اتفاق مسقط في ملعب العقوبات الأميركية.. وروحاني لأوباما: حلّوا مشاكلكم 

كتبت “البناء” تقول : تؤكد التقارير الديبلوماسية التي انشغلت بتتبع الإشارات الخاصة بما حملته مفاوضات مسقط بين وزيري خارجية إيران وأميركا، أنّ تفاهماً صعباً قد تمّ إنجازه بين الوزيرين جون كيري ومحمد جواد ظريف، وأنّ هذا التفاهم يقوم على حلّ قضية عدد أجهزة الطرد المركزي التي ستشغلها إيران بعد الاتفاق، بالاتفاق على جعلها سبعة آلاف وخمسمئة جهاز كما تطلب إيران لكن في العام 2021، على أن تكون البداية بعدد يزيد على الثلاثة آلاف التي اقترحتها واشنطن ودون الستة آلاف التي اقترحتها إيران، على أن تقترح موسكو هذا الحل الوسط، ويقبل الفريقان ما تقترحه موسكو في اجتماع فيينا الثلاثاء المقبل، أما بصدد العقوبات فقد تمّ التوصل إلى التفاهم على أن تعود واشنطن قبل لقاء فيينا بتصور يضمن رفع العقوبات بكلّ أنواعها، خلال مهلة بين ستة أشهر وعام واحد لتلك المتعلقة بموافقة الكونغرس، وما بين شهر وستة أشهر لتلك المتعلقة بالإدارة والبيت الأبيض ومجلس الأمن، وفوراً لتحرير الودائع المحجوزة.

تقول المصادر ّإن التفاهم تحقق بعدما أصرّت إيران على الرفع الفوري للعقوبات فور توقيع الاتفاق، وعرضت واشنطن التدرّج خلال الفترة الممتدّة حتى عام 2021، وهو موعد وقف إمداد روسيا لإيران بالوقود النووي، وليس موعد نهاية أي مرحلة اختبارية للتقيّد بالاتفاق كي يقبل الإيرانيون بربط تدرّج رفع العقوبات بجدول زمني، وخلال المفاوضات الصعبة، تبيّن للوفد الإيراني كما تقول مصادره، أنّ الرئيس الأميركي باراك أوباما الخائف من سيطرة الجمهوريين على الكونغرس يغلف ذعره بشروط غير مقبولة لرفع العقوبات، في محاولة لجعل إيران شريكاً في حلّ أزماته الداخلية، كما ألمح الرئيس الإيراني حسن روحاني في كلمة معلنة قال فيها، وفي اجتماع لمجلس الوزراء، إنّ “هذا الاتفاق يساعد على تعزيز المعاهدات الدولية والاعتماد عليها، وليس مقبولاً إذا كان البلد الذي يلتزم بالمعاهدات الدولية يجب أن يكون في موضع شك ويتعيّن عليه أن يجيب على شكوك بعض الدول”.

وأكد أن “لا علاقة لنا بالمشاكل الداخلية لإحدى الدول الأعضاء في مجموعة 5+1 وفيما لو فازت أو خسرت في الانتخابات، وعلى كل دولة أن تعالج مشاكلها في داخل بلادها”.
وبينما أعلن السفير الإيراني في موسكو مهدي سنائي أن “إيران وروسيا يعتبران أن استخدام الغرب معايير مزدوجة أدى إلى اندلاع الأزمات في الشرق الأوسط.

كما أكد كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي عباس عرقجي أن “إيران ستواصل عمليات تخصيب اليورانيوم، وبالتأكيد وفقاً لحاجتها العملية، ووصف عراقجي المفاوضات الأخيرة في العاصمة العمانية مسقط بالصعبة والمكثفة”.

ويرى كثير من المتابعين الدبلوماسيين لملف التفاوض الأميركي الإيراني، أن متاعب التنفيذ للتفاهمات التي تعقب اتفاقات معقدة بين خصمين من هذا النوع لا تقل تعقيداً عن مشاكل التوصل للاتفاق نفسه، لكن ذلك لا يغير من حقيقة الاتجاه الحاسم نحو اتفاق كبير.

مناخات المنطقة المحيطة وخصوصاً في الملف الأعقد الذي تمثله سورية، يوحي هو الآخر بتسرب أجواء إيجابية دفعت الرباعي الروسي المصري السوري الأممي لإطلاق مواقف إيجابية نحو الحل السياسي، سواء بظهور مبادرة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، أو الإعلان السوري عن التعامل الإيجابي معها، أو الحركة النشطة لرموز من المعارضة السورية تحت عنوان الحل السياسي نحو موسكو، بعدما ألمحت مصادر روسية أن ضم كل من معاذ الخطيب وميشال كيلو للوفود الزائرة إلى موسكو تم بالتنسيق مع مصر.

