ريفي: لا مصلحة لأحد بكشف موقع المولوي ومنصور

 

تستمر معارك كسب الوقت في السياسة والامن ما دام خيط التسوية الموعودة لم تلح ملامحه بعد.

المفارقة واضحة. في الوقت الذي انفتحت فيه مجدّدا أبواب الاشتباك السعودي الإيراني، تُرمى على الطاولة اللبنانية ورقة الاسماء التوافقية لرئاسة الجمهورية مع شيء من “البروباغندا” التي توحي بقرب الانفراج الرئاسي في عزّ “تشرين” النووي الإيراني.

شكّل لقاء روما بين البطريرك بشارة الراعي والرئيس سعد الحريري الـ”راجع” قريبا، كما قال بنفسه، منصّة الانطلاق لموجة تفاؤل طوّقت ساحة الازمات في لبنان، الى درجة رُصِد فيها بدء عدد من المستشارين الرئاسيين المفترضين بتحضير البدلات الرسمية تمهيدا للالتحاق بـ “القصر” بعد انتخاب “فخامته”!

تقول مرجعية سياسية تعليقا على هذا التناقض بين المشهدين الاقليمي والداخلي “جرعات الأمل تنفع ولا تضرّ. الجميع يكسب الوقت، قبل تسوية لم يحن أوانها بعد”.

تنفّست طرابلس الصعداء بتواري شادي المولوي واسامة منصور عن الأنظار. “نَزحَ” المسلّحون من مسجد عبد الله بن مسعود في التبانة الى بقعة ترك لهما حرية اختيارها، من دون أن يُقدِّم اي مسؤول في الدولة اللبنانية الجواب الحاسم عمّا إذا كان انكفاء المطلوبيَن للعدالة بجرائم إرهابية، والصادرة بحقهما مذكرات توقيف، يعني إبعاد طرابلس عن احتمال تجرّع كأس الانفجار الكبير الذي بلغ عتبتها مرتين.. وها هي شظايا البداوي وحادثة القبيات، أمس، تعيد قرع جرس الانذار. نعم ثمة معضلة أمنية لا يمكن انكارها.
في طرابلس، كما في عرسال، انفصام “مستقبلي” ظاهر للعيان. مع قرار سياسي يغطي الجيش، وضده. مع الجيش وضد مخابراته. مع المؤسسة العسكرية وضد تسليحها المجاني!
قاد تلويح الجيش الجدّي بالقيام بعملية عسكرية تؤدي الى تفكيك “عبوة” المولوي ـ منصور الى إخراج المدينة مجدّدا من نفق المواجهة الحتمية.

حصلت تسوية ما زالت بعض قطبها غامضة، ولا أحد قادرا على التكهّن بتاريح انتهاء صلاحياتها. قيل ان الجيش “لعِب” ورقة الاقتحام العسكري “لكنه لم يكن ليفعلها”، وفق أوساط طرابلسية، بينما تشير بعض المعلومات الى أن القيادة في اليرزة “كانت متحسّبة وبكامل الجهوزية للخيار العسكري، لو فرض الخيار عليها”.

يقول وزير العدل أشرف ريفي لـ”السفير” اننا “نريد الجيش وحده في طرابلس، لكن لا مصلحة لأحد بمواجهة عسكرية، وكان هذا الخيار هو الأسلم للجميع بمن فيهم شادي المولوي واسامة منصور اللذان لا يحظيان بغطاء طرابلسي”، لافتا الانتباه الى “ان هذه التسوية التي شارك فيها الجميع، من دون أن يدّعي أحد احتكار هذا الدور، هي لربح الوقت في ظل عدم توافر حلّ سياسي جذري، وتحت سقف تطورات تتغيّر لحظة بلحظة”.

وفي ظل سيناريوهات متضاربة حول خروج المولوي ومنصور من التبانة وتوجّههما الى سوريا، وأخرى تحدّثت عن انتقالهما مع بقية المسلحين الى مواقع أخرى في التبانة، قال ريفي “لقد تواريا عن الانظار، ولا مصلحة لأحد القول اين هما، ونحن لم نحدّد لهما المكان الذي سيلجآن اليه بل ترك لهما حرية الاختيار”.

