هل ينهي عام 2015 دور النفط بالتأثير على المعادلات السياسية؟

حدّدَت فترة سبعينيات القرن الماضي الروابط القوية بين النفوذ والنفط، فقد تميّزَت السنوات الـ10 تلك بتغيرات في ساحة الشرق الاوسط وعلاقتها بالغرب مقابل “براميل النفط”، لتظهر السياسات البترولية التي لا تزالُ تهيمنُ على الواجهة العالمية.
بدأ التغير منذ أزمة 1973، عندما قرّرَ الأعضاء العرب في منظمة الدول المنتجة للنفط “أوبك”، تقليص إنتاجها ردّاً على حرب تشرين الأوّل، وبعدَ 6 سنوات ضخّت الثورة الإيرانية الصدمة الثانية لأسواق النفط العالمية.
بهذا، فإنَّ السياسات الخارجية تداخلت على الدوام بالمعايير الاقتصادية، في الوقت الذي تزاحمَت فيه البلدان الصناعية على التقارب مع مزوّديهم، وصرفَت النظر عن الاختلافات الايدولوجية التي تجمعُها بها.

شهدَت الولايات المتحدة نمواً كبيراً في إنتاج الصخر الزيتي، وقد استمرَّت لسنوات عدّة في إعادة كتابة التاريخ المرتبط بالنفط، للتحول من أكبر مستهلك للطاقة الأحفورية إلى أكبر منتجيها، وفقاً لإحصاءات وكالة الطاقة الدولية.
وإذا أضَفنا إلى هذه المعادلة النمو البطيء الذي تشهدهُ الصين، بالإضافة إلى إكتشاف النفط في مناطق أخرى، فسنخرجُ بنتيجة هبوط سعر برميل النفط الواحد في أميركا بنسبة 33% حتى الآن خلال هذه السّنة.
وفي الوقت الذي تتأرجحُ فيه في الأسعار بسرعة مفاجئة، فثمّة من يرجّحُ أنَّنا سنشهدٌ إستقلال أميركا نفطياً خلال السنوات المقبلة، لتنتقلَ مراكز السلطة بعيداً من التزامها في منطقة الشرق الأوسط المضطربة، ويضعف وجودها في المنطقة الغنية نفطياً.
ويمكننا أن تنوقّعَ حدوث التالي: إنَّ الانخفاض الذي شهدتهُ أسعار النفط اليوم، يمكنُها أن تصبَّ في صالح الغرب في المستقبل، ومن دون الحاجة إلى الإجراءات العقابية التقليدية، مثل العقوبات المفروضة على دول معارضة لأميركا مثل روسيا وإيران، وبالتالي ستعيدُ كتابة الدبلوماسية العالمية.
والسؤال هنا يكمنُ في السبب وراء ذلك، لأنَّ أسعار النفط المنخفضة دون 100 دولار للبرميل الواحد، تعد طريقة أفضل من فرض العقوبات، إذ يرى المحلّلون أنَّ الأسعار المنخفضة للنفط عام 2014، قد رمت بخطط طهران المالية إلى الجحيم، خصوصاً مع موازنة تقدّرُ بـ 153 للبرميل الواحد.
وإذ مُنعت إيران من الدخول إلى كبرى الأسواق العالمية بسبب برنامجها النووي، وبالتالي منع الدولار من الدخول إلى البلاد، والتناقص في معدلات التصدير يمكنها أن تودي بانهيار استقرار النظام الحالي للبلاد، بالأخص مع وعود رئيسها حسن روحاني بتوفير فرص عمل لفئة الشباب.
وفي روسيا، حيثُ وضعَت البلادُ لنفسها سعر 100 دولار للبرميل، فإنَّ أسعار النفط المنخفضة ستفاقمُ في انهيار اقتصاد كانَ في على حافة تعرّضه للكساد، بعدً العقوبات التي فُرضت على روسيا لتدخلها في الشأن الأوكراني.
وقد سئمت البلاد من محاولات مستمرّة لدعم الروبل، ولا يمكنُها أن تستمرَّ في تعويض الفرق في العملة من دون رفعها الأسعار أمام المستهلكين، خصوصاً بعدما شهدَت هذه الأسعار إرتفاعاً عالياً خلال السنوات الـ3 السابقة.

في السّياق عينه، لن تتمكّنَ أسعارُ النفط وحدها من إطاحة الأنظمة الأوتوقراطية، لكن وابتداءً من 2015، ستشكل دوراً أساسياً نحو حقبة جديدة، إذ ستساعدُ في تغذية ازدهار أميركا النفطي وستحول مراكز القوة حول العالم.
أما “أوبيك” التي تناقصَ نفوذها لسنوات الآن، سيقلُّ ارتباطها بما يحصلُ في العالم، وستوافر النفط بسهولة أكبر ويمكن أن نلجأ إلى مصادر الطاقة المتجددة وعمليات التكرير النفطي ستزداد.
وإذا وقعَ كلُّ ما ذكر أعلاه بالفعل، فيمكننا أن نتغلّبَ قريباً على الهاجس النفطي الذي يحكم تصرفاتنا.

السابق
أسعار زيت الزيتون ستشهد ارتفاعاً لا مثيل له هذه السنة
التالي
أهالي المخطوفين يطالبون بهيئة العلماء المسلمين