حمدان: تنسيق ميداني بين ’حماس’ و’حزب الله’

لا يختلف مشهد العدوان الصهيوني على غزة اليوم كثيراً عن مشهد العدوان على لبنان 2006 والعدوان على غزة العامين 2008 و2012، إن على صعيد الهمجية وآلة القتل وبالمقابل ردّ المقاومة على الكيان الصهيوني بالصواريخ واستهداف مدنه وقواعده العسكرية. لكن الظروف تختلف بين هذه الأعوام، خصوصاً بعد ما حصل من أحداث في الدول العربية وما تركته من انعكاسات على محور المقاومة والعلاقة بين أطرافه.

فكيف تقرأ حركة «حماس» حرب تموز 2006 في ظل ما تتعرّض له اليوم غزة من عدوان اسرائيلي، وما هي طبيعة العلاقة بين قوى محور المقاومة؟

يرى مسؤول العلاقات الدولية في «حماس» أسامة حمدان أن العدو الصهيوني يريد من خلال عدوانه الجديد على غزة «تثبيت وقائع على الأرض تؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية بعد فشل عملية التسوية واستقالة مارتن انديك ونهاية المفاوضات وتشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية». يشير إلى أن الحملة العسكرية بدأت في الضفة الغربية ومن ثم امتدت الى غزة «بهدف توجيه ضربة قاسية للمقاومة في ظل الأوضاع العربية القلقة والمتحركة».
في مقارنته للمتغيّرات بين تموز 2006 وتموز 2014 يرى حمدان أنه في العام 2006 كان أول فشل إسرائيلي عسكري، ولم تنجح الآلة العسكرية الإسرائيلية في تحقيق أي إنجاز ميداني وبالتالي أي مكاسب سياسية، وتكرر الأمر العامين 2008 و2012. «وبالرغم من التفوق الإسرائيلي الجوي وقوة القصف البري، فقد نجحت المقاومة وشعب غزة في الصمود وأثبتت أنها قادرة على تسجيل نقاط إيجابية وفرض معادلات جديدة في الصراع. واليوم يحاول العدو استغلال المتغيرات في المنطقة لاستعادة زمام المبادرة وتصفية المقاومة والقضية الفلسطينية».

يؤكد حمدان أن قدرة المقاومة في فلسطين على الصمود «كبيرة جداً، وهي قادرة على الاستمرار في إطلاق الصواريخ ومواجهة أية عملية برية والوصول إلى عمق الكيان الصهيوني». يضيف: «المقاومون جاهزون لأية مواجهة وهم يتمتعون بقدرة متطورة على العمل الميداني. انتقلت المقاومة من كونها مجرد ردّ فعل عسكري لعدد من الأشخاص إلى حالة عامة في المجتمع الفلسطيني، ولذا من الصعب أن تهزم، والمعركة قد تأخذ بعض الوقت وسنكون أمام مفاجآت جديدة يومياً».
وعن التنسيق بين المقاومة في فلسطين ولبنان ودور ايران يقول حمدان: «العدو واحد وتكتيكاته واحدة. ولذلك حصل جهد مستمر لتبادل الخبرات. هناك تعاون وتنسيق ميداني دائمان، والعلاقة مع حزب الله وإيران اليوم أفضل بكثير مما يظنّه البعض. العلاقة مع حزب الله أفضل بمراحل مما يتوقع المتفائلون، وهذه العلاقات قائمة على مواجهة الكيان الصهيوني والعمل لتحرير فلسطين، ولذا فإن الجميع حريص على المحافظة عليها مهما تبدلت الظروف او اختلفت وجهات النظر».
يضيف حمدان «اذا كان هناك من يراهن على ان حماس تواجه مشاكل معينة بسبب تغير الظروف، فهذا رهان خاطئ. المقاومة اليوم أقوى، ونحن لا زلنا في بداية المعركة، وستثبت الأيام قدرتنا على الصمود والمواجهة».
يشير حمدان الى الظروف والمتغيرات الحاصلة في المنطقة «في ظل وجود مشروع أميركي لتغيير بوصلة الصراع واستبدال المواجهة مع العدو الصهيوني الى صراعات مذهبية وطائفية، ورهان البعض على تقديم تنازلات للأميركيين مقابل أثمان معينة وعلى حساب القضية الفلسطينية، وبروز مشكلات كبرى في الإقليم بعد التطورات السورية والعراقية والمصرية. لكن رغم كل ذلك ها هي المقاومة تعود لتكون هي الحدث، وهي قادرة على تغيير طبيعة الصراع وأن تؤكد أن النضال من أجل فلسطين لا ينحصر داخل المناطق المحتلة بل يشمل المنطقة كلها، ولذا سنشهد تغييراً في التطورات والعلاقات السياسية في المرحلة المقبلة لمصلحة خيار المقاومة وإعادة بوصلة الصراع باتجاه العدو الصهيوني».
وعما إذا كانت «حماس» قد خسرت مواقع داعمة بسبب بعض سياساتها في السنوات الثلاث الماضية، يقول حمدان: «أطراف كثيرة راهنت على عزل حماس خلال المرحلة الماضية. البعض فعل ذلك بسوء نية وبالارتباط بالمشروع الأميركي في المنطقة، والبعض أخطأ ولكن نياته كانت حسنة. لكن مشهد المعركة اليوم وصمود المقاومة يفتح الباب واسعاً لإعادة تقدير ذلك الموقف، ولكي نعرف هل فعلاً تخلت حماس عن المقاومة أم أن حماس ومنذ نشأتها هي في قلب المقاومة ومحور المقاومة مهما تغيرت الظروف؟».
يتابع حمدان: «إذا كانت حماس وقفت الى جانب الشعوب في عملية التغيير، فإنها كانت حريصة على عدم التورط في الصراعات الداخلية وألا تكون طرفاً فيها، وهي ركزت على تطوير قدرات المقاومة كي تكون جاهزة دائماً لمواجهة المشروع الصهيوني كما يجري اليوم. ولذلك عمدت أيضاً الى الدخول في المصالحة الفلسطينية واتباع نهج جديد في المنطقة لإبعاد الشعب الفلسطيني عن الصراعات الداخلية في اية دولة عربية، ولا سيما لبنان، وبذلك تؤكد حماس على أولوية خيار المقاومة».
يختم حمدان بالقول إن ما يجري اليوم «يؤكد أن المقاومة قادرة على الصمود ولديها المزيد من المفاجآت، وهذه المعركة ستكون بالنهاية إنجازاً جديداً للمقاومة، ليس فقط في فلسطين بل لكل قوى المقاومة في طريق مواجهة المشروع الصهيوني».

 

السابق
واشنطن ترشح 18 دولة عربية للتقسيم
التالي
أسرار #داعش التنظيمية: خليفة وولاة وميزانية بملايين الدولارات