يعيش في قرية عين قانا (أقليم التفاح) نحو 400 نازح سوري، فهذه القرية يقطنها نحو 6000 نسمة تقريباً، و60 % منهم يعمل في أعمال حِرفية (ورش بناء، صحية، إلخ…).
مؤخراً علت صرخة أصحاب هذه الحرف بعد تدني نسبة أعمالهم بسبب منافسة اليد العاملة السورية ذات التكلفة الأرخص والمناسبة لأصحاب العمل. فأهالي القرية يعانون من أزمة بطالة مقنّعة تتزايد، ومن أزمة تناقض بين العامل وصاحب العامل. فالعامل يرى بالنزوح السوري أثراً سلبياً لأعماله. أما صاحب العمل فيرى في النزوح وفرة لماله.
علي ملاح الذي يعمل في ورش البناء يحدثنا عن تراجع عمله بشكل كبير، فمنذ سنين كان يحظى بثلاثة ورش بناء شهرياً، أما اليوم وبسبب العمال السوريين صار يحظى بورشة عمل واحدة كل شهرين.
أما حسين مطر، وهو صاحب محل، فيبني منزلاً ويستعين بعمال سوريين، ويرى فيهم حماية لمصلحته وتوفيراً لماله. فالعامل السوري يتاقضى أجرة أقل بـ50 % من العامل اللبناني.
هذه الأزمة لم تقتصر على الحرف المهنية فقط بل طالت المحلات التجارية التي قامت بدورها باستبدال عاملات من أهالي القرية بنازحات سوريات.
محمد عواضة وهو صاحب محل تجاري صغير يبيع الأدوات المنزلية. وقد عمد إلى إستبدال موظفة من القرية بنازحة سورية، وعند الإستفسار عن ذلك أجاب: “هيك أوفر إلي”. فبنت القرية بحسب محمد كانت تتقاضى راتب 300 ألف ليرة لبنانية شهريا مع دوام عمل 7 ساعات يوميا. أما النازحة السورية تتقاضى حاليا 200 ألف ليرة لبنانية شهريا مع دوام عمل يصل إلى 9 ساعات يومياً.
يبدو أنها أزمة إقتصادية لها وجه سلبي وآخر إيجابي وفقا لمصلحة الأفراد، فالنزوح السوري أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة في لبنان بشكل ملحوظ بحسب تقرير الأمم المتحدة، في حين يرى بعض الإقتصاديين أن النزوح السوري حرّك ونشط الدورة الاقتصادية اللبنانية.
واللبنانيون وأهالي هذه القرية وغيرها فيانتظار حل الأزمة السورية لعودة النازحين وبالتالي عودة أشغالهم، أو أنّ الحل يكمن بوضع الدولة سياسة تقضي بحماية اليد العاملة اللبنانية من اليد العاملة الأجنبية؟