تصفية النصرة ورسم الحدود أولوية داعش

النهار الطويل الذي بدأ عراقياً بسعي داعش لترسيم حدود دولتها، بعد السيطرة على المعابر الحدودية العراقية مع سورية، وصولاً إلى الحدود مع الأردن، بينما يؤمن وجودها في الرقة معبراً حدودياً للنفط الخام من دير الزور والنفط المكرر من بيجي التي تسعى إلى السيطرة عليها نحو تركيا، وصولاً إلى الحدود مع السعودية على المربع العراقي الأردني السعودي السوري، هو ذات النهار الذي انتصفه نشاط وزير الخارجية الأميركي جون كيري في العاصمة العراقية بغداد، وهو نشاط تركز على إقناع الأطراف المختلفة بضرورة الإسراع بالبت بتقاسم للسلطة يحصن المواجهة مع داعش، وعدم الانقسام حول كون ما يجري انتفاضة شعبية على مظالم وطلباً لدور أو انقلاباً إرهابياً، معتبراً أن قيام تقاسم مرضي للجميع لمواقع السلطة سيتكفل بجعل التفاهم على تفسير ما يجري كحركة إرهابية، وإنهاء هذا الانقسام وحرمان داعش فرصة اللعب على التناقضات. 


كيري أعلن من بغداد أن التوافق تم على إنجاز صيغة السلطة الجديدة خلال أسبوع ينتهي مطلع الشهر المقبل، وأن خطر داعش يتخطى المنطقة نحو كل العالم وأن مواجهتها أولوية أميركية، ودعا لفحص قدرة الجيش العراقي والعملية السياسية الجديدة من خلال مناعة جبهة سامراء وبغداد، قبل التفكير بما ستقدمه واشنطن عسكرياً والحديث عن هجوم معاكس، وما يستدعيه كل ذلك من تحالفات إقليمية. 

داعش المهتمة بتثبيت خطوطها الحدودية والإمساك بعمق المناطق التي تسيطر عليها، على رغم الكلام الكثير عن المجالس العسكرية للعشائر الذي يريد تأكيد ضعف حضورها، وضعت أولويتها تصفية جبهة النصرة وكل من يتعامل معها داخل مناطق وجودها، بصفتها الفرع الآخر للقاعدة الذي تتهمه داعش أنه اختراق الأخوان المسلمين للتنظيم الذي يرعاه أيمن الظواهري، وتسعى داعش عبر هذه الأولوية وهذا التفسير إلى خطب الود السعودي لإعادة النظر بالتعامل معها على هذا الأساس. 


لكن داعش مستعجلة نحو لبنان بعمليات تؤكد حضورها، بمثل ما تبدو “إسرائيل” مستعجلة للحضور بالنار من الجولان، حيث الغارات الجوية والتوتر المتصاعد مع تسريع خط التجارة النفطية مع كركوك، وما يجري تداوله من تقارير حول ثلاثية أمنية اقتصادية تطرحها “إسرائيل” على داعش وكردستان، للتكامل بالسيطرة الجغرافية وصولاً للحدود المشتركة لسورية والأردن والسعودية مع العراق، لتأمين خط نفط كركوك مجدداً إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة وصولاً لحيفا، وهو خط موجود ويحتاج للتأمين العسكري والسياسي وبعضاً من الصيانة لتشغيله، ولذلك سعي “إسرائيلي” محموم لفرض منطقة تحجزها لداعش بالنار على هذه الحدود، أملاً بتمكين داعش من السيطرة الفعلية عليها. 

داعش والنصرة يتسابقان لبنانياً، للحضور الأمني بالتفجيرات التي كان بينها تفجير منتصف الليل من دون أن يعلن أحد مسؤوليته عنه، بينما لبنان القلق على أمنه ينتظر تسوياته الحكومية والسياسية لتقطيع الوقت الطويل للفراغ، بعدما صارت صيغة اللجنة الوزارية السباعية التي يترأسها رئيس الحكومة محسومة وتنتظر الخميس لتظهيرها، وقد حازت قبولاً إقليمياً ودولياً وصولاً لنقل زوار السفير الأميركي ديفيد هِل عنه تعليقاً عليها، أنه بوجود تنظيم طائفي للدولة اللبنانية وتقاسم طائفي لسلطاتها، ربما تكون هذه الصيغة هي الأصلح لإدارة الدولة بصورة دائمة على شكل مجلس رئاسي يترأسه رئيس الجمهورية. 

السابق
انتشار القوة الأمنية في عين الحلوة يخرج من ’عنق الزجاجة’
التالي
الفنان السوري جهاد عبدو بائع بيتزا