الكلام عن ’تمديد قصير’ لسليمان غير واقعي ومُناورة سياسيّة

الرئيس ميشال سليمان

قبل أقل من اسبوعين على انتهاء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية حرص منسق الامم المتحدة ديريك بلامبلي على نقل رسالة متجددة الى الرئيس نبيه بري تعبر عن دعم الدول الخمس الكبرى دائمي العضوية في مجلس الامن والمجتمع الدولي لانتخاب رئيس جديد للبنان في الموعد الدستوري، مرفقاً ذلك بالدعوة الى عدم التدخل الخارجي في هذا الاستحقاق وتركه للبنانيين.

ولم يحمل المسؤول الدولي سوى اسئلة استفسارية عن التطورات التي سجلت بشأن هذا الموضوع، عاكساً حقيقة ان المجتمع الدولي لا يملك سوى الدعوات والصلوات لنجاح اللبنانيين في اختيار رئيسهم والتوافق عليه.
وبدلا من الاسترسال بالحديث عن هذا الاستحقاق طالما ان لا معطيات جدية حوله حتى الآن، بادر الرئىس بري الى إثارة الخروقات والتصعيد الاسرائيلي المتمادي على الحدود الجنوبية مستخدما عبارات متشددة. وحذر من خطورة هذه التعديات التي «تزيد التوتر على الحدود، وتهدد الاستقرار وكذلك عمل قوات اليونيفيل واللجنة العسكرية الثلاثية».
وأبلغ رئيس المجلس المسؤول الدولي انه «لا يمكن السكوت او تجاهل ما تقوم به اسرائيلي وتصعيدها الاخير الذي طاول ويطال الحدود من الوزاني الى الحاصباني»، مطالبا الامم المتحدة بالتحرك سريعا لوقف مثل هذه الاعمال العدوانية، ورافضاً في الوقت نفسها وضعها في اطار الاعمال الأمنية العادية او ما توحي به اسرائيل بأنه «اجراء وقائي».
وكالعادة وعد بلامبلي بمتابعة ومعالجة هذا الموضوع، لكن رئيس المجلس ابلغه ان مثل هذا التصعيد «لا يجوز السكوت عنه او التعامل معه بوتيرة عمل عادية، وان على اسرائيل ان تعرف مخاطر استمرار مثل هذه التعديات».
وخرج المسؤول الدولي بعد ان دونت مساعدته المواقف والوقائع التي اوردها الرئيس بري، ليجدد الموقف الدولي من الاستحقاق الرئاسي، ويعد بمتابعة موضوع الخرق الاسرائيلي الاخير في الناقورة.
وعلم ان رئيس المجلس تلقى بعد اللقاء معلومات امنية رسمية عن «خرق اسرائيلي مائي» في الساعات الماضية.
ويمكن القول، حسب مصادر مطلعة، على الاجتماع، ان الجزء الاكبر من اللقاء بين بري وبلامبلي تناول التصعيد والخروقات الاسرائيلية الحدودية، بينما حل الاستحقاق الرئاسي في المرتبة الثانية في ظل عدم حصول معطيات جديدة تؤشر الى تطوير ايجابي في شأنه.
واللافت في الايام القليلة الاخيرة ما يصدر من مواقف وتسريبات اعلامية تصب في خانة التسليم بالشغور الرئاسي بعد 25 أيار، وبالتالي التعامل مع هذا الاستحقاق على هذا الاساس.
ومن بين هذه التسريبات عودة الكلام عن التمديد للرئيس سليمان، او ما يسمى «باستمرار ممارسة مهامه الى حين انتخاب رئيس جديد للبلاد».
وبرأي وزير مسيحي سابق ملم بالشأن الدستور والقانوني ان لا شيء في صلاحيات رئيس الجمهورية وعمله اسمه «متابعة مهمات»، وان مثل هذا الكلام هو هرطقة دستورية بامتياز، تندرج في اطار بالونات الاختبار وعملية جس النبض حول تمديد زمني محدود للرئيس سليمان تحت شعار، عدم التسليم بالشغور الرئاسي، او ترك مقاليد البلاد بعد 25 أيار في يد الحكومة بما في ذلك صلاحيات رئيس الجمهورية.
ويضيف الوزير المسيحي انه من المعيب الكلام عن «تعديل دستوري محدود» للتمديد فترة معينة لرئيس الجمهورية، لان التعديل اذا ما حصل اكان لفترة سنة او لست سنوات يحتاج الى ثلثي اعضاء المجلس النيابي، وبالتالي الى الارادة الانتخابية والسياسية ذاتها.
من هنا، فان مثل هذا التعديل او هذا «التمديد القصير». غير وارد لا في السياسية ولا في المعادلة النيابية. فالمعلوم ان هناك اكثر من ثلث اعضاء المجلس بكثير يرفض قطعا هذا الخيار.
اما الحديث عن «متابعة الرئيس سليمان مهامه بعد 25 ايار» فهو يحتاج حتما لتعديل دستوري، وبالتالي تنطبق عليه قواعد وشروط التمديد او التجديد، ولا سبيل اليه الا من خلال هذا السلوك الدستوري عبر المجلس النيابي.
وتعتقد مصادر نيابية بارزة في هذا المجال ان الكلام عن التمديد مجددا اكان «متابعة مهمة لانتخاب الرئيس» او تمديد لسنة او اكثر، هو من باب ذر الرماد في العيون او محاولة من طرف او اكثر استرضاء بكركي، والايحاء للرأي العام بانه ضد الفراغ الرئاسي حتى لو اقتضى ذلك التمديد لسليمان.
وتضيف المصادر ان هذا الطرف يحاول استغلال تفاقم الخلاف بين رئيس الجمهورية من جهة وحزب الله والعماد عون من جهة اخرى لرمي كرة مسؤولية الفراغ في خانتهما.وترى ان مثل هذه المحاولة مكشوفة وغير ناجحة، لان انتخاب رئيس الجمهورية قبل 25 ايار هي مسؤولية جماعية، ولا تقع على طرف دون آخر.

السابق
بين إيران و’حزب الله’ و’حماس’: عتب.. فوفاق
التالي
قصة اعتقال احمد النعمة تستمر فصولاً