الغياب السعودي عن الملف السوري، وما يبدو إصراراً روسياً ـ مصرياً مدعوماً من السعودية لتغييب تركيا، رافقته إشارة نحو غياب سعودي ربما يكون تفادياً لإحراج الحاجة إلى التفاهم المسبق مع سورية، وربما يزداد في المرحلة المقبلة عن الملف اللبناني كما قرأت بعض المصادر المتابعة في كلام رئيس الحكومة اللبنانية عن توقع الإيجابيات الرئاسية في ضوء التسوية الإيرانية ـ الأميركية، من دون الإشارة التقليدية إلى توقع أن تنتج تقارباً سعودياً ـ إيرانياً ينعكس إيجاباً على لبنان.

وسط هذه الأجواء، تزاحمت الملفات اللبنانية الداخلية، بدءاً بالاستحقاق الرئاسي والتمديد للمجلس النيابي والطعن بقانونه الذي يزمع التيار الوطني الحر تقديمه إلى المجلس الدستوري، مروراً بالتحدي الأمني على الجبهة الجنوبية وتحديداً في شبعا تحديداً، وصولاً إلى الأمن الغذائي الذي زعزع التضامن الحكومي بعد الرد العنيف لوزير السياحة ميشال فرعون على وزير الصحة وائل أبو فاعور تعليقاً على كشف المؤسسات التي لا تراعي السلامة الصحية في بعض منتوجاتها.

وفي خضم هذه الملفات برز كلام لافت، لرئيس الحكومة تمام سلام حول رئاسة الجمهورية، وذلك من زاويتين: الأولى ربطه هذا الاستحقاق بما ستؤول إليه المفاوضات بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران في شأن الملف النووي الإيراني، والثانية استبعاده ضمناً التأثير السعودي في الاستحقاق المذكور.

سلام يدافع عن السعودية

وتعليقاً على موقف سلام اعتبرت مصادر في 8 آذار لـ”البناء “أن هذا هو وجه من وجوه الدفاع عن السعودية، خصوصاً بعد الموقف العنيف لرئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون والذي اتهم فيه السعودية بعرقلة الانتخابات الرئاسية، وذهاب أوساط في التيار الوطني الحر إلى أبعد من ذلك، بأن السعودية تتابع معركتها ضد الوجود المسيحي في السلطة عبر منع انتخاب الرئيس المسيحي القوي، ومنع الانتخابات النيابية التي تأتي بالممثلين الحقيقيين إلى السلطة”.

ولفتت المصادر إلى “أن الرئيس سلام أراد بإيعاز محلي وإقليمي إبعاد السعودية عن عرقلة الاستحقاق الرئاسي، فوجد الفرصة مناسبة لجعل الانتخابات مقترنة بالتفاوض الإيراني الأميركي”.

وشددت المصادر على “أن الحديث عن اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية هو من باب التكهنات التي لا تستند إلى أرضية صلبة”، لافتة إلى “أن الحل في الملف النووي الإيراني هو مدخل لبدء التفاوض وفقاً لجدول الأولويات الذي تفرضه الظروف”.
في المقابل، قالت مصادر في الأمانة العامة لقوى 14 آذار لـ”البناء” “إن كلام الرئيس سلام غير دقيق”، مشيرة إلى “أن الملف النووي الإيراني منفصل عن الملفات الأخرى، فالانتخابات الرئاسية في لبنان مرتبطة بالتفاهم الأميركي الإيراني على محاربة الإرهاب، كما هو حاصل في العراق وأفغانستان”.

وإذ أشارت المصادر إلى دور مصري في الملف الرئاسي، أكدت أن الولايات المتحدة بدأت تتحرك في هذا الملف عبر حلفائها وفي مقدمهم مصر، مشيرة إلى أن اجتماع قادة الجيوش في واشنطن منذ نحو شهر، شهد حراكاً دبلوماسياً مصرياً كثيفاً على خط الرئاسة، لجهة الاتفاق على قائد الجيش العماد جان قهوجي لرئاسة الجمهورية”.
وألمحت المصادر إلى “أن سلام مقرب من الرئيس فؤاد السنيورة، وربما يكون موقفه هو لتبريد الأجواء في لبنان تمهيداً للحوار”.

