غيرة النساء كالملح في الطعام

غيرة النساء
ينشر موقع جنوبية مقالا نقديا ساخرا اجتماعيا وسياسيا يكتبه الشيخ بلال موّاس، من وحي يومياتنا والأمور الّتي تصادفنا يومياً، ولها علاقة بالنسيج اللبناني الاجتماعي. والمقال هذا الأسبوع عن غيرة النساء.

هي جميلة، إذاً سيتم قبولها في العمل، سيتم تثبيتها بوقت سريع، ستنتقل للفريق المقرّب من المدير، ستكون مديرة مكتبه أو سكرتيرته الأولى، ستكون صاحبة القرار في الشركة، ستكون أهم مني. هي نشيطة وبارعة، سيتم قبولها في العمل، سيتم تثبيتها في وقتٍ سريع، ستنتقل للعمل في الأمور المهمة، ستكون رئيسة قسم أو فرع، ربما ستكون رئيستي .. ستكون أهم مني!

هي قريبة لزوجة المدير، إذا سيتم قبولها في العمل، سيتم تثبيتها في وقتٍ سريع، ستكون مخالفاتها مغفورة، لن يتم مراقبة دوامها، لن تعاقب، بل قد تكافئ، وتكون أهم مني! إن كانت هي جميلة، وإن كانت هي نشيطة وبارعة، وإن كانت هي قريبة لزوجة المدير، ستبقى هي هي، لأنثى بغيرتها الفطرية.

المرأة ملكة، لا تحب أن ينازعها على عرشها أحد، متى تربعت عليه. في بيتها مع زوجها في عملها بين جيرانها وسط زملائها مع صديقاتها أثناء الزيارات الأسرية ، في كل مكان وفي كل زمان ، ترفض أن يكون هناك أجمل منها . لا يمكن أن يكون هناك أشطر منها ، يستحيل أن يكون هناك أنشط منها، غير مقبول وجود أذكى منها .

إذا أردت إغاظة امرأة، فاذكر محاسن أخرى أمامها، ستعدد لك عيوبها وستسرد لك أخطاءها، ستستخرج لك من التاريخ هفواتها وزلاتها.

سيفها قاطع ولا يرحم، فإياكِ إياكِ أن تقتربي من مملكة تسيطر عليها أنثى ثانية، فحولها دائماً ستجدين مكتوب “ممنوع الاقتراب” خطر الموت ، وإن اقتربت، ستكون معركة ، يتلوها معارك، إلى أن يتحقق لها النصر المعنوي بإنهاء وجودك من دنياها.

إن أصابك رذاذ النسيان، أو بدأت عوارض الزهايمر بالظهور عليك، فنسيت التحذيرات الهامة، وقمت بميح إحداهن أمام أخرى ، فأتبع كلامك لمن تحدثها بعبارة “ولكنها لن تستطيع أن تكون مثلك” عسى أن تمنحك هذه العبارة بعضاً من الأسباب التخفيفية لتيسير أمورك، وإن كانت من تحدثها تتمتع بشيءٍ من الذكاء أو سرعة البديهة، فأنصحك بألا تضيع وقتك معها، لأن الموضوع قد انتقل في ذهنها إلى قسم الأرشيف والمحفوظات الدائمة، وبالتالي لن تسعفك كلمات المديح ولا عبارات الثناء ولا تصريحات الاطراء. فلقد قضي عندها الأمر، وناصبتك العداء بسبب ما ارتكبته شفتاك من مديحٍ لأخرى غيرها.

كم من المكافِحات استقالت من مناصبها لمجرد أنه قد تم تعيين أنثى مديرةً عليها؟ كم من المعلماتِ تنتقل منهن غيرتهن لتنفضح وتنكشف أمام التلاميذ ؟؟ بل كم من هؤلاء التلاميذ استطاعوا أن يستفيدوا من الغيرة الواقعة بين معلمتين وأحسنوا استغلالها تحقيقاً لمآربهم ومصالحهم؟

كم من أبناء وبسبب غيرة أمهم من ثانية، تحولوا إلى مخبرين سريين لها؟ فتجسسوا على أبيهم وراقبوا لها تحركاته؟ والغيرة أمر فطري، ولكنها كالملح في الطعام، لا يؤكل من دونه وكثرته تفسد الطعام.

وكل امرأة تشعر بالغيرة في أي حال ولكل مقامٍ مقاله، ولكن العبارة الأوحد التي يرددها حال التي تغار هي بكل بساطة ستكون: “أنا، هي والأخريات”!

السابق
توضيح حول «تضارب بين الأمن في مطار بيروت بسبب داعش وحزب الله»
التالي
السيول تعزل المدارس وتحاصر التلامذة والأساتذة في الضنية