اعتقال «نساء الدولة الاسلامية» وجبهة «النصرة»: الأهداف والمخاطر..

زوجة البغدادي

احتلت “الدولة الاسلامية” وغريمتها السابقة جبهة “النصرة” العناوين الرئيسية للصحف ونشرات اخبار التلفزة، ولكن لاسباب فريدة من نوعها لا تتعلق بقيادتهما او عملياتهما العسكرية، وانما بنساء محسوبات عليهما تم اعتقالهن في ظروف “غامضة” من قبل وحدات تابعة لمخابرات الجيش اللبناني بالتعاون مع جهات خارجية.

يوم امس (الثلاثاء) اعلنت مصادر امنية لبنانية ان الجيش اعتقل السيدة سجى الدليمي احدى زوجات ابو بكر البغدادي وابنه البالغ من العمر عشر سنوات عندما كانت بصدد العبور الى لبنان من سورية ببطاقة هوية لبنانية مزورة.

ويوم امس ايضا قالت المصادر نفسها ان المخابرات العسكرية اللبنانية اوقفت ايضا زوجة السيد انس شركس المعروف باسم ابو علي الشيشاني مع شقيقها راكان في منطقة زغرتا القريبة من الحدود السورية في شمال لبنان.

وزارة الدفاع اللبنانية تجري حاليا تحقيقا مكثفا مع المرأتين، للحصول على معلومات منهما حول التنظيمين وزوجيهما المفترضين، بينما ارسلت ابن السيدة الدليمي الى احد دور الرعاية للعناية به.

من الواضح ان المعلومات الواردة حول هوية المعتقلتين ما زالت متضاربة، وخاصة تلك المتعلقة بالسيدة سجى الدليمي، فقد اكدت وحدة “الصقور الاستخبارية” التابعة لوزارة الداخلية العراقية ان المرأة التي اعتقلتها استخبارات الجيش اللبناني ليست زوجة السيد البغدادي، واسمها سجى عبد الحميد الدليمي شقيقة السيد عمر عبد الحميد الدليمي المعتقل لدى السلطات العراقية المحكوم بالاعدام لاشتراكه في تفجيرات عدة مناطق.

كان من المأمول ان تبدد السلطات اللبنانية هذا الغموض وتصدر بيانا يتضمن معلومات وافية حول المعتقلات وهوياتهن واماكن اعتقالهن والتهم الموجهة اليهن، لا ان تكتفي بتسريبة هنا واخرى هناك الى الصحف ووكالات الانباء، مما يثير العديد من البلبة، ويفتح الباب على مصراعية للتكهنات.

فمن المفترض ان هناك دولة في لبنان، ومن اقدم على عمليات الاعتقال مؤسسة عسكرية محترمة، تتصرف على اساس هذه القاعدة، وتتناقض كليا في مهامها واخلاقياتها وقيمها وممارساتها مع كل الميليشيات والتنظيمات غير المنضبطة، والخارج معظمها عن القانون، وما اكثر هذه الميليشيات والتنظيمات في المنطقة هذه الايام.

السيدتان المعتقلتان يجب ان تعاملا وفق القانون اذا ما ارتكبتا جرما او اختراقا له، وليس لانهما زوجتان لقائد هذا التنظيم او ذاك، وان يتم احترام خصوصيتهما، وعدم تعرضهما لاي تعذيب جسدي او نفسي، وبغض النظر عن هوية وممارسات زوجيهما وتنظيماتهما.

فاذا كان تنظيما “جبهة النصرة” و”الدولة الاسلامية” يرتكبان تجاوزات دموية في حق خصومهما، ويمارسان القتل والتعذيب والخطف لجنود لبنانيين او حتى مواطنين عاديين والسبي لنساء، فهذا لا يجب ان يقابل بالاسلوب نفسه، ومن منطلق الثأر والانتقام واستخدام السيدتين كورقة ضغط للافراج عن الجنود اللبنانيين والمختطفين، لسبب بسيط وهو ان تصرفات الدولة وسلوكيات مؤسساتها تستند الى القانون وليس الى عقلية الميليشيات.

نحن في هذه الصحيفة ندين دون تردد خطف او قتل الجنود اللبنانيين، ونطالب بالافراج عن جميع الجنود المخطوفين، ولكننا في الوقت نفسه نرأب بالجيش اللبناني ان يحتجز نساء من اجل استخدامهن كورقة مساومة لمبادلتهن بالجنود المخطوفين اذا صحت روايات في هذا الصدد.

فاعتقال النساء امر ينطوي على الكثير من الحساسية في عقيدتنا الاسلامية وثقافتنا العربية، ويمكن ان يعطي نتائج عكسية تماما من حيث زيادة الاخطار، وتعقيد القضايا التي يعتقد ان هذه الاعمال جاءت من اجل حلها، فها هي الجماعات العنيفة والارهابية تقدم على اعمال انتقامية يسقط ضحيتها العديد من الجنود اللبنانيين كرد فعل على هذه الاعتقالات، بينما اصدرت جبهة “النصرة” بيانا هددت فيه بقتل كل العسكريين المحتجزيين لديها انتقاما لقيام الجيش اللبناني بانتهاك اعراض وقتل وذبح الاطفال، ونحن ننقل هنا عن نص البيان.

حتى لا يساء فهمنا نعيد التأكيد بأننا مع اعتقال السيدتين، وبغض النظر عن مكانة وهوية زوجيهما اذا انتهكتا القانون، ولكننا مع حسن معاملتهما وتقديمهما الى محاكمة عادلة ونزيهة بعيدا عن كل الاعتبارات السياسية والدوافع الثأرية، “ولا تزر وازرة وزر اخرى” مثلما علمنا ديننا وقرآننا الكريم، وقيادة الجيش اللبناني يجب ان تكون نموذجا يحتذى به في هذا المضمار.

السابق
الجيش طلب من جميع الرعاة مغادرة جرود رأس بعلبك
التالي
لماذا يصر «المستقبل» على الحوار رغم لاءات «حزب الله»؟