ملك إسبانيا الجديد.. عصري ومتواضع وقريب من الشعب

اعلن ملك اسبانيا خوان كارلوس الذي انهكته المتاعب الصحية ونالت الفضائح من شعبيته، بشكل مفاجئ تنازله عن العرش لنجله الامير فيليبي تاركا له مهمة شاقة لدفع الملكية الغارقة في الازمة نحو “الحداثة”.

وكان رئيس الوزراء الاسباني قال في وقت سابق أن “خوان ينوي التخلي عن العرش وتمهيد الطريق امام تولي ابنه ولي العهد الامير فيليبي”، وأكد أن “تعديلاً دستورياً سيقترح للسماح للملك بالتنازل عن العرش”.

وكان الملك البالغ من العمر 76 عاماً رافق انتقال بلاده من الديكتاتورية الى الديموقراطية. وعانى خلال السنوات الأخيرة من مشكلات صحية متكررة. كما ان شعبيته تقلصت بعد سلسلة فضائح شملت رحلة لصيد الأفيال قام بها في خضم الأزمة المالية التي شهدتها اسبانيا.

وكان خوان كارلوس تولى العرش في العام 1975 بعد يومين من وفاة الديكتاتور فرانشيسكو فرانكو.

ورغم مواظبة الملك على الالتزام بجدول اعماله المثقل، كشف في نهاية المطاف اليوم انه اعتبر في تلك الاونة بعد الاحتفال بعيد ميلاده في الخامس من كانون الثاني (يناير) “ان الوقت قد حان ليعد للانتقال”.

وتوجه خوان كارلوس بنفسه الى الشعب الاسباني واكد في خطاب نقله التلفزيون تنازله عن العرش، الذي كان اعلنه في الصباح رئيس الحكومة ماريانو راخوي معبرا عن “امتنانه” للشعب الاسباني.

وقال الملك “ان امير استورياس يتمتع بالنضج والاستعداد وحس المسؤولية (وهي مواصفات) ضرورية لتسلم رئاسة الدولة مع كل الضمانات، وبالتالي فتح مرحلة جديدة من الامل تجمع بين الخبرة المكتسبة وزخم الجيل الجديد”.

وبعد اعلان والده تنحيه عن العرش سيتولى فيليبي دي بوربون العرش خلفاً لوالده. وفيليبي دي بوربون نشأ بهدف وحيد ان يصبح يوما ما ملكا لاسبانيا وهو الدور الذي تدرب عليه منذ طفولته. وهو الشاب الذي يعتمد اسلوبا معاصرا والبعيد عن الاضواء، اكمل دروسه في الخارج كما تلقى تدريبا عسكريا. ومهمته ضمان استمرارية الملكية البرلمانية التي اقيمت تدريجيا مع وصول خوان كارلوس الى الحكم، وتحديه الاكبر ان يقنع الاسبان في بلد بلغت فيه نسبة التاييد الشعبي للملكية ادنى مستوياتها بعد سلسلة فضائح بقي بمنأى عنها.

وتوج خوان كارلوس في 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 1975 ملكا بينما كان في السابعة والثلاثين من عمره، بعد يومين على وفاة فرانكو، ليرافق مصير اسبانيا التي خرجت من حكم دكتاتوري لتنضم الى دائرة الديموقراطيات الاوروبية الكبرى.

وفي 23 شباط 1981 امر الملك الشاب وهو يرتدي زيا عسكريا، في رسالة متلفزة بقية محفورة في الذاكرة، الضباط الانقلابيين في الحرس المدني الذين كانوا يحتلون انذاك البرلمان بالعودة الى ثكنهم.

وباحباطه تلك المحاولة الانقلابية التي قام بها اللفتنانت كولونيل انطونيو تيخيرو فرض الذي اختاره الدكتاتور فرنشيسكو فرانكو منذ 1969 خلفه المحتمل، نفسه في ذلك اليوم بقوة كبطل الانتقال الديموقراطي.

وخلال سنوات بنى الملك شعبية كبيرة وكسب حب الاسبان بتصرفاته البسيطة والطبيعية. واشتهر رأس الدولة بقربه من شعبه وبحياته الخاصة البعيدة عن الاضواء وكذلك بولعه بالرياضة خاصة التزلج.

ويعد الملك خوان كارلوس وجها كبيرا في الديموقراطية الاسبانية لكن شعبيته بدات تتراجع تحت وطأة الفضائح التي لطخت سنواته الاخيرة في الحكم.

أما بالنسبة لولي العهد الجديد فيليبي الامير الانيق الطويل القامة حرص على ارساء صورة ولي عهد قريب من الشعب مع اسلوب عصري. وما ساهم في تعزيز هذه الصورة زواجه العام 2004 من ليتيسيا اورتيس وهي صحافية من عامة الشعب ومطلقة، ما شكل سابقة في تاريخ الملكية الاسبانية.

وانجبا ابنتين ليونور في تشرين الاول (اكتوبر) 2005 وصوفيا في نيسان (ابريل) 2007.

وعاشت العائلة حتى الان بعيدا عن حياة البذخ، في منزل جميل بني لفيليبي في حديقة قصر لا ثارثويلا قرب مدريد.

وولد فيليبي دي بوربون في العاصمة الاسبانية في تشرين الاول 1968. ويقال ان الملك خوان كارلوس اغمي عليه من شدة التأثر عند اعلان ولادة ابنه الوحيد بعد ابنتيه ايلينا في 1963 وكريستينا في 1965. وهكذا اصبح للعائلة المالكة وريث، لان الدستور الاسباني يعطي الافضلية للذكور لتولي العرش.

وفي سن التاسعة في 1977 عين فيليبي اميرا لاستورياس واصبح رسميا وريثا للعرش الاسباني. والقى خطابه الاول امام البرلمان انذاك. وعلى مر السنوات، تولى دورا بروتوكوليا متزايدا وكثف انشطته العامة خصوصا في الخارج حيث افاد من لغته الانكليزية التي يتكلمها بطلاقة. كما يتكلم بطلاقة اللغة الكاتالونية المعتمدة في اقليم كاتالونيا الواقع شمال شرق اسبانيا وحيث تعززت التطلعات القومية مع الازمة الاقتصادية ما ساهم في توتر العلاقات مع مدريد. واعتبارا من ربيع 2010، اضطر فيليبي لتعزيز دوره الرسمي مع بدء المشاكل الصحية التي يعاني منها والده خوان كارلوس.

وفيليبي مولع بالرياضة ايضا، وخصوصا كرة القدم كما لديه اجازة طيران لقيادة مروحية. وشارك في الالعاب الاولمبية في برشلونة العام 1992 ضمن الفريق الاسباني لرياضة سباق الشراع.

السابق
هل لدينا نظريّة عن التدخّل الأجنبيّ؟
التالي
بري تلقى دعوة للمشاركة في تنصيب السيسي