حرب غزة الكاشفة

مع كل عدوان إسرائيلي على قطاع غزة، تتكشف لنا عدة حقائق جديدة، ومع العملية الأخيرة على القطاع والتي أطلق عليها الصهاينة اسم (الجرف الصامد) تكشفت لنا عدة حقائق ومنها:

– التطور الكبير في أداء «جيش القسام» الذراع العسكرية لحركة حماس، فلقد استطاعوا تطوير صواريخهم لتصل إلى أبعد مدى وكان آخرها صاروخ R160 والذي تمكنوا من خلاله من ضرب تل أبيب ومدينة حيفا شمال فلسطين المحتلة، كما أثبتت العملية الاستشهادية والتي استطاع خلالها مجموعة من أبطال القسام من اقتحام قاعدة «زيكيم البحرية» الإسرائيلية في عسقلان، والاشتباك مع قوات الاحتلال وقتل بعض الجنود، أثبتت قدرة القسام على اختراق الدفاعات والاحتياطيات الأمنية التي تقيمها إسرائيل على منشآتها العسكرية، وأثبتت بأن قوات القسام لا تعرف المستحيل.

– العدوان الإسرائيلي جاء مباشرة بعد زيارة رئيس جهاز الاستخبارات المصرية لإسرائيل، وهو يذكرنا بتصريح «ليفني» الشهير والذي أطلقت فيه تهديدها من أرض القاهرة في عهد حسني مبارك باجتياح غزة.

– التخاذل العربي الكبير في نصرة إخوانهم على أرض غزة، فلا دعوة إلى عقد اجتماع للجامعة العربية أو لمجلس الأمن، وكأن العدوان الإسرائيلي يقع على قوم من ملة أخرى!!

– دجل أدعياء السلفية «الجامية» والذين يتحدثون عن الأخوة الإسلامية وحرمة دماء المسلمين إلا إذا كان المعتدى عليه من الجماعات الأخرى وخاصة «الإخوان المسلمين» فدماؤهم ساعتها رخيصة، وتابعوا تصريحات رموزهم والتي تلقي اللوم على حماس في الدماء التي تراق، بينما لا تجد لهم استنكارا للصلف والعدوان الإسرائيلي!!

– تناقض مدعي الليبرالية والديموقراطية والقومية، والذين يتحدثون بشعاراتهم البراقة ويدافعون عنها، إلا أنهم يصمتون صمت أهل القبور تجاه ما يجري من عدوان سافر على أهل غزة، كل ذلك بسبب الخلاف الفكري بينهم وبين حماس.

– الانحياز الأميركي الواضح في الدفاع عن الكيان الصهيوني، وإيجاد التبريرات له، إذ نجدهم يستنكرون قصف حماس للمدن في فلسطين المحتلة «إسرائيل» بينما يغمضون أبصارهم عن الشهداء المدنيين من النساء والأطفال الذين تنهال عليهم صواريخ طائرات F16، وهم آمنون في بيوتهم فتحولهم إلى أشلاء!!

– الصلف الصهيوني الذي لا يفرق بين طفل أو امرأة أو مقاتل، ولذلك هم لا يتورعون عن قصف البيوت الآهلة بالسكان من أجل قتل رجل واحد، وقد رأينا جثامين عائلة كاملة من سبعة شهداء قصفتهم الطائرات الإسرائيلية.

– حقيقة اليهود وجبنهم، والتي أخبرنا الله تعالى عنها، وقد رأينا صورهم وهم يهربون من صواريخ المقاومة الفلسطينية، في الوقت الذي يسير فيه الفلسطيني شامخا في غزة برغم القذائف التي تتساقط حوله.

لقد كلفت القبة الحديدية -التي وضعها اليهود لصد صواريخ المقاومة – 300 مليون دولار، كي تحميهم وتجلب لهم الأمان، لكنها وبحسب الروايات الإسرائيلية نفسها لم تنجح إلا في اعتراض أقل من ربع الصواريخ المنطلقة من غزة!!

هل سينجح العدوان؟

كل المعطيات تشير إلى أن الصهاينة سيفشلون في تحقيق مرادهم من العدوان على غزة، فحماس اليوم ليست كحماس الأمس في سلاحها وتنظيمها وقوتها، التآمر على غزة كان أكبر عليها من هذه المرة ومع ذلك لم تنهزم، الشعوب العربية لن تبقى صامتة.

من دواعي التفاؤل أن هذا العدوان جاء في شهر رمضان، وهو شهر مبارك لطالما حقق فيه المسلمون انتصاراتهم، ولعل من آخرها حرب العاشر من رمضان والتي حطم فيها الجيش المصري اسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، وأنا متفائل بأن عملية «الجرف الصامد» سيحولها أبطال القسام إلى جرف هار، ينهار بالصهاينة ومن يواليهم.

السابق
قضية التجسس تتفاعل بين ألمانيا والولايات المتحدة
التالي
قادة محاور التبانة سجناء الخلاف بين المستقبل وميقاتي؟