الهدف المقبل لـ«داعش».. درعا أم الغوطة؟

قد يكون زعيم تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـــ «داعش» أبو بكر البغدادي انتقل إلى سوريا مع بعض المقربين منه للإشراف على خطة بديلة تستهدف مواجهة التطورات المرتقبة، في ظل الأحاديث عن قرب معركة الموصل، في الوقت الذي تثير فيه تحركات «داعش» في ريف دمشق أسئلة عن حقيقة هدفه المقبل.
وبلغت لعبة شدّ الأعصاب في منطقة بير القصب في ريف دمشق ذروتها، خصوصاً بعد إعلان «الدولة» قبل يومين عن إرسال المزيد من الإمدادات العسكرية إليها، الأمر الذي رفع منسوب القلق والتوتر لدى قادة الفصائل المسلحة، وسط تكهنات بالهدف المقبل الذي تسعى إليه قيادة «داعش»، هل هو دخول درعا؟ أم يمكن أن يسبق ذلك افتعال أحداث في الغوطة الشرقية التي تعيش هذه الأيام على وقع اغتيالات متسارعة تشي بخطورة ما ينتظر المنطقة؟
وتثير تحركات «داعش» الأخيرة في بعض المناطق السورية، سواء في الشرق أو الجنوب، أسئلة كثيرة، خاصة أنها جاءت بالتزامن مع معلومات تشير إلى أن البغدادي انتقل مؤخراً من العراق إلى سوريا برفقة بعض أعضاء مجلس الشورى وعدد من المقربين إليه. وبرغم أن مثل هذه التسريبات قد لا تكون بريئة ويقصد منها التشويش على المكان الحقيقي للبغدادي وإضفاء مزيد من الغموض عليه، ففتح جبهة دير الزور بهذا الشكل العنيف من جهة، ووضع كل من درعا وريف دمشق تحت التهديد من جهة أخرى، يشير إلى وجود خطة بديلة لدى قيادة «داعش» تهدف إلى مواجهة التطورات التي يمكن أن تشهدها الأشهر المقبلة، خصوصاً في ظل الحديث عن قرب معركة الموصل في العراق.
فهل استشعرت قيادة التنظيم بالخطر يتهددها في العراق، فقررت توسيع نفوذها في سوريا؟ أم أنها بالفعل تملك فائضاً من القوة يمكنها من القتال على جبهتي سوريا والعراق في الوقت ذاته وضد كل الخصوم دفعة واحدة؟
ما لا شك فيه أن اختيار «داعش» منطقة بير القصب لتكون مرتكزاً لحشوده، نجح في إثارة المخاوف في كل من درعا والغوطة الشرقية، وقد يكون هذا الالتباس حول الهدف النهائي مقصوداً، وذلك لتمويه نيات التنظيم من جهة وتشتيت جهود خصومه من جهة ثانية.
وكان لافتاً أن «المكتب الإعلامي لولاية دمشق» أعلن أمس الأول، عن إرسال إمدادات إضافية إلى منطقة بير القصب، مرفقاً إعلانه بنشر بعض الصور لهذه الإمدادات، وهي خطوة يستخدمها التنظيم لرفع معنويات مقاتليه وممارسة حرب نفسية على خصومه.
وإذا كان القيادي في «جبهة النصرة» أبو ماريا القحطاني أكد قبل حوالي أسبوع وجود مخاوف من أن تكون خطوة «داعش» المقبلة باتجاه درعا، مشيراً إلى أن زعيمه أبو محمد الجولاني أمر شخصياً بحشد الناس لمواجهة هذه الخطوة، فإن أبو محجن الشامي، القيادي في «جبهة النصرة» في الغوطة، حذر قبل أيام عبر حسابه على «تويتر» من أن الهدف الحقيقي لـ«داعش» هو الغوطة الشرقية وليس درعا، الأمر الذي يشير إلى درجة الالتباس الذي أحدثته حشود «الدولة الإسلامية» في بير القصب حتى بين قيادات الفصيل الواحد.
ويبدو أن «جبهة النصرة» في ريف دمشق عموماً والغوطة الشرقية خصوصاً (حيث يعتقد أنه لا تواجد لـ«داعش» في الغوطة الغربية) بدأت باتخاذ إجراءات استباقية لمنع المد «الداعشي» من الوصول إلى مناطق نفوذها، وذلك بالإضافة إلى محاولتها الحد من سيطرة «جيش الإسلام» على بعض المفاصل الأساسية للإمداد.
وفي هذا السياق، شهدت الغوطة الشرقية حادثتي اغتيال لقياديين ارتبطا بـ«جبهة النصرة»، لكن الأخيرة اشتبهت بعلاقتهما مع «داعش» فأقدمت على قتلهما قبل أن يستشري خطرهما بالنسبة إليها.
الأول هو أبو خطاب العراقي، وهو قيادي في «النصرة» ومن قدامى «الجهاديين» في سوريا، قتل لمجرد أنه دافع عن «الدولة الإسلامية» في أحد أحاديثه، والثاني هو أبو محمد العراقي وهو الشرعي العام لتنظيم «أنصار الشريعة»، الذي أسسه قبل أشهر المنشق عن «النصرة» أبو أمير الأردني، حيث كان يتولي منصب أمير منطقة المرج في الغوطة قبل عزله بسبب ميوله إلى «داعش».
وبرغم أن اغتيال العراقي جاء في ظروف غامضة، إلا ان أصابع الاتهام توجهت إلى «جبهة النصرة» على الفور، نظراً إلى تحذير قياداتها سابقاً من أن التنظيم الجديد يحمل فكراً مطابقاً لفــكر «الخــوارج»، أي «داعش».
وقبل ذلك بأيام، قام أبو خديجة الأردني، واسمه الحقيقي بلال عواد عبد الرزاق خريسات، الشرعي العام لـ«جبهة النصرة» في الغوطة الشرقية باعتقال قيادي في «جيش الاسلام» كان مسؤولاً عن الإشراف على نفق ضخم يربط بين حي برزة وحرستا، ومخصصاً لنقل الإمدادات إلى مسلحي الغوطة في ظل الحصار الذي يفرضه الجيش السوري على المنطقة.
وأخيراً، قد يكون ما له دلالته أن قائد «جبهة ثوار سوريا» في الجنوب أبو أسامة الجولاني أعلن انسحابه من «المجلس العسكري» في درعا، وكان قبل ذلك أعلن انسحابه من مبادرة «واعتصموا» وعدم علاقته بـ«مجلس قيادة الثورة» الذي نتج منها وتأسس قبل حوالي أسبوعين.
فهل هذه الأحداث مجرد إجراءات احتياطية من قبل بعض الفصائل لتفادي وقوع أي تطورات؟ أم أنها مؤشرات حقيقية على أن العاصفة بدأت بالهبوب عليها فعلاً؟

السابق
الإمارات: السجن لـ11 إسلامياً من «النصرة» و«أحرار الشام»
التالي
تعويذة فرنسية للانتخابات الرئاسية تقلّل حظوظ قائد الجيش