الدليمي تتزوّج «افتراضياً».. وتعبر «البارد» يومياً

لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الثاني بعد المئتين على التوالي.

باستثناء الحديث عن لقاء محتمَل في الرابية بين رئيس «تكتل التغيير» العماد ميشال عون ورئيس «القوات» سمير جعجع، خرج الزائرون الأجانب بانطباع مفاده أن الأفق الرئاسي ما زال مقفلاً.
الانطباع السلبي نفسه يسري على ملف العسكريين المخطوفين، في غياب الوساطات الخارجية الجدية وعدم حصول «هيئة العلماء المسلمين» على تفويض رسمي. أما «التفويض السياسي» الذي سبق أن تبلّغه الجيش اللبناني، قبل أن يحكم إجراءاته الأمنية في محيط عرسال، فقد أظهرت الوقائع أنه مجرد «تفويض نظري»، بدليل بعض «المواقف السياسية المتباكية» التي صدرت في اليومين الماضيين.
وها هو الحوار بين «حزب الله» و«المستقبل» يصبح في حكم المؤجل إلى ما بعد الأعياد، فيما أحدثت المعلومات التي أوردتها «السفير»، أمس، عن احتمال سرقة النفط اللبناني عبر الأعماق، في ضوء تعاقد إسرائيل مع شركات متخصصة لاستثمار حقل «كاريش» الغازي (على بعد كيلومترات قليلة من الحدود المائية اللبنانية)، صدمة في الأوساط السياسية والمهتمة في الداخل والخارج.
وإذ لوحظ أن «حزب الله» لم يدل بدلوه في ملف السرقة الإسرائيلية، أيّد رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ما قاله وزير الطاقة ارتور نظريان لـ«السفير»، أمس، لجهة ضرورة الإسراع في إنجاز الإجراءات المطلوبة، وكذلك المناقصة للتلزيم في ما خصّ الثروة النفطية والغازية، وشدد على وجوب أن تبادر الحكومة إلى تحمل مسؤولياتها وأن تؤدي دورها في هذا المجال، مكرراً انه سيضغط في هذا الاتجاه مطلع السنة المقبلة.

كمال خلف من هو؟
أمنياً، ومع استمرار الأصداء الدولية الإيجابية إزاء عملية توقيف سجى الدليمي طليقة أبي بكر البغدادي، على يد مخابرات الجيش اللبناني، عُلِم أن زوجها الحالي الفلسطيني كمال خلف (في العقد الثالث من العمر) هو إبن شخص كان يُعرَف في مخيم نهر البارد بـ «الغزاوي» نسبة الى كونه من غزة، وكان منتسباً إلى «الكفاح المسلح» وقد توفي شاباً، فتربى كمال مع إخوته في ظروف اجتماعية صعبة للغاية، بمساعدة خالهم عضو اللجنة المركزية في «جبهة النضال الشعبي الفلسطيني» أبو جورج الشنص.
وفيما كان كمال يعمل في مخيم نهر البارد لإعالة نفسه ومساعدة إخوته، شكل دخول تنظيم «فتح الإسلام» إلى المخيم، غداة «حرب تموز» 2006، مناسبة لتقرّب كمال من بعض قياداته، من دون أن يشارك في المعركة التي وقعت بين الجيش اللبناني وهذا التنظيم، فخرج مع الأهالي، لكن بعد نحو سنتين تم توقيفه بجرم التواصل مع قيادات من «فتح الإسلام» في مخيم عين الحلوة، فأمضى في السجن نحو ست سنوات قبل أن يتم الإفراج عنه في مطلع الصيف الفائت.