في “تيار المستقبل”، هناك من يرى ان السيناريو الذي تحدّث عنه قائد الجيش العماد جان قهوجي بمحاولة “داعش” ربط القلمون بعرسال ومن ثمّ بمنطقة عكار نزولا صوب الساحل الشمالي، لتأمين ممرّ آمن نحو البحر، “قد يكون موجودا في أذهان “داعش” و”النصرة” إلا انه غير قابل للتطبيق، لافتقاده أي تغطية دولية أو اقليمية.. والأهم رفض أهل الشمال قيام إمارة منفصلة على أرضهم”.

وبالرغبة نفسها في تنفيس السيناريوهات بشأن قدرة “داعش” على تنفيذ مخطّط كهذا، تقلل قيادات طرابلسية من مخاطر ظاهرة المولوي – منصور، واصفة إياها بـ”الخطر المحدود الذي تمّت معالجته”.

يتبنّى وزير العدل هذه المعادلة بالقول “هناك احتقان سنّي شيعي، لكن الأمور لن تصل الى حد الانفجار الكبير. قضية المولوي – منصور عولجت من دون قوة عسكرية وهذا رأيي منذ البداية، والعواقب كانت ستكون أكبر لو حصلت المعالجة بغير طريقة”.

ويجزم ريفي بأن “لا لون واحدا للخلايا النائمة في طرابلس. فهناك أيضا خلايا للنظام السوري، و”حزب الله”، وشعوري بأن هذه الخلايا النائمة لا تشكّل خطرا على البلد، وحتى الآن انعكاساتها تترجم عبر بعض الحوادث التي يمكن السيطرة عليها، لكن إذا تفاقم الصراع السوري، فلا احد يعرف الى اين نصل”.

وبعدما أثيرت الالتباسات بشأن موقف وزير العدل الأخير حول هوية مستهدفي الجيش في طرابلس والشمال قال ريفي “هناك طابور خامس، وحامت الشبهات حول بعض الأسماء، وقد أكدت أنهم ليسوا من مناصري المولوي ومنصور، فهذا ليس أسلوبهما، وهما ينتميان الى “مدرسة” تفاخر بالإعلان عن أعمالها، لكن هذا الأمر لم يحصل، وقد أصدرا نفيا رسميا بذلك”.

ويرى ريفي أن “الأجهزة الامنية اذا قامت بواجبها كما يجب، فستعرف هوية مستهدفي الجيش، لكن إذا اشتغلت المخابرات أمناً بالعقل السوري أو بالسياسة فستضيّع المسؤوليات”.

شكّلت مشاركة “حزب الله” في سوريا بالنسبة لـ”المستقبل” السبب الرئيس للتأزّم السياسي الأمني في الداخل اللبناني. لكن وزير الداخلية يقول انها جزء من الاسباب وليست كل الاسباب، “فهناك العامل الجغرافي ومن دون قتال حزب الله في سوريا كان سيصيبنا جزء من الحريق”.

هذا الرأي لا يوافق عليه ريفي. يقول “ان “حزب الله” دعم نظاما مجرما ولم يقم بحرب استباقية. انسحابه شرط ملحّ لحماية الاستقرار الداخلي، وهناك استحالة في الالتقاء على تبرير وجوده في سوريا، بينما انسحابه يؤدي الى إعادة اللحمة بين اللبنانيين”.

وبالمنحى نفسه، يؤكد ريفي ان مقولة لولا “حزب الله” لوصلت “داعش” الى جونية مرفوضة، مشدّدا على انها “لغة خشبية تجاوزها الزمن”.

السابق
قوى الامن اوضحت تفاصيل الاشكال بين عنصرين من امن المطار
التالي
انقاذ 70 مهاجرا في مضيق جبل طارق