اندفاع أميركي لتسليح الجيش يقابل البطء الفرنسي

جلسة مجلس الوزراء

على رغم ان لا حراك حقيقيا وواضحا لاتمام الاستحقاق الرئاسي قريبا، الا ان ثمة مؤشرات بدأت ترتسم في الافق توحي بأن مساعي تبذل دفعا نحو انتخاب رئيس جديد للجمهورية في المدة التي تسبق انتهاء ولاية مجلس النواب الممدد له في تشرين الثاني، ليأتي التمديد الثاني ثمرة اتفاق متكامل يتيح التعاون مع الرئيس الجديد لانتاج قانون للانتخاب يجري على اساسه الاستحقاق النيابي المقبل.

وفي تطور يكتسب دلالات بارزة علمت “النهار” ان المملكة العربية السعودية قررت تمديد مهمة سفيرها في لبنان علي عواض عسيري فترة اضافية محدودة، علما ان السفير عسيري أكمل جولة لقاءاته الوداعية في بيروت وكان يستعد لمغادرة لبنان للالتحاق بمركز عمله الجديد في باكستان. وتقررت هذه الخطوة نظرا الى عدم امكان تعيين سفير جديد في ظل الفراغ الرئاسي القائم كما في ظل اصرار المملكة على مواكبة التطورات اللبنانية في هذه الظروف الدقيقة التي يجتازها لبنان وخصوصاً من حيث السعي الى اتمام الانتخابات الرئاسية في اسرع وقت.
واذا كان النائب ميشال المر قد صرح أمس بأن “ايلول طرفه بالشتي مبلول”، فقد اعتبرت مصادر سياسية ان الدعم السعودي للبنان وعودة الرئيس سعد الحريري ثم سفره لاجراء مشاورات تشكل مؤشرا لمسعى جدي في هذا المجال.
مجلس الوزراء
في غضون ذلك تمكن مجلس الوزراء أمس من تخطي كل المعوقات ونجح في عقد جلسة ماراتونية امتدت سبع ساعات، واتخذ سلسلة من القرارات التي تضع حدا لعدد من الملفات الشائكة المطروحة، فقبل الهبة السعودية وكلف وزير التربية إصدار الافادات السبت المقبل، وأعطى مؤسسة الاسكان سلفة، كما اقر سلفة لمعاشات التقاعد وأفرج عن المنح المدرسية.
واستمرت مشكلة الرواتب الشهرية للقطاع العام التي لم يتم التفاهم عليها منذ الشهر الماضي ودفعت، لشهر تموز من احتياط الموازنة، وعلمت “النهار” ان لا احتياط كاف لشهر ايلول، وان سحب الاحتياطات المخصصة للوزارات شكل عائقا امام تنفيذ المشاريع وجمدها، وان أكثر الملفات صارت تذيل بعبارة “للتريث” في اشارة الى تأجيل دفع الاستحقاقات مما ينذر ببدء تلقي الوزارات المعنية اعتراضات من المتعهدين لعدم التأخر في مواعيد الايفاء.
وعلمت “النهار” ان الرئيس تمام سلام طرح في آخر الجلسة موضوع الهبة العينية المقدمة من السعودية بما يعادل مبلغ مليار دولار اميركي لتسليح وتجهيز الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة. وطلب موافقة المجلس عليها. وخلال النقاش جرى استيضاح ما اذا كانت الهبة مالية فعندئذ تسلك مسارا داخل الموازنة، أما اذا كانت عينية فالامر يختلف ولا تصل مباشرة الى الموازنة العامة. فحسم الرئيس سلام النقاش بقوله ان الهبة عينية وكلفت السعودية الرئيس الحريري ادارتها. وفهم ان نصف قيمة الهبة ستعطى للجيش والنصف الاخر سيعطى للقوى الامنية على ان تكون الحصة الابرز لقوى الامن الداخلي ثم الامن العام ثم أمن الدولة. وقد يذهب بعض المساعدات الى أجهزة وزارة العدل المكلفة مكافحة الارهاب. وعلى هامش هبة المليار طرح وزراء ما يتردد عن سمسرات عطلت تنفيذ هبة الثلاثة مليارات التي قدمتها السعودية عبر فرنسا، فكان الجواب ان الامر يتعدى السمسرات من دون الافصاح عن التفاصيل.
وفي مستهل الجلسة أثار الرئيس سلام موضوع عرسال فشدد على ان الحكومة ستلجأ الى اجراءات مهمة لتحرير الرهائن. وطلب من الوزراء ابقاء بعض التفاصيل طيّ الكتمان لخصوصيتها العسكرية. وفيما بدا واضحا ان وضع عرسال يتميّز بالهدوء حاليا فان الاستقرار مرهون بانسحاب المسلحين من المنطقة الحدودية وتحرير الرهائن. وبدا ان الوضع غير مريح ويدعو الى القلق لعدم وضوح المفاوضات لاطلاق الرهائن خصوصاً، ان الجهة الخاطفة والجهة المؤثرة على الخاطفين والوسطاء لم تتضح معالمهم. لذا فإن التخوف الكبير هو من أن يستغرق انهاء مسألة تحرير الرهائن وقتاً طويلا. وخلال المناقشات جرى التنبيه الى ان اللاجئين السوريين يشكلون البيئة الحاضنة للمسلحين. وفي موازاة ذلك تقرر ان يطلب لبنان من المفوضية السامية للامم المتحدة للاجئين ان تهتم باللاجئين العراقيين أسوة باللاجئين السوريين.
وفي ما يتعلّق بطرابلس والجدل الذي أثارته قرارات البلدية هناك، فقد قوبل باستهجان من الوزراء ولا سيما منهم وزير العدل أشرف ريفي ووزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، فيما علم ان وزير الداخلية نهاد المشنوق اتصل برئيس البلدية نادر غزال وأبلغه استياءه من اتخاذ البلدية قرارات تتجاوز صلاحيتها. وأعتبر وزير العمل سجعان قزي ان هذه القرارات تقارب الحكم الذاتي، داعياً الى احترام الدستور والقانون والتقاليد الميثاقية.
من جهة اخرى، صرّح الوزير قزي لـ”النهار” بأن مجلس الوزراء أقرّ بأقتراح منه بندين: أعطاء المستخدمين والعمال المنحة المدرسية عن سنة 2013-2014. وأقامة دائرتين لوزارة العمل في جبل لبنان: دورة في الشيّاح تغطي جبل لبنان الجنوبي وتشمل بعبدا وعالية والشوف، ودائرة لبنان الشمالي في جونية وتغطي فتوح كسروان وجبيل والمتن.

