البناء : حرب نفسية عن مفاجآت ’العشرة الأخيرة’ دفن التمديد ولا رئيس جديداً

 

كتبت “البناء” : امتلأت الساحة السياسية والإعلامية بالتسريبات المتداخلة مع دخول الأيام العشرة الأخيرة من ولاية الرئيس ميشال سليمان، الذي ينهي ولايته ويخرج من قصر بعبدا في الخامس والعشرين من أيار.

من بين التسريبات الحديث عن وجود تفاهم سرّي غير معلن، سرعان ما يتبيّن أن لا وجود له على الإطلاق، ومحوره التمديد للرئيس سليمان قبل نهاية ولايته من ضمن سيناريو فرنسي يتحدث عن مقايضة التمديد لسليمان بتمديد ولاية الرئيس السوري بشار الأسد لسنتين موازيتين، ولدى التدقيق يتبيّن أنّ الكذبة الفرنسية تنطلق من مشروع جرى عرضه على سورية قبل شهر أو أكثر، من دون الربط بالتمديد لسليمان، ومحوره قبول سورية الاستعاضة عن الانتخابات الرئاسية المقرّرة بتمديد ولاية الرئيس السوري لسنتين، بقبول أو تغاضٍ عن ذلك من الدول الغربية، وأن المقترح لم يستغرق الردّ عليه بالرفض دقائق محدودة.

أما طرح التمديد للرئيس اللبناني فقد حُسم سلباً مع مطلع العام، عندما جرت محاولة لمفاتحة القيادة السورية بالأمر من طرف معني بنقل الرسائل الأوروبية، وكان الجواب أنّ سورية تخلي الساحة التي اعتادت أن تشغلها في الاستحقاق الرئاسي للبنانيين ليتولوا بأنفسهم تقرير المناسب، وليست سورية في وارد الخروج من المعادلة اللبنانية الداخلية ليتولى آخرون من خارج لبنان التوهّم بملء مقعدها، وأنه إذا كان هناك من تدخلات ترصدها سورية وتتابعها ولا تغيب عنها، على رغم حجم ما تنفق من جهد في مواجهة تحديات الحرب التي تتعرّض لها، فهي أول الخارج الذي يحق له التدخل.

التمديد للرئيس سليمان عرض بعدها على قيادة الثامن من آذار، فكان جواب الفريق الرئيسي الذي يهتم الغرب برأيه وهو قيادة المقاومة وحلفاؤها، وجاء الجواب بالرفض المطلق، وكان الحسم الذي لا رجعة عنه.

من بين التسريبات ما يتصل بتفاهم وشيك بين إيران والسعودية أو بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، سيجعل المفاجأة الانتخابية بوصول العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا خبراً أكيداً، بينما المصادر المطلعة في طهران تؤكد أنّ تأسيس الحوار لا يزال في البدايات وأنّ ما يتصل بالشأن اللبناني يجري كما في كلّ المرات السابقة، بالتنسيق والتشاور مع القوى اللبنانية الحليفة التي تقرّر وحدها طبيعة الجواب الذي تتولى الوفود الإيرانية نقله إلى المفاوض العربي أو الغربي، وليس التصرف بما لا يليق بعلاقة إيران وحلفائها.

والمصادر المتابعة نفسها لا تتوقع مفاجآت تخرق جدار الجمود في الأيام الفاصلة عن نهاية ولاية الرئيس سليمان، وترى أنّ الاعتماد اللبناني على الخارج ومعجزاته مبالغات لا تقارب الواقع الذي لا يزال بيد اللبنانيين، إن أحسنوا التصرّف بفرض معادلتهم نحو الداخل بدلاً من الانتظار الطويل لما سينتج من الخارج.

“العشرة الأخيرة” والفراغ الآتي…
إذن، دخل لبنان فعلياً أمس في مهلة العشرة أيام ما قبل الفراغ الذي يتجه لبنان نحوه، فالاتصالات والمشاورات لتحقيق أيّ تقدم أو تفاهم رئاسي لم تتوصّل بعد إلى نتائج، ما يعني أنّ الانتخاب لا يزال بعيداً، ولذلك لم يتأمّن نصاب جلسة الأمس على غرار الجلستين الثانية والثالثة، فإنّ الاتجاه في الجلسة الخامسة في 22 أيار أي قبل ثلاثة أيام من انتهاء ولاية الرئيس، إلى عدم تأمين النصاب. وعليه، يغادر رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان قصر بعبدا ليل 24 25 من الشهر الجاري، تاركاً كرسي الرئاسة شاغراً، إلى أجل غير مسمّى.

والفراغ لن ينحصر في قصر بعبدا، بل ربما سيتعداه إلى المجلس النيابي الذي سيتم تعطيله بفعل مقاطعة النواب المسيحيين من تكتل التغيير والإصلاح و14 آذار الذين سيتوحدون هذه المرة على تعطيل الجلسات التشريعية، بفعل الفراغ في سدة الرئاسة الأولى، في ما لو استمر الفشل في التوافق على اسم الرئيس العتيد.

ألبير منصور: المجلس هيئة انتخابية حتى بعد 25
ووسط دعوة الرئيس نبيه بري إلى جلسة في 27 أيار لمتابعة مناقشة وإقرار سلسلة الرتب والرواتب، واجتهاد البعض بعدم جواز التشريع في ظلّ الفراغ. أكد الوزير السابق البير منصور لـ”البناء” أنّ انتهاء مهلة العشرة أيام الأخيرة لانتخاب رئيس للجمهورية لا تعني عودة المجلس النيابي إلى التشريع، فهو يبقى هيئة انتخابية إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية.

مراوحة وعجز
وتوقع مصدر في 8 آذار مقاطعة من المسيحيين لجلسة 27 الجاري، ما يعني دخول المجلس في حالة مراوحة وعجز لا يتمكن معها من إقرار السلسلة، الأمر الذي سيرتدّ سلباً على القوى المسيحية أمام الرأي العام الذي ينتظر من المجلس النيابي إقراراً للسلسلة، فبعد أن تحمّلت اللجنة الفرعية مسؤولية إنتاج مشروع إشكالي للسلسلة، ها هي هذه القوى تتحمّل مسؤولية فرط النصاب لإقرار السلسلة. وأكد المصدر أنّ خطورة الموقف تكمن في أنّ الأمر لن يقتصر فقط على السلسلة بل سيتعدّى ذلك إلى الاستحقاقات المقبلة وفي طليعتها قانون الانتخاب، أو التمديد للمجلس النيابي ما يعني وضع البلد أمام فراغ تشريعي شديد الخطورة.

مجلس الوزراء إلى السراي
أما حكومياً، فيعقد مجلس الوزراء جلسة في الرابعة عصر اليوم في السراي الحكومية برئاسة الرئيس تمام سلام، وعلى جدول الأعمال بنود تتعلق بشؤون مالية، عقارية، اتفاقيات وهبات وأخرى متفرقة أبرزها مشروع مرسوم يرمي إلى تعديل المادة الاولى من المرسوم 8917 تاريخ 21/9/2012 المتعلق بتحديد السنوات الدراسية لمرحلة الروضة وسن الدخول إليها.

ويُشار إلى أنّ الجلسة لن تقرّ التعيينات التي كانت مرتقبة، بفعل انتقالها من بعبدا إلى السراي، وذلك مراعاة لرئيس الجمهورية كما قالت مصادر وزارية لـ”البناء”.

معلومات عن مفاجآت قبل 25 الجاري…!
في مقابل ذلك، علمت “البناء” من مصادر مطلعة أنّ الأجواء التي تجمّعت على المستوى الإقليمي أخذت تحمل معالم جديدة بما يتعلّق بالاستحقاقات اللبنانية. وبحسب هذه المعلومات فإنّ الجلسة المقبلة والأخيرة قبل نهاية المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية مرجّح ألاّ تكون كسابقاتها. وقد تشهد نصاباً قانونياً يترافق مع منسوب التفاؤل لدى العماد عون الذي أعطى لأعضاء كتلته التوجيهات اللازمة للجلسة المقبلة.
وذهبت الأوساط إلى القول إنّ اتفاقاً شبه منجز قد تمّ بنتيجة الحوار بينه وبين الحريري حول الاستحقاق الرئاسي، وأنّ هذه الأجواء رشَحت إلى أطراف أخرى.
وفي المعطيات التي تملكها الأوساط أنّ هناك مؤشريْن قد يفضيان إلى بروز أجواء إيجابية وهما:

ـ الأول، أنّ حصول مفاجأة في ربع الساعة الأخير من ولاية الرئيس ميشال سليمان لم تسقط من حسابات أطراف أساسية في لبنان، انطلاقاً من إمكان حصول تقاطعات إيرانية ـ سعودية على خلفية التطورات الإيجابية في علاقة البلدين، وتالياً إمكانية فصل موضوع الانتخابات الرئاسية عن القضايا الخلافية الأخرى في المنطقة.

ـ الثاني، أنّ كلاً من التيار الوطني الحر وتيار “المستقبل” يتحدثان عن استمرار الحوار بين الطرفين، وقالت الأوساط أنه على رغم تكتم الطرفين، فهناك معلومات تشير إلى أنّ وزير الخارجية جبران باسيل التقى في السعودية قبل يومين رئيس “المستقبل” سعد الحريري.

بري: هناك جلسات قبل انتهاء الولاية
وقد كشف الرئيس بري أمام زواره مساء أمس أن جلسة 22 الجاري لن تكون الأخيرة، قبل انتهاء ولاية الرئيس سليمان، مشيراً إلى أنه في حال حصول الشغور سندعو إلى جلسات متتالية ومتقاربة. كما كشف أن قوى 8 آذار أبلغته أن نوابها سيحضرون آخر جلسة ويكملوها. وأكد أنه سيستمرّ في الدعوة إلى جلسات تشريعية بغضّ النظر عما إذا حصلت مقاطعة وجرى تعطيل عمل المجلس، لأنه حريص على القيام بمسؤوليته الدستورية والوطنية.
وبناءً على ذلك، تتجه الأنظار إلى 22 أيار حيث موعد جلسة الانتخاب الجديدة، التي حدّدها الرئيس بري بعد رفع جلسة الأمس بسبب عدم اكتمال النصاب.

لذلك، فالسؤال الذي يطرح نفسه، هل يعني اكتمال النصاب في الجلسة المقبلة انتخاب رئيس جديد؟ هذا السؤال ستفك رموزه تطوّرات الأيام المقبلة، بمعنى آخر أن انعقاد الجلسة بنصاب كامل قد يُفضي إلى انتخاب رئيس جديد إذا ما تم الاتفاق بين عون والحريري.

مصير السلسلة معلّق بمصير الانتخابات الرئاسية
أما في موضوع سلسلة الرتب والرواتب، فإنّ مصير الجلسة التشريعية التي حدّدها الرئيس بري في 27 الجاري لاستكمال البحث في ملف السلسلة بات مرهوناً بانتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ أو حتى في تواريخ أخرى لاحقة، بعد أن أكّد بري أمس أنه سيستمر بالدعوة إلى جلسات تشريعية.

ومن الواضح أنّ الكتل النيابية المسيحية تتّجه إلى مقاطعة الجلسات التشريعية في حال حصول شغور في موقع الرئاسة، وهذا ما أعلنته أمس كتلتا الكتائب و”القوات” اللبنانية، بينما أوضحت قناة “أو تي في” مساء أمس، أن لا تشريع بعد 25 الجاري إذا لم يتمّ انتخاب رئيس للجمهورية، لأنّ ذلك يناقض الدستور والميثاق، الأمر الذي تحدّث عنه الوزير السابق سليم جريصاتي.

وفيما تلتقي هيئة التنسق النقابية اليوم وزير التربية الياس بو صعب لبحث سير الامتحانات الرسمية، قال نقيب المعلّمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض: “إننا لن ننفّذ أي تحرك خلال فترة العشرة أيام التي تفصل البلاد عن انتهاء ولاية الرئيس سليمان، لأننا لا نريد أن تحمّلنا السلطة السياسية مسؤولية الفراغ”.

اهتمام بالنازحين تربوياً
في سياق آخر عُقد أمس اجتماع بين الوزير بو صعب والسفير السوري علي عبد الكريم علي، أكد بعده بو صعب لـ”البناء” أنّ البحث ناقش بالتفصيل في ملف النازحين لجهة التعاون بين وزارتي التربية في كلّ من لبنان والجمهورية العربية السورية، وبالتعاون مع جمعيات الأمم المتحدة لتقديم المساعدات الإنسانية للنازحين، مؤكداً حرصه على التعاطي مع هذا الموضوع بشكل إنساني وتأمين الخدمات التي يمكن أن نؤمّنها كلبنانيين من غير مساعدة الأمم المتحدة.

ما حقيقة مرسوم التجنيس؟
وفي سياق آخر، أُثير في الساعات الماضية الكثير من اللغط حول توقيع رئيسي الجمهورية والحكومة ووزير الداخلية على مرسوم لتجنيس 700 شخص، أو العمل لإصدار هذا المرسوم قبل أيام قليلة من انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان.

وفيما بقيَ الغموض يلفّ تفاصيل هذه القضية، تحدثت مصادر مطلعة عن أنّ المشروع يتضمّن عشرات وربما مئات الأسماء التي لا يحق لها ذلك. وأوضحت أنّ المعطيات التي لديها تفيد أنّ هناك عملية استنسابية حصلت في اختيار الأسماء، عدا عن أنّ المشروع يتضمّن أسماء سوريين ومعظمهم من المعارضة وبعضهم عليه علامات استفهام، إضافة إلى أسماء فلسطينيين وعراقيين ومن دول خليجية. كما أشارت المصادر إلى وجود رائحة صفقة في تمرير الكثير من الأسماء التي جرى ضمّها إلى المشروع لاعتبارات خاصة أو محسوبيات ووساطات وغير ذلك.

أوساط بعبدا تنفي
لكن أوساط قصر بعبدا رفضت هذه المعطيات والتسريبات، وأكدت أن المرسوم لم يصدر ولم يصل حتى الآن إلى قصر بعبدا، إلا أنها أوضحت أنّ رئيس الجمهورية له الحق بمنح الجنسية، وأنّ الرئيس سليمان دقيق جداً في اختيار الأسماء عندما يطرح موضوع منح الجنسية. وقالت إنّ الكلام عن محسوبيات أو أسماء سوريين وفلسطينيين غير دقيق، وإنّ الأمور لم تنته كلياً.

السابق
هل تشكل دعوة الفيصل لنظيره الايراني إعلانًا عن بدء تنفيذ مراحل التسوية؟
التالي
ايران : المفاوضات حول الملف النووي تتقدم بصعوبة