إيران وسوريا والعراق: تحالف بديل ضد الإرهاب؟

بينما كانت طهران تعمل على إثبات أحقية محورها في امتلاك زمام مبادرة «مكافحة الإرهاب» وتداعياتها السياسية من خلال مؤتمرها الذي حرص على جمع العراق وسوريا جنباً إلى جنب في هذا الشأن، كان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يطلب «المزيد من الدعم» من الأميركيين خلال زيارة وزير الدفاع الأميركي المقال تشاك هايغل الأولى للعراق، والأخيرة بطبيعة الحال، بعد استقالته من منصبه في اواخر تشرين الثاني الماضي.

وجدد العبادي، أمس، مناشدة الولايات المتحدة تقديم «الدعم» للقوات العراقية، في مشهد يظهر إصراره على إبقاء العراق تحت رحمة «النصائح» الأميركية، مطالباً، بعد لقائه هايغل في بغداد، بشن المزيد من الضربات الجوية الأميركية وتزويد العراق بالأسلحة الثقيلة اللازمة للتعجيل بما وصفه بسقوط تنظيم «داعش».
بدوره أعطى الوزير الأميركي اللقاء طابع «الصراحة»، وأكد أنه تم بالفعل التسريع في تسليم بعض الأسلحة إلى العراق، رابطاً قدرة القوات العراقية على «تكثيف العمليات الهجومية»، في إطار ما أسماه «توسيع نطاق التدريب الذي يقوم به التحالف الدولي شمال وغرب ووسط العراق».
وتزامن كلام الوزير الاميركي مع ما ذكرته صحيفة «نيويورك تايمز»، أمس، بشأن تقديم موعد العملية العسكرية على مدينة الموصل، الذي كان تم تداول إمكانية حصوله خلال فصل الربيع المقبل.
وفي هذا السياق، رفض هايغل التعليق على سؤال حول توقيت الهجوم، ولكنه أكد أن واشنطن وبغداد ترتبان «الاستعدادات سويا» لهذا الأمر، رافضاً إعطاء المزيد من التفاصيل، ومكتفياً بالقول إن القوات العراقية تحضر لـ«هجوم مضاد واسع النطاق».
ولم يخف الوزير الأميركي توجه بلاده في ما يتعلق بالسياسة الداخلية العراقية، قائلا إن «النجاح في ساحة القتال ليس سوى جزء واحد من الحل، وأن مفتاح النجاح يكمن في وجود حكومة في بغداد تشمل كل الأطياف، ويمكن أن يحتشد خلفها كل العراقيين، وهو ما يعمل العبادي على تحقيقه»، في إشارة إلى القبول بإشراك القوى المعارضة لحكومة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي في العملية السياسية، مع ما تشترطه من مطالب، كان آخرها الربط ما بين إنشاء «الحرس الوطني» ومشاركة العشائر العراقية في عمليات قتال «داعش».
وفي هذا السياق دعا هايغل، في حديث إلى مجموعة من الجنود الأميركيين والأستراليين، العراقيين إلى «تحقيق النصر على داعش بالاعتماد على أنفسهم». وأضاف «نستطيع أن نساعد، نستطيع أن ندرب، ونستطيع أن نقدم المشورة… ونحن نقوم بهذا»، داعياً القوى السياسية العراقية إلى تشكيل «حكومة جامعة قادرة على الفوز بثقة مختلف الطوائف الدينية والاتنية في البلاد»، بعد ما أسماه سنوات من «التناحر الطائفي».
وبعد إصرار طويل من الحكومة العراقية على ضرورة ضبط إيقاع عمليات التسليح في العاصمة بغداد، قال المتحدث باسم المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء سعد الحديثي، إن العراق طالب هايغل، بضرورة «تسريع وتيرة تدريب قواته وتسليحها»، وإيصال السلاح «لكل من يقاتل» مع القوات الأمنية ضد «داعش»، في إشارة إلى «البشمركة» وقوات العشائر.
على المقلب الآخر، جمعت إيران كلاً من وزيري الخارجية السوري وليد المعلم والعراقي ابراهيم الجعفري على هامش مؤتمر «العالم في مواجهة العنف والتطرف» المنعقد في طهران، والذي تضمن تأكيدا من الوزير العراقي بأن بلاده «لن تسمح لأي بلد بالتدخل البري في العراق».
وقال الجعفري إن الاجتماع تناول «التهديد المشترك» المتمثل بـ«الارهاب في المنطقة»، كما بحث «المصالح السورية والايرانية والعراقية» المشتركة.
وحول إمكانية ايجاد صيغة للتعاون المشترك بين هذه الدول الثلاث على صعيد محاربة تنظيم «داعش» قال الجعفري إنه «في حال التوصل إلى مثل هذا التحالف فإننا سنعلن عن ذلك بشكل رسمي».
وردا على سؤال حول التقارير التي تتحدث عن طلب السعودية التدخل البري في العراق، شدد الوزير العراقي على أن بلاده «ليست في حاجة لجنود وقوات عسكرية» وأن «التدخل العسكري خط أحمر» بالنسبة إلى بغداد.
وعن مستوى التعاون العسكري بين ايران والعراق، أكد الجعفري أن هذا التعاون هو «على مستوى المستشارين».
وفي هذا السياق نفى نائب وزير الخارجية الايراني ابراهيم رحيم بور، في تصريحات على هامش المؤتمر، التصريحات التي نقلتها عنه صحيفة «الغارديان»، في نهاية الأسبوع الماضي، شارحاً أنه رد على سؤال حول غارات جوية محتملة بالقول إنه «بشكل عام العراق حليف إيران ونحن مستعدون لتوفير المساعدة العسكرية إذا طلبت منا الحكومة العراقية ذلك»، وأضاف «أخطأوا في تأويل تصريحاتي».
اللقاء الذي جرى في مكتب الدراسات السياسية والدولية في وزارة الخارجية الايرانية، تناول مختلف القضايا الإقليمية والدولية، حيث عبر الجعفري عن ترحيب بلاده بـ«التعاون الاقليمي» والتعاون عن طريق «التحالف الدولي» لمواجهة «داعش» إذا تم ذلك بالتعاون والتنسيق مع الحكومة العراقية.
واعتبر وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف أن الاجتماع بين ايران والعراق وسوريا هو أول اجتماع للتعاون بين الدول الثلاث، مؤكداً «الاتفاق على مواصلة التعاون في مجال مكافحة الإرهاب».
وقال ظريف عقب الاجتماع إن «الدول الثلاث كانت لديها نظرة مشتركة إزاء الإرهاب والتطرف منذ البداية، وقد صمدت في هذا المجال، ومن هنا فإن التعاون بينها أمر ضروري، وهو ما تم الاتفاق عليه خلال الاجتماع».

السابق
جابر: لحصر مهمة العسكريين المخطوفين باللواء ابرهيم
التالي
الجيش : تفجير ذخائر في البرغلية والبرج الشمالي