بانتظار الحكومة السورية المؤقتة!

فايز سارة

اتخذت الهيئة العامة للائتلاف الوطني السوري قرارها بإقالة حكومة الدكتور أحمد طعمة بأغلبية ثلثي الحاضرين في اجتماعها الأخير، وكُلفت الحكومة المُقالة بتسيير الأعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة، تتابع مسؤولياتها في المرحلة المقبلة، كما قررت الحكومة فتح أبواب الترشح لمنصب رئيس الوزراء وللوزراء على نحو ما يتضمن النظام الأساسي للائتلاف الوطني.
قرار الهيئة العامة، جاء في أعقاب عرض الحكومة لما قامت به من نشاطات في خلال نحو عشرة أشهر مضت على تشكيلها، وعقب نقاشات جرت بين أعضاء الهيئة وأعضاء الحكومة ورئيسها، وهي نقاشات تناولت الخطط والسياسات إضافة إلى ما جرى القيام به، ومناقشة المشكلات التي اعترضت مسارات عمل الحكومة وظروفها الداخلية والخارجية، والجهود التي بذلت في التغلب على المشكلات.
ورغم أن النقاشات، وإنْ توافقت على ضعف الحكومة وتقصيرها، فإنها اختلفت على توقيت الإقالة، كما اختلفت على سبل معالجة الوضع؛ حيث طالب البعض بتأجيل الإقالة أملا بالإصلاح، والنقاشات في الحالتين لم تخلُ من عمليات جذب وشد على أرضية الخلافات السياسية الموجودة في الائتلاف، فإنها اتسمت بمستوى من الجدية والمسؤولية حول ضرورة أن تكون الحكومة ملبية لاحتياجات السوريين في ظل الكارثة التي دفع نظام الأسد السوريين إليها في الأعوام الأخيرة، لكنها عجزت عن القيام بدورها؛ مما أدى إلى قرار إقالتها نتيجة تقصيرها لأسباب تخصها أساسا، وأخرى تتعلق بالبيئة الداخلية والخارجية، التي تعمل الحكومة في أجوائها.
وتؤشر مجريات اجتماع الهيئة العامة إلى جملة خلاصات، لعل الأبرز فيها ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة، نتيجة حاجة السوريين إلى وجود جهاز تنفيذي يتابع العمل على تلبية احتياجاتهم سواء لجهة الخدمات أو لجهة مشاريع التنمية، والخلاصة الثانية، تتعلق بضرورة المجيء بحكومة أكثر تلاؤما مع مهماتها من حيث القدرة على تحديد الاحتياجات ووضع الخطط وتنفيذها وسط مراقبة وتقييم موضوعيين، وهذا ما يقودنا إلى الخلاصة الثالثة، وأساسها ضرورة، أن يكون أعضاء الحكومة من التكنوقراط وخبراء في موضوعاتهم، أكثر مما هم سياسيون، رغم أن من الصعب في حالة حكومة للائتلاف وبسبب الظروف المحيطة، الفصل بين الاثنين، كما أنه يصعب الفصل بين الاثنين وضرورة أن تكون الحكومة ذات تمثيل مقبول للمكونات السورية الحاضرة في المجتمع. ولعل الأهم في الخلاصات، هو أن الحكومة المقبلة عليها وعي وتأكيد، أنها حكومة الائتلاف، ليست موازية له ولا بديل له، بل تعمل بالتعاون وبالتنسيق معه في المجالات التي تخصها، ويمكن أن تكون ناصحا ومساعدا في الموضوعات الأخرى سواء التي تهم الائتلاف وعموم المعارضة والقضية السورية كلها.
وحتى يكون بإمكان الحكومة المقبلة القيام بذلك، يتطلب الأمر من الائتلاف القيام بخطوات تساعد الحكومة المقبلة عبر إجراءات؛ أولها المساعدة في تشكيل حكومة قوية ومتماسكة وقادرة على القيام بواجباتها وتبني وتنفيذ سياسات تتناسب واحتياجات السوريين؛ مما يتطلب تدقيقا أكثر مما سبق في اختيار رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة، وتأكيد ضرورة الاستفادة من خبرات بعض وزراء وخبراء الحكومة المُقالة. وثاني الإجراءات إنجاز وإقرار مشروع العلاقة الناظمة بين الائتلاف والحكومة الذي تأخر كثيرا. والإجراء الثالث المطلوب أساسه العمل على تقديم كل الدعم السياسي والمادي للحكومة، وقد بدا ضعيفا ومحدودا في الفترة الماضية، رغم التحسن النسبي لعلاقات الائتلاف في المجال الخارجي.
إن مسيرة جديدة في العلاقة بين الائتلاف والحكومة، ينبغي رسم ملامحها للمرحلة المقبلة، أساسها قراءة التجربة الماضية بكل إيجابياتها وسلبياتها؛ مما يجعل بالإمكان تعزيز الإيجابيات وتطويرها، ومواجهة السلبيات وتجاوزها، ودون القيام بذلك فسيجد الائتلاف نفسه أمام تجربة تشبه التجربة السابقة في خلاصاتها، وإن اختلفت التفاصيل في هذا الجانب أو ذاك، فهي مجرد تفاصيل ليس إلا.

السابق
المنطقة تترقّب ما بعد بعد «النووي»
التالي
الجهاد المقدس على «فيسبوك»