عن لبنان وفلسطين وحماس وحزب الله

في مقاله في صحيفة «السفير»، يوم الإثنين 1 أيلول/ سبتمبر 2014، وتحت عنوان «إلى خالد مشعل.. أين حسن نصر الله»، وجّه نصري الصايغ دعوة لعقد قمة بين السيد حسن نصر الله الأمين العام لـ«حزب الله»، والمجاهد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، من أجل الاتفاق على «خارطة طريق لمقاومة واحدة بعناوين متعددة».

وتضمّن المقال مجموعة من المواقف والعبارات التي تذكّر بالشراكة اللبنانية الفلسطينية في مواجهة الاحتلال، وبالتضحيات المشتركة في أكثر من محطة.
ما بين لبنان وفلسطين لغة واحدة، سر إلهي، حكاية سرمدية، رابط من مقاومة، شعاع من بقاء، ثنائي غرّد خارج السرب، سار عكس التيار، كتب نضاله بالدم والنار.
ثنائي نسج تاريخاً من صمود، صنع معادلة من تحدٍّ، صاغ شعار القوة هي القوة، ما أخذ بالسيف بالسيف يسترد.
ثنائي من مستحيل، عنقاء القرن العشرين، فلسطينية كانت أو لبنانية، رقصت على الجرح، انتفضت من تحت الرماد، وهدرت بصوت هزّ المنطقة «هبّوا إلى المقاومة».
لبنانيون مقاومون.. فلسطينيون مقاومون..
متشابهون في كل شيء، نحن أبناء هذا التراب، أحفاد هذه الأشجار، نشأنا في الوديان، تسلقنا الجبال، حملنا معاً عبء الأمة، وأطلقنا شعلة لا تنطفئ، من رصاص ونار ووعي.
بيروت هي القدس، خلدة هي بيت حانون، قانا هي الشجاعية، النبطية هي نابلس، بحمدون هي الخليل، صيدا هي عكا، دير ياسين هي صبرا وشاتيلا، المتحف هو جنين..
المقاوم في فلسطين، هو نفسه المقاوم في لبنان، إسلامياً أو وطنياً، عروبياً أو ليبرالياً.
الوجهة هي فلسطين.. هي القدس بمسلميها ومسيحييها.
المقاوم في لبنان، هو نفسه المقاوم في فلسطين، اسماً ولغة، هوية وملامح، الشهيد في الجنوب تروي دماؤُه أشجارَ الزيتون في اللد والرملة، والشهيد في غزة تروي دماؤه شتلاتِ التبغ في جبل عامل.
الانتصار في فلسطين هو انتصار للبنان، شعباً وأحزاباً ومقاومة، والانتصار في لبنان هو طعنة في قلب الوحش المسمى «إسرائيل» الجاثم فوق فلسطين قتلاً وإرهاباً.
في ما مضى، كان «حزب الله» يُسأل: لماذا لا تقاتلون في فلسطين؟ فكان يرد انه يقاتل ما دامت «حماس» والأخوة الآخرون يقاتلون هناك.
وكانت «حماس» تُسأل لماذا لا تنفذ عمليات من جنوب لبنان؟ فكانت تردّ انها تنفذ ما دام «حزب الله» يقاتل من هذه الجهة.
لنعد إلى الحقيقة التي يجب أن لا تغيب..
كثر في العالم العربي يعتبرون ما حققته «حماس» و«حزب الله» في مقاتلة الاحتلال الصهيوني إنجازاً سياسياً وعسكرياً كبيراً، ومبعث فخر، ألحق هزيمة قوية بالاحتلال، من أجل الدفاع عن الأرض والإنسان والهوية ومصالح المنطقة.
هذا صحيح.. وواقعي..
ما جمع بين حماس «وحزب الله»، واضح ومعروف.. للتذكير فقط، هو الرؤية الإسلامية، والمقاومة، وفلسطين، ومواجهة الاحتلال، وتوحيد قوى الصمود ورفض التسوية.
أولويات، وثوابت، وقضايا جذرية، لا علاقة لها بالمواقف الداخلية والصراعات والتطورات المحلية، وخصوصيات الشعوب والأنظمة وعلاقاتهم الداخلية.
ما حصل في المنطقة من متغيرات سياسية واجتماعية، أثّر في الجميع، لكن ما كان ينبغي له أن يؤثر في أصول العلاقات ومكانة التفاهمات.
لكل جهة رؤيتها وموقفها وقراءتها من هذه المتغيرات، وليس لأحد الحق في إملاء وجهة نظره على الآخر.
لكن لكل جهة الحق، في مخاطبة الجهة الأخرى، والتواصل معها، وإجراء حوارات ودراسات وتحليلات شاملة، واستنتاج خلاصات مشتركة، تحت سقف نقاط الالتقاء الجذرية الاستراتيجية الثابتة، بما يمنع الاختلاف أو التراشق السياسي الإعلامي المتبادل.
القنوات بين حركة «حماس» و«حزب الله»، عاملة وفاعلة، وهي المكان الأفضل للقراءة والتقييم وتحديد نقاط الالتقاء.. وهي المكان الأفضل لضبط أي تباين، وترشيد أي موقف، ومعالجة «ابتعاد ما» في وجهات النظر.
ما حصل في المنطقة من متغيرات وتدخلات ومشاريع وفتن، وصلت حدود التقاتل والتصارع والتحريض والمس بالمقدسات، يجب أن لا يتسلل إلى «المعسكر الفلسطيني اللبناني»، وينبغي أن لا يؤثر في حقيقة العلاقة بين «حماس» و«حزب الله».
وعلى جميع من هم في «حماس» و«حزب الله»، أن لا يكونوا أول من يسيء ويضرّ بهذه العلاقة أو يعمل على تخريبها، سواء من خلال تبسيطها، أو التقليل من مستواها، أو ربطها بتقدم ما في المنطقة أو بتراجع ما، أو حصرها بفئة أو نظام.
والمؤسف أكثر أن تربط علاقة «حماس» و«حزب الله» بمشهد تلفزيوني أو برنامج أو موقف إعلامي، أو اتصال هاتفي أو مسيرة أو رصاصة.
العلاقة بين «حماس» والقوى الأخرى محلها الأمة وفلسطين والقدس والمقاومة، والشراكة بين لبنان وفلسطين قائمة على ذلك.
فلسطين والقدس والمقاومة، خارج كل الاصطفافات والمحاور، عابرة للأحزاب والطوائف.
فلسطين ولبنان جناحان رفعا هذه الأمة طوال السبعين سنة الماضية، وهما كفيلان بالتحليق بها وصولاً للتحرير.
فلنعد لحقيقة هذه العلاقة وجوهرها إلى حيث أردتَ، ولخّصتَ، وحددتَ أنت.. نصري الصايغ.

http://www.assafir.com/Article/18/370075

السابق
انفجار كيميائي داخل متحف بولاية نيفادا الأميركية
التالي
لبنان: 113 في تقرير التنافسية العالمية لسنة 2014