اتصالات رئاسية لبري

وفي السياق نفسه، لم يكشف رئيس مجلس النواب نبيه بري في لقاء الأربعاء أية تفاصيل عن الإشارات الايجابية التي تحدّثَ عنها في شأن الانتخابات الرئاسية، والتزم الصمت حيال هذا الموضوع، واكتفى بالقول: “إنه يجري اتصالات داخلية وخارجية عبر قنوات لن يفصح عنها، ستبقى ملكاً له حتى تنضج”، لافتاً إلى “أن كل مساعيه تصبّ في خانة انتخاب الرئيس”.

وأكد بري بحسب ما نقل عنه زواره لـ”البناء”، “أن الجهود منصبة في الوقت الراهن على تنفيذ ما جرى التزامه خلال جلسة التمديد، أي السعي لانتخاب رئيس للجمهورية، والعمل لإقرار قانون جديد للانتخابات. ولهذه الغاية سيترأس اجتماع اللجنة المكلفة دراسة قانون الانتخاب في السابع عشر من الجاري، لدرس مشروع القانون المختلط 64 بـ64 الذي يجمع الأكثرية والنسبية في محاولة للتوصل إلى توافق، لافتاً إلى “أنه في حال لم يتم التوصل إلى توافق خلال مهلة الشهر، فإنه سيدعو إلى جلسة عامة سيضع على جدول أعمالها كل مشاريع واقتراحات القوانين الموجودة في المجلس منذ أيام حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.

“إسرائيل” لن تخاطر بأمنها

أمنياً، بقي الوضع الأمني في شبعا والعرقوب في دائرة الترقب إثر معركة عرنة والحديث عن تحضير “جبهة النصرة” وميليشيات ما يسمى “الجيش الحر” على شبعا من أجل إنشاء منطقة عازلة تمتد من البلدة حتى الحدود السورية- الفلسطينية بمظلة “إسرائيلية”.
إلا أن مصدراً أمنياً بارزاً أكد لـ”البناء” أن كل ما يشاع حول هذا الموضوع غير صحيح، مشيراً إلى أن الإرهابيين لا يستطيعون دخول شبعا لعدم وجود طرق آمنة تمكنهم من الوصول إلى البلدة، إلا إذا حملتهم “إسرائيل” إليها. واستبعد أن تقوم “إسرائيل” بذلك بسبب القرار1701، موضحاً أن “خرق هذا القرار سيعرض الأمن الإسرائيلي كله للانهيار وتل أبيب لن تخاطر بهذا الأمر”.

تفاعل قضية الأمن الغذائي

في هذا الوقت تفاعلت قضية الأمن الغذائي، بعد كشف الوزير أبو فاعور عدداً من المؤسسات تستهتر بالسلامة الصحية للمستهلكين، والردود العنيفة عليه. إلا أن أبو فاعور مستمر في هذه المعركة، وفي هذا الإطار يعقد مؤتمراً صحافياً اليوم للكشف عن أسماء مؤسسات جديدة تخالف معايير السلامة الغذائية انطلاقاً من نتائج الكشوفات الجديدة التي أجرتها فرق وزارة الصحة وأظهرت مخالفات خطرة.

وأشارت مصادر مقربة من الوزير أبو فاعور لـ”البناء” إلى “أن الحملات التي شنت ضده من قبل بعض الوزارات لا سيما وزارتي الاقتصاد والسياحة، اللتين لا تقومان بواجبهما حيال المواطن وسلامته”، كاشفة عن “تقاعس الوزيرين الان حكيم وميشال فرعون عن ملاحقة المخالفين”.

في المقابل، أكد الوزير فرعون لـ”البناء” “أن المعلومات التي كشفها وزير الصحة في ملف سلامة الغذاء بحاجة إلى مزيد من التدقيق والدراسة لجهة المعايير وكيفية أخذ العينات”.

وسأل فرعون هل هذه الاكتشافات جديدة؟ ولماذا لم يعلن عنها الوزير أبو فاعور سابقاً؟ وشدد على “أن أكثر من تسعين في المئة من المطاعم في لبنان سليمة ومطابقة للمعايير الصحية”، داعياً إلى اعتماد الشفافية والخروج من الجو الإعلامي، واعتبر”أن ما قام به وزير الصحة يضرب الموسم السياحي في لبنان”.
وإذ أشار إلى “أنه لا يريد الدخول في جدال مع أحد”، أكد أن “لبنان يسجل أقل نسبة من حالات التسمم في المنطقة”.
ويتوقع أن يكون هذا الموضوع ومضاعفاته على طاولة مجلس الوزراء اليوم.

السابق
انفجار سيارة ملغومة قرب السفارة المصرية في العاصمة الليبية
التالي
من اين يأكل نوابنا؟