الجيش

وفيما تستمر المفاوضات لتوفير السلاح للجيش والقوى الامنية، علمت “النهار” ان لا سبب لوجستياً لتأخير تسليح الجيش بموجب الاتفاق السعودي – الفرنسي، اذ ان قيادة الجيش زودت الجانب الفرنسي لائحة بحاجاتها قبل أشهر، ولم تتأخر في هذا الطلب. وقد اطلع قائد الجيش العماد جان قهوجي رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس على اجواء معركة عرسال وأكد قهوجي لبري عدم تفاوض الجيش مع قادة المسلحين السوريين الذين كانوا وراء خطف العسكريين المفقودين. وعلمت “النهار” ان قيادة “هيئة العلماء المسلمين” طلبت موعداً من قائد الجيش ولم يبت الاخير هذا الموضوع بعد.
وتطرق رئيس المجلس وقائد الجيش الى هبة الثلاثة مليارات دولار المقدمة من المملكة العربية السعودية “والبطء الحاصل من طرف الفرنسيين حيال هذه الهبة”.
في المقابل، أبلغ السفير الاميركي ديفيد هيل الرئيس سلام “أن الولايات المتحدة ستقدم قريباً ذخيرة اضافية وعتاداً لعمليات الجيش القتالية الهجومية منها والدفاعية. وهذا سيعزز قدرة الجيش على تأمين حدود لبنان، وحماية الناس في لبنان، ومحاربة الجماعات المتطرفة العنيفة. وسوف تبدأ المساعدات العسكرية الأميركية بالوصول خلال الأسابيع المقبلة، وتستمر خلال الأشهر المقبلة”.
وقد أوقفت شعبة المعلومات مشغل موقع “احرار السنة – بعلبك” في منطقة بعلبك ويدعى ح. ش.ح (لبناني) واعترف بتشغيله الموقع.

 

السابق
تركيا: قراءة في نتائج الانتخابات الرئاسية وانعكاساتها المستقبلية
التالي
البطاركة الى العراق