وخلال تواجد كمال في مبنى الإسلاميين الموقوفين في سجن رومية تعرّف إلى معظم قيادات «فتح الإسلام»، وتعمّق في فكرهم «القاعدي»، كما تواصل مع سجى الدليمي التي كانت تقيم في بيروت (بعد إطلاق سراحها من السجون السورية في آذار 2014) عبر «الفايسبوك»، ولدى خروجه من السجن قبل نحو خمسة أشهر التقى بها وعقد قرانه عليها عند أحد المشايخ، بعدما كانا قد تعاقدا على الزواج «افتراضياً»!
وترجّح مصادر مطلعة على التحقيق إمكان أن يكون زواج كمال من سجى قد تم بناء على تكليف شرعي من بعض «الأمراء» في سجن روميه، وذلك حتى تتمكن طليقة البغدادي من التنقل في لبنان بحرّية، بعدما أعطيت بطاقة هوية مزورة باسم «ملك عبدالله».
وأظهرت التحقيقات أن خلف لم يتورط في أي عمل أمني، بل كان يشكل غطاء للدليمي التي كانت تتنقل بين الشمال والبقاع وسجن رومية حيث كانت تساعد عائلات الموقوفين الإسلاميين والسجناء من خلال تأمين الكثير من احتياجاتهم، وقد تبين بعد توقيفها أنها كانت تتلقى حوالات مالية شهرية لصرفها من ضمن المهام الموكلة إليها.
وتضيف المعلومات أن كمال خلف اصطحب زوجته سجى الدليمي من بيروت إلى مخيم البارد حيث أقاما بداية عند خاله أبو جورج الشنص، قبل الانتقال إلى منزلهما الزوجي، من دون أن يكتشف أحد هوية سجى، حيث قام كمال بتعريف كل أقربائه وجيرانه على السيدة التي تقطن معه بأنها زوجته «ملك عبد الله».
واللافت للانتباه أن كمال لم يكن يترك زوجته في المنزل بمفردها، وهي لم تكن تتعاطى مع أي من جيرانهما، وكانا يخرجان معاً من المخيم إلى أماكن مجهولة ويمضيان أياماً عدة ثم يعودان إليه، طيلة أربعة أشهر مضت، علماً أنهما كانا يخضعان للتفتيش الدقيق عند حاجز الجيش، شأنهما في ذلك شأن كل أبناء مخيم نهر البارد وزواره.
وفور اندلاع مواجهات الجيش مع المجموعات المسلحة في أسواق طرابلس والتبانة وبحنين، غادر كمال وسجى مخيم البارد على عجل، وانتقلا إلى إحدى القرى في الضنية حيث مكثا لفترة، ثم غادرا إلى بيروت حيث وقعا مع ثلاثة أطفال من بينهم طفلة البغدادي المدعوة «هاجر» (8 سنوات) في قبضة مخابرات الجيش.
وأشارت مصادر معنية إلى أن مخابرات الجيش داهمت منزل كمال خلف في مخيم البارد وعدداً من منازل أقربائه، وأوقفت ثلاثة أشخاص على ذمة التحقيق، بينهم سائق سيارة أجرة كان ينقل كمال وسجى إلى أماكن مختلفة بناء على طلبهما، لكن ما لبثت أن أفرجت عنهم جميعاً، بعدما تبين أن لا علاقة لهم بتحركات الزوجين اللذين ما يزالان قيد التوقيف.

التفاوض ينتظر التعهّد

من جهتها، نفت مصادر «هيئة العلماء المسلمين» كل ما يُقال عن عروض وعروض مضادة سواء من الدولة أو الخاطفين، وقالت لـ «السفير» إن عملية التفاوض مجمدة حالياً لأن الدولة، وبلسان وزير الداخلية نهاد المشنوق، أبلغت «الهيئة» أن المفاوضات مع الخاطفين لن تستأنف «إلا بعد تعهّد رسمي يصدر عن الخاطفين بوقف أعمال القتل».
وأشارت مصادر «الهيئة» إلى أن اتصالاتها حالياً تتمحور حول صدور التعهد المذكور عن الخاطفين وبعد ذلك يُبنى على الشيء مقتضاه.
في هذا السياق، كرر رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط مطالبته بمقايضة غير مشروطة، وقال لـ «السفير»: «إنني أؤكد على كلام الرئيس بري بالموافقة على مبدأ المقايضة حتى لو أن رئيس المجلس لا يريدها أن تكون بالمطلق. وأتفهّم هذا الموقف، من أجل إخراج الأهل من دوامة القلق وإخراج البلاد من هذه الدائرة المقفلة».
وأشار جنبلاط إلى أنه لا يستثني من المقايضة أي محكوم أو متورط في أعمال إرهابية، إلا ربطاً باللوائح التي سيقدمها الخاطفون وبالأسماء التي ستتضمنها. واستحضر النموذج الأميركي في التصرف في حالات من هذا النوع، «عندما تبادر دولة عظمى كالولايات المتحدة إلى مبادلة جندي مقابل خمسة من كبار «الطالبان»، يمكن لنا كدول صغرى أن نقوم بهذه التضحية لاسترجاع جنودنا وعسكريينا».
وأشار جنبلاط إلى أنّه لم يثبت حتى الآن تورط سجى الدليمي أو علاء العقيلي، لافتاً الانتباه إلى أنّ هناك تنافساً «في غير محله في مسألة العسكريين المخطوفين، والمطلوب وحدة الموقف» .

السابق
الحوار مطلب إقليمي ولكن لا مصداقية لحزب الله
التالي
الجيش : تفجير ذخائر في محيط ينطا