنتهائه منه، هو ليس سلاحاً بالتأكيد ولن يكون تمثالاً ينحته إكراماً لأحد أو دفاعاً عن احد.
واهم من يشك أنه مدلل أو يتوصل إلى قناعة أنه مضلّل. لقد أنجز الشاب الوسيم المترفّع مهمة الحوار الداخلي بنجاح وألزم الجميع به كشخصية رئيسية محورية يستلزم وجودها دائماً ولا يمكن تخطيها، وجب العبور من خلالها، تفرض تخطياً لنظام قديم وتنهي فكرة العودة اضطراراً إليه أو حتى الإتكال كلياً عليه في المرحلة المقبلة، ونستطيع الجزم أن الرجل صار بإمكانه إن اراد أو أطلق سراحه ان يحدّد مزاج الشارع بحيث يشعر أصحاب السعادة والمعالي والسيادة بالبرد القارس القاسي بسببه.
يُروى أنه وفي قديم الزمان قُدّرَ لفتى بستاني أن يصل إلى مركز القرار بحكمة وروية مع من رافقه في ريعان شبابه، واختصاراً فإن أول ما بدأ به حكمه هو قرار قضى بقطع شجرة مقدسة يعبدها الناس ويخشاها. ما أثار غضب حراس الهيكل فأشاعوا القول إنّه مضلّل ومدلّل ويتطاول على المقدسات وعلى تاريخ من آمن به الناس وحافظ عليه الكبار من أصحاب السيامة والوقار. لكن الفتى لم تمنعه قصص المهولين عن ان الجن والشياطين والعفاريت ستخرج تلعنه إن هو أقدم على قطع الشجرة وأغضب الأسياد حماة المدينة والنظام العظيم. لم يتردّد وأطلق ضربته الأولى فاهتزّت المقدّسات وطار من الشجرة غراب أسود مشؤوم معشعش فيها من زمن. ضرب ثانية، أتبعها بثالثة فسقطت ارضاً وخرج منها ثعبان خنيس يبخ السم ومن فمهه يخرج لسان النار. فبان للغافلين ما كانت عليه شجرتهم المقدسة وما كان فيها، لقد اهتموا بها وحفظوها وقدسوها حداً جعل الغراب والثعبان ينعمون بالقداسة والكرم نفسه وهم لا يدركون.
الرجل يعرف كيف يدرس خياراته وكيف يستفيد من الاحداث المرافقة لها كما والادوات المتوفرة الممكن استخدامها في وقتها. فقد سبق تحركه حديث عن عودة الخدمات وتفعيل المؤسسات التي توفرها وبالتزامن وعلى ما هو ظاهر فإن العمل جارٍ على ترتيب وضع الشركات العائدة لدولة الرئيس سعد الحريري وتلك الصديقة العاملة في فلكه أو ما اصطلح على تسميتها بالشقيقة لتسهيل القيام بالمهمة.
أضف إليها تلك الملاحقة الأمنية والعسكرية والإستخباراتية التي تواجهها الحركات المتطرفة المتهمة بالغلو والعصبية والتي فتحت لتياره بشكل أو بآخر الباب مجدداً ليتبوّأ المشهد السياسي في مناطق محددة. أبو مصطفى يفيد من الدعوة للحوار ليؤكد للكوادر والمناصرين أنه والتيار رقم صعب وأساس ومرجعية كانت وما زالت قادرة على أن تقارع من بيده السلاح.
أمام الشاب والشيخ وتيارهما مهمة جديدة وهي على ما يبدو ستكون أطول من سابقاتها وأصعب ولن تفيدهما عبارة أن شجرة نظام الحزب المقدسة هرمت وأنّ السلاح سيأكله الغبار. ذلك أنّهم، ومن معهم، في مواجهة (حوارية) مع خصم من الطراز الأول الرفيع، تاريخه تراكمي ومتوارث، له باع في السياسة والسلاح يتقن فن الإفادة من الشارات والرموز العتيقة، يسحر من معه بالأحلام على إيقاع طرق الطبول والنغم هو السلاح الأمضى القادر على التلاعب بأرواح الناس ومشاعرهم،
جلس في جولته الأخيرة على درج أبو أحمد في باب الرمل. ثبّت أوراقه بين فخذيه وأعلن أوامره في تلك اللحظة من دون مساعدة نوّاب كتلته أو أي من المنسقين أو المستشارين ومن دون حفل طقوسي. وهمس في صمت السكون وقال: إنسوا القديم، أخرجوا من المدينة، ابنوا من أجل الخلود، اخرجوا…اخرجوا ..اخرجوا.
أحمد الحريري لمن لا يعرفه أو يجهله يصلح، وبالتجربة، أن يكون مؤشّراً لمعرفة مزاج الشارع. بل وهو قادر، ودون مبالغة، على تغيير هذا المزاج.

السابق
حلو: للخروج من الحوار الثنائي إلى حوار يشمل كل الأطراف
التالي
سوسان: صيدا ترفض اي اعتداء على اجهزة الدولة وخصوصا الأمنية