شرعية السلطة أم اسلاميتها؟

أكد السيد الأمين أن الإحيائيين أول من صرّح ان الإسلام دين ودولة، هذا لم يكن يسمعه أحد إلا من هؤلاء ، فبعد انهيار الخلافة الإسلامية العثمانية اعتقدوا أن الإسلام يجب أن يعود مع الدولة، ولكن رؤيتنا أن الإسلام دين وحسب وأن الدولة هي الدولة، ولا يجب الخلط بينهما".

بدعوة من مؤسسة الإمام الحكيم وبحضور عدد من السياسيين والإعلاميين المهتمين بالشأن الفكري والثقافي، ألقى أمس، المفكر الإسلامي سماحة العلاّمة السيد محمد حسن الأمين محاضرة بعنوان: “الدين والدولة: رؤية مغايرة”، تحدث فيها بداية عن الحريّة ومعانيها قائلاً: “الحرية صراع كان منذ فجر التاريخ، حتى ان التوحيد مسألة حريّة أيضاً، الوحدانية هي تلخيص عميق لارتباط واحد مشروع للكائن الإنساني وهو الارتباط بالله، أو الارتباط بالمطلق. وهذا يعني أن الحرية الإنسانية ليس لها حدود على الإطلاق، وهذا هو الهدف الأبعد لوجود الإنسانية كل الأرض، الحرية هي الغاية التي تكاد توحِّد بين الإنسان وبين الله تعالى، الآية التي تقول {إنك كادح إلى ربك فملاقيه}، الغاية إذن هو الوصول إلى الله، الإيمان بالحرية والذهاب نحو الحريّة باستمرار.”

واختار السيد الأمين قبل عرض اشكالية “الدين والدولة” ان يشرح مفهوم الأيديولوجية الدينية مبيّنا انها “منظومة فكرية يبتدعها فريق من الناس، أو تكون رؤية منظومة كبيرة، كالقومية والعقيدة الدينية والماركسية وغيرها.ومنذ أكثر من عشرين سنة – يقول السيد -تحدثت عن ضرورة سقوط الأيديولوجية، المؤسسة في مواجهة العقل. وأننا كمؤمنين، يجب أن نتخلّى عن الأيديولوجية الدينية، لأنها مانع للرؤية الحرّة، فكل ما يقف في وجه الحريّة هو أمر سلبي مكبل لهذا الكائن الإنساني العظيم والتحرّر منها هو عودة إلى العقل. لأن تاريخ المسلمين هو تاريخ صراع أيديولوجيات وهو تاريخ غير مشرّف عن الإطلاق، إذا اعتبرنا أن الإسلام مصدرا للحرية، فالأيديولوجية هي عدوان على الدين وتجميد للفكر وللعقل الذي يجب أن يكون متمرداً وأهميته أن يكون ثائراً ومتمرداً باستمرار”.

وتابع السيد الأمين: “إذا شرحنا الأيديولوجية الدينية، فهي تحويل ما نعتقده من أفكار دينية، إلى عقيدة لا يمكن اختراقها وجامدة، وهذا بلاء للإسلام وللفكر الإسلامي الحديث الذي نشهده، وهي لا تنبثق من وعي العقل الذاتي، كما انها لا تصادر البشر فحسب ولكن تصادر الأساس وهو الدين نفسه، والدين هو أول المتضررين من الأيديولوجية.وأكد السيد الأمين أن الإحيائيين أول من صرّح ان الإسلام دين ودولة، هذا لم يكن يسمعه أحد إلا من هؤلاء ، فبعد انهيار الخلافة الإسلامية العثمانية اعتقدوا أن الإسلام يجب أن يعود مع الدولة، ولكن رؤيتنا أن الإسلام دين وحسب وأن الدولة هي الدولة، ولا يجب الخلط بينهما”.

وشرح السيد الأمين للحضور الفرق بين الدين والدولة قائلا ان “الدين علاقة عامودية مباشرة بين الإنسان والله، والإيمان أن تفرض بذلك علاقة أفقية غير علاقة إيجابية اجتماعية أخلاقية، ولكن الدولة شأن آخر. تاريخنا الإسلامي هو تاريخ الدولة الإسلامية، ولا يمكن أن نقبل أن هذا المسلسل من العهود والحكام والسلاطين يمثل الإسلام، كانت الدول الأموية والفاطمية والعثمانية تحكم بإسم الإسلام فكانت النتيجة أن أسوء قطاع كان قطاع “السلطة”، ولاحظوا أن في عصر النهضة الأولى في العصر العباسي، نهضت كل العلوم بما فيها العلوم المادية العلمية، ما عدا فقه الأحكام السلطانية أي العلوم السياسية، وبتقديري أن حجم الإبداع الذي مكّن الفكر الإسلامي من تفجير هذه العلوم، لو قدّر له أن يشتغل على العلوم السياسية لوصل إلى فكرة “لدولة المتطوره أي “الدولة الحديثة”، غير أن الخليفة كان هو الذي يمنع التفكّر بأمر لـ”السلطة” والتعرّض لها فهو المسؤول والمطاع في شأن الدولة والدين في آن معاً”.

ويستنتج السيد ” ان الحاكم عندما لا يفرّق بين الدين والدنيا فإن أحسن ما يصل إليه ان يكون “المستبد العادل”، من وجهة نظري فإن لا شرعيّة للسلطة عندما تكون دينية، ولكنها يمكن أن تكون شرعية هي السلطة المنتخبة حتى لو لم تكن إسلامية. فما نحتاج إليه نحن المسلمين هو “شرعية السلطة” لا “إسلامية السلطة”، ومن هنا نتكلم عن العلمنة. فالعلمنة ثورة حقيقية إنسانية، هي كانت أكبر معين لجوهر الإسلام الذي يؤمن أن الحرية هي قدر الكائن الإسلامي، لا العبودية حتى ولو كانت بإسم الدين، وتمت ثورة العلمانية، عندما آمن من ثار أن الإنسان هو مصدر “السلطة الإلهية، فالحقيقة ليست منزلة من السماء وتحتكرها السلطة الدينية، وهذا المفهوم المتخلّف مع الأسف وصل إلى الإسلام، مع محاولات جماعات تصوّر نفسها الناطق بإسم الحق الإلهي، لذلك فإن أخطر ما تتعرض له الدولة هي أن تكون سلطة دينية للنطق بإسم الحق الإلهي، وهو عودة ليس إلى ما قبل العلمانية بل إلى ما قبل الإسلام نفسه.

وختم السيد آملاً أن يكون ما قاله قاعدة تصلح للنقاش في هذا المجال على أساس الآية الكريمة،{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}. ولا يمكن تفسير الأمانة إلاّ بموضوع حريّة الكائن الإنساني، فهي الأمانة التي حملها الانسان واستوجب أن تسجد له الملائكة من أجلها، وقد تعرف عليهن الغرب قبلنا وفهمها أكثر منا، ومن هنا كان الإنسان ظلوماً غشوماً، تعرف الغرب على الحرية وأنكر هدفها وهو الله عز وجل، اما المسلمون فبالعكس، عبدوا الله وابتعدوا عن حريّة الانسان. ودعا السيد الامين هذه الفكرة الاخيره ان تكون قاعدة للحوار بين الشرق والغرب.

السابق
مسؤول أوروبي: التحالف المعادي للاسد اتفق على مواجهة التنظيمات الجهادية
التالي
فاديا طنب الحاج :حزب الله طلعوا أذكى ناس