قراءتان لـ’حزب الله’ في موقف كيري

ديفيد هيل

 

كتبت “الجمهورية” : سارَع “حزب الله” إلى تلقّف الموقف الذي أطلقه وزير الخارجية الأميركي جون كيري، والذي دعا فيه “روسيا وإيران و”حزب الله” للخوض في جهود حلّ الأزمة السوريّة”، فرحّب باعتراف كيري “الرسمي والقانوني به”، من دون أن يغفل الوجه الآخر لهذه الدعوة المتصل بتحميل هذه الأطراف مسؤولية إطالة أمَد الأزمة السوريّة. ولكن مجرد وصف “حزب الله” كلاعبٍ بمستوى موسكو وطهران، والتخَلّي عن اعتباره منظّمةً إرهابية، يُعتبر، بالنسبة إليه، تطوّراً مهمّاً يستحقّ المتابعة، خصوصاً أنّه حصلَ مع تقدّم المفاوضات الغربية مع إيران حول ملفّها النووي. وفي موازاة ما حملته زيارة وزير الخارجية الأميركي من رسائل ومؤشّرات، عاد الاهتمام بقوّة إلى الملفات الداخلية مع اقتراب جلستي انتخاب رئيس الجمهورية الاثنين، وسلسلة الرتب والرواتب الثلثاء، وما تسرَّب عن اللقاء بين البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ورؤساء المؤسسات المارونية الثلاث: المجلس العام الماروني، المؤسسة المارونية للانتشار، الرابطة المارونية، والذين أطلعوه على نتائج لقاءاتهم مع الأقطاب الموارنة، حيث جدّد الراعي التأكيد أنّه “لا يقبل التأخّر بانتخاب رئيس جديد”، مُبدياً غضبَه الشديد من جرّاء مقاطعة جلسات الانتخاب.

فيما استمرّت ردّات الفعل الدولية والإقليمية والمحلية على الإنتخابات الرئاسية السورية التي سخرَ كلّ من الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط من نتائجها، بينما أكّدت المعارضة السورية استمرار ثورتها، انشغلت الأوساط السياسية بقراءة أبعاد زيارة وزير الخارجية الأميركية جون كيري إلى بيروت وأهدافها وتوقيتها ومواقفه التي لا تزال أصداؤها تتردّد بنحو واسع، في وقت أعادت السفارة الاميركية في بيروت نشرَ تصريحه بعد لقائه رئيس الحكومة تمّام سلام أمس الأوّل.

“حزب الله”
ونفَت مصادر مُطلعة على موقف “حزب الله” لـ”الجمهورية” وجود اتصالات بين الحزب والأميركيين. وقالت إنّ زيارة كيري إلى بيروت كان الهدف الأساسي منها التركيز على الاستقرار في ظلّ المرحلة الراهنة غير الواضحةِ المعالم، فالموضوع السوري لا يزال متقدّماً على الموضوع اللبناني. وإذا ربطنا هذه الزيارة والتصريحات التي صدرت خلالها بالخطاب الأميركي الاخير للرئيس باراك اوباما نلاحظ انّ الاميركيين ليس لديهم خطة واضحة تجاه الوضع برُمّته، خصوصاً الموضوع السوري.
وتعليقاً على دعوة وزير الخارجية الاميركية جون كيري كلّاً من روسيا وإيران و”حزب الله” إلى الإنخراط بالجهود المشروعة لإنهاء الحرب في سوريا، أجرت المصادر قراءتين حيال هذه الدعوة : إحداها سلبية والاخرى إيجابية:
ففي الوجه السلبي يعتبر كيري انّ الاطراف التي سمّاها تتحمّل مسؤولية استمرار الأزمة السورية، وهو يدعوها الى التصرّف بما يضع حدّاً لها، أي إنّه يرمي أسباب الأزمة واستمرارها على عاتق الجهات التي سمّاها، وبالتالي يتنصّل هو وكلّ من يسمّي نفسَه أصدقاء سوريا من مسؤوليتهم عن الأزمة وإطالة أمدها من خلال الإصرار على تسليح المعارضة. أمّا الوجه الإيجابي، فهو أنّ مطالبة كيري “حزب الله” بلعبِ دورٍ هي اعتراف رسميّ وقانوني به”.

تقدّم المفاوضات النوَوية
وأكّدت المصادر نفسها حصول تقدّم في المفاوضات النووية التي تجريها ايران مع مجموعة 5 +1، وأعربت عن اعتقادها بأنّ هذا التقدّم سيشكّل مفتاحاً لكثير من التطوّرات في المنطقة، بما فيها الحوار الايراني ـ السعودي، ما ينعكس إيجاباً على سائر ملفات المنطقة، بما فيها الملف اللبناني، ولكن ليس بين ليلة وضحاها، بل على المدى المتوسط”.
وأشارت المصادر الى أنّ زيارة امير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح الى طهران منذ ايام عدّة ما كانت لتحصل لو كانت هناك ممانعة سعودية لحصولها، والدليل هو الإشادة بهذه الزيارة التي صدرت عن مجلس التعاون الخليجي بعد لحظات على انتهائها.
ودعت المصادر أخيراً إلى عدم التوقف عند تفاصيل الدعوات السعودية الى طهران وعدم تلبيتها، وقالت في المبدأ إنّه في مكان ما بدأ الحوار السعودي ـ الايراني، لكنّ نتائجه تبقى في مدار التكهّنات.

تعليق موسكو
وفي السياق، اعتبرَ السفير الروسي ألكسندر زاسيبكين أنّ تصريح كيري عن دعوة روسيا و”حزب الله” وإيران الى وضع حدّ للنزاع في سوريا هو “غير مفهوم مئة في المئة، فإذا كان المقصود الدعوة الى التعاون في إطارعملية جنيف للوصول الى التسوية السياسية فهذا شيء ايجابي، امّا إذا كان المقصود تحميل الأطراف المؤيّدة للمعارضة المسؤولية الى روسيا وإيران والحزب فهذا شيء آخر، لأنّنا نعتبر أنّ المسؤولية الأولى لمن يموّل ويسلّح المعارضة، امّا المسؤولية المشتركة فهي دفع الأمور في اتجاه التسوية السياسية”.

جولة هيل
في هذه الأثناء، واصلَ السفير الأميركي دايفيد هيل جولاته على عدد من المسؤولين اللبنانيين وأطلعهم على اجواء المحادثات التي أجراها كيري في بيروت امس الأول. فزار في هذا الإطار كلّاً من الرئيس نجيب وميقاتي، وجنبلاط في كليمنصو الذي استبقاه الى مائدة الغداء ورئيس كتلة “المستقبل” فؤاد السنيورة.

السابق
لا رئيس قبل الخريف وبكركي لتصعيد مدني ضد الفراغ
التالي
رصاص على الأقدام!