لهذه الاسباب لن ينسحب حزب الله من سورية

حزب الله

تناقلت بعض وسائل الاعلام خبرا يقول إنّ الامين العام لحزب الله سيعلن في 25 أيار الجاري انسحاب مقاتلي حزب الله من الاراضي السورية. والسبب هو أنّ مسؤولي حزب الله يؤكدون أنّ النظام السوري قد تجاوز خطر السقوط، لا بل يؤكّد بعضهم انتصار النظام السوري، وقد تحقّق على “المسلحين” والمتآمرين عليه. هذا الخبر هو اقرب الى الطرفة او التمنيات من قبل من يعتقد ان حزب الله يمكن ان ينسحب من سورية، او لمن يظنّ، من قيادات حزب الله، ان نظام الاسد انتصر.

فإذا كان نظام الاسد وجيشه قد تجاوز خطر السقوط او الانهيار، فهذا بالتأكيد سيدفع حزب الله ونظراؤه، من التنظيمات العراقية تحت القيادة الايرانية، الى العودة لبلادهم. وهذا لم يحصل ولن يحصل لأنّ الواقع ليس كذلك. ولان النظام السوري بات عاجزا بنيويا عن حكم سورية رغم كل الدعم المالي والعسكري واللوجستي الذي يتلقاه، يُعتبر انسحاب حزب الله امراً ليس واردا. من دون ان يعني ذلك ان قوى المعارضة بكل اطيافها وتناقضاتها قادرة على تحقيق الانتصار القريب.

قوات النظام السوري

ففي خضم البروباغندا المستمرة عن انتصار الاسد والتقدم العسكري الذي يحققه، والمترافقة مع مسرحية الانتخابات الرئاسية السورية وهمروجة المرشحين، تتم صفقة حمص التي أدّت الى خروج اكثر من الفي مقاتل معارض من احيائها القديمة، في مقابل اطلاق سراح معتقلين كانوا في اسر مجموعات معارضة وغيرها من الشروط… الخبر ليس هنا، بل في ان المفاوضات التي جرت مع المعارضين لم تتم مع ممثلي النظام، بل مع مسؤولين ايرانيين بالدرجة الاولى ومفاوضين روس بالدرجة الثانية. فهذا النظام عاجز عن ان يقف في سورية وحده قبل التقدم العسكري الاخير وبعده. اما ما يقوم به في حمص اليوم هو إعادة انتاج اكثرية ديمغرافية طائفية في المدينة، في مؤشر على ان النظام لم يعد قادرا على حكم سورية.

وبروباغندا الانتخابات الرئاسية في سورية لن تضفي شرعية سياسية على الاسد مع انتهاء الولاية الثانية إذ سيروج توصيف جديد للاسد دوليا، وهو الرئيس المزيف الذي بدأ يُتداول كتوصيف لرئاسة صورية لسورية غير معترف بها مطلقا، في انتخابات لم تحظ ولن تحظى باعتراف دبلوماسي. علما ان حاجة الاسد ستزداد للصفقة السياسية اكثر من اي وقت مضى، فالتقدم العسكري الذي حققه بدعم ايراني يتطلب شرعية سياسية مطعونا بها في الداخل، في ظل عجزه عن تركيب ولاء وطني سوري حوله، وليس هناك من يلوح بمنحه الشرعية على المستوى الدولي.

بشار الاسد

لم يغلق ملف انهاء مرحلة بشار الاسد في سورية، ولأنّ الثقة الايرانية بقدرة النظام السوري على ادارة المواجهة مفتقدة، فإنّ حزب الله ليس في مرحلة الاستعداد للانسحاب من سورية. فالمخاطر السياسية والامنية على النظام لن تتوقف، ولا ثقة في قدرة الجيش السوري على مواجهتها بمفرده، بعدما ايقن النظام وحلفائه أنّه غير قادر على الاستمرار من دون دعم خارجي. وما يعزز من هذه المخاوف لدى اصحابها، رغم انكفاء مقاتلي المعارضة في مناطق عدة تحت ضغط القصف التدميري للمدن، أنّ الموقف الاوروبي – الاميركي لم يتراجع من النظام السوري. ما تغير هو أنّ الشراكة الاميركية الروسية للحلّ في سورية، على قاعدة مؤتمر جنيف، سقطت من دون ان تعلن الولايات المتحدة الاميركية تراجعها عن تبنّي الائتلاف السوري المعارض او ذهابها نحو اضفاء اي شرعية دبلوماسية لنظام الاسد.

المشهد في تفاصيله الميدانية قد يعكس تبدلا في موازين القوى، والمعارضة تراجعت لكنها لم تنهَر، فيما السياسة الاميركية تتجه الى بناء استراتيجية جديدة في سورية، بعد طيّ مرحلة الشراكة مع روسيا… ليس من استعجال اميركي في حسم المواجهة في سورية، فعقد البدائل حاضرة بقوّة، وشروط استكمال المشهد الاقليمي حاضرة ايضاً… فالسياسة الاميركية لا تبدو محشورة في الوقت كما هو حال الآخرين. وهي اقرب الى سياسة تضييع الوقت والنفس الطويل، الكفيلين بإنضاج الطبخة السورية التي تشتهيها.

ومع الاشتباك الحاصل مع روسيا حول القضية الاوكرانية، ليس بعيدا أن تشهد سورية في المرحلة المقبلة شكلا جديدا من المواجهة تستند الى استراتيجية اميركية – اوروبية جديدة تتضمّن خيارات عدّة لإسقاط بشار الاسد. يقابلها مزيد من التحصين الايراني في سورية مع ادراك الدول (سوا) أنّ النظام السوري معلّق في الهواء بقبضة ايرانية وحبل روسي.
لهذا من الصعب توقّع نهاية الحاجة في المدى القريب او المتوسط الى وجود حزب الله كقوة تدخل سريع ومديد في سورية…

السابق
أحمد الأسعد (1): هكذا خرب بيوت مئات العائلات الشيعية
التالي
الراعي مستاء من عون ويخشى من ‘طائف ثان’