إلى أهالي العسكريين: كفى!

“قرر مجلس الوزراء منع اقفال اي من الطرق، وكلف الجيش فتح المقفلة منها بالقوة، وازالة العوائق بالجرافات، وأوعز الى قوى الامن الداخلي بالقبض على كل معترض بالقوة وزجه في السجن”. هذا ما صرنا نحلم به، او على الاقل نطالب به، بعدما حول اهالي العسكريين المخطوفين البلد كله رهينة ابو طاقية وحفنة من الزعران الارهابيين. ولعل الوقاحة القصوى بلغت في ما قاله نائب رئيس اتحاد بلديات دير الاحمر حميد كيروز، الذي توعد اهالي كسروان والمتن الشمالي بقطع طرقهم “فلا يظنوا انهم في معزل عما يجري”، وكأن الاهالي في كسروان هم الذين نفذوا عمليات الخطف، وبدل ان يظهر البطل المذكور عنترياته على اهالي المتن فليقصد جرود عرسال ويحرر العسكريين، أو يقطع طرق امدادهم.

حان الوقت ليقول اللبنانيون لاهالي العسكريين “كفى”، فانتم لا تضغطون على الحكومة بقدر ما تعطلون مصالح الفقراء. فكم من عسكري زميل لابنائكم لم يستطع الالتحاق بمركز خدمته، لانه وقف عند الحواجز المفتعلة لساعات، او ضاعت اجازته على الطرق فحرم مشاهدة ابنائه. وها هم اهالي البقاع يقطفون مواسمهم التي تتكدس او يسلكون بها طرقا وعرة وطويلة لبلوغ العاصمة بتكاليف مضاعفة تزيد خسائرهم، وكم من مريض بقاعي يحتاج عناية خاصة في مستشفيات بيروت، وقد قضى قبل ايام مواطن من مرجعيون وهو عالق في سيارته على طريق ترشيش التي تخضع هي الاخرى لمزاجية عدد من الاهالي.
بالامس قرر الاهالي قطع طريق ترشيش مجددا، ليحاصروا الاهالي العائدين من البقاع بعد تمضية عطلة عيد الاضحى، المشوبة بالقلق ايضا بسبب هجمات “داعش” و”النصرة” في جرود بريتال. واذا كان اهالي العسكريين يتهمون الدولة بالتقصير في ملف ابنائهم، فان البقاعيين والشماليين باتوا ايضا يعتبرونها مقصرة لانها لا تعيد فتح الطرق، ولو بالقوة.
ويرد الاهالي بأن الذي يديه في الماء غير الذي تحترق يداه بالنار، وهذا صحيح، ومعهم حق في التعبير، ولكن ليس بالتصرف، فقضية العسكريين ابنائهم هي فعلا قضيتنا جميعا، ونحن مستعدون للنزول معهم الى الشارع اذا كان تحركهم مفيدا وهادفا وفي مكانه الصحيح، لكننا لسنا على استعداد لنمارس فعل هبل بحق انفسنا، فنصعد الى ضهر البيدر ونقطع الطريق على انفسنا.
اعلم تماما الوضع المربك الذي يعيشه الاهالي، فهم يلبون مطالب الخاطفين في محاولة لانقاذ ارواح ابنائهم، لكنهم ايضا بدأوا يفقدون التعاطف الداخلي بعدما اتسعت وكبرت معاناة اللبنانيين من جرائهم، وهم ايضا محرجون اذا طالت مأساة الخطف، كما حصل مع مخطوفي اعزاز، لان الشتاء مقبل والاقامة في ضهر البيدر ستكون صعبة الى اقصى الحدود، وسيهرب من تبقى من الاهالي المعتصمين فوق. لذا من الاجدى ان يتداعى الاهالي الى توافق حول تغيير انماط حركتهم الاحتجاجية، فيكون المخرج منهم، ومشرفا لهم .

السابق
رضا حزب الله المكلف
التالي
الحوثيون والتفنن في النهب